د. عبد المجيد البيانوني
عضو رابطة العلماء السوريين
يقول الله تعالى : « يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله ، وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً » من سورة الأحزاب .
العمل الثوريّ يشمل كلّ فعل يقدّم لنصرة الثورة في أيّ جانب من جوانبها العسكريّة أو المدنيّة ، وهو عمل متكامل يشكّل وحدةً ذاتيّةً ، تظلّها خيمة المجتمع ، وإن بدا في ظاهره عدم الترابط بين أجزائه ..
ويغفل عن هذه الحقيقة بعض المشتغلين بجانب من جوانبه ، فتراه يعلي من أهمّيّة عمله وجهده فيه ، ويقلّل من أعمال الآخرين ويزدريها ..
والأسوأ من ذلك ألاّ تتّضح في أذهان بعض العاملين متطلّبات المرحلة التي يمرّون بها وأهدافها ، فتراه يشغل نفسه والآخرين بما ليس من شأنه واختصاصه ، وينظّر لمستقبل البلاد والعباد ، ويفرض آراءه ، وكأنّه حاكم بأمره ، ويمارس استبداداً وإرهاباً فكريّاً ما قامت الثورة إلاّ لاجتثاثه .. وكلّ ذلك ممّا يجني على حركة الثورة وإنجازاتها على الأرض ، ويرسم صورة ضبابيّةً مخيفة لمستقبلها ، مفتوحة على كلّ الاحتمالات ..
وهذا ما يؤكّد لنا أهمّيّة هذه الضوابط ، التي ينبغي على كلّ الغيورين على هذه الثورة أن يتحلّوا بها .. ومن خرج عنها فليكن منبوذاً من الجميع مشبوهاً ..
1 ـ انشغالنا بأيّ عمل من أعمال الثورة هو جزء من دعوتنا ورسالتنا ، وينبغي ألاّ يشغلنا الجزء عن الأصل والكلّ .
2 ـ ينبغي أن نثبت للعالم بأخلاقنا وانضباطنا وحوارنا الحضاريّ أنّنا أهل للحريّة والكرامة التي ثرنا لأجلها ..
3 ـ تجمعنا أهداف كبيرة شريفة ، وإن اختلفت مناهجنا ورؤانا ، فلننشغل بالأهداف التي تجمعنا عمّا يفرّقنا .
4 ـ لا للإقصاء ، ولا للتخوين ، ما لم تقم بيّنة قاطعة .
5 ـ لا للاحتراب بين الثائرين .
أيّها الشباب الثائر المتحمّس ! تحلّوا بالوعي والعقل ، والحكمة والحلم ، ولا تتعجّلوا الأحكام والخطوات ، وعودوا إلى الكبار في استجلاء ما خفي عليكم ، فلا يُحسِنُ التدبيرَ من ليس له كبير ..
وبعد ؛ فهذه المبادئ والضوابط لا يكفي أن نقبلها ، ونعجب بها ، بل لا بدّ من وضعها نصب أعيننا في حركتنا الفاعلة وعلاقاتنا ، وأن نتواصى بها ونتناصح ، ونعمل على نشرها ، لتكون ثقافة راسخة ، وخلقاً يميّز شخصيّتنا وعلاقاتنا ، وننكر على من يخالفها ويخرج عنها .. وبذلك نطمئنّ على هذه الثورة أنّها في المسار الصحيح ، الذي يبلّغها أهدافها بأقلّ الجهود والتضحيات ..
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول