أحفاد ابن تيمية ولا فخر - حين يعيرنا مقصوص الجناح بابن تيمية
أحفاد ابن تيمية ولا فخر
حين يعيرنا مقصوص الجناح بابن تيمية
زهير سالم
 
مضى زمن ونحن نغضي على عبارة يطلقها بعض القاصرين أو مقصوصي الجناح، على سبيل السبة والاتهام بنسبة أبناء الإسلام وأتباعه والملتزمين بنهجه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. فراجت عبارة (أحفاد ابن تيمية) على ألسنة البعض، فزاعة تلقى في وجوه الدعاة إلى الإسلام، العاملين على تثبيت عقائده والدفاع عن شعائره وشرائعه.
أحفاد ابن تيمية !! نعم ولا فخر..
ونحن الذين علمنا الإسلام أن ما من أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويرد. وعلمنا أيضاً أن لا أحد من أئمة الإسلام معصوم، غير المعصوم الأول محمد صلى الله عليه وسلم. وأن ادعاء العصمة لأي كان بعد رسول الله ما هو إلا بدعة في الدين وضلالة في الرأي.
نحن، دعاة الإسلام القائمين على أمره، الذابين عن عقيدته وشريعته، لا ندعي العصمة لإمام أو حجة أو مرجع كما لا ندعيها لقائد أو لزعيم أو لمعلم من أهل الدين أو من أهل السياسة كما يفعل غيرنا من أصحاب البدع والضلالات أو من أصحاب الأهواء وعباد الأشخاص.
ضمن هذا الثابت الشرعي والسياسي نعتز بانتمائنا إلى أئمة الإسلام وقادته إلى رجال الفكر والدعوة، وإلى العدول من قادة الأمة العظام الفاتحين. فيبقى لنا من الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي والثوري والطبري والغزالي والجويني والماوردي وابن تيمية وابن القيم وابن عبد السلام.. أئمة هدى، ومنارات علم وعمل، فنستضيء بفقههم، ونستنير بثمرات عقولهم، من غير حصر ولا انغلاق. نأخذ وندع نقبل ونرد، نتفهم الزماني من فتاواهم بحدود أزمنتهم، ونتفهم المكاني بمقتضيات أوطانهم، ونضع العام في إطاره من العموم، فنقبل ونرد وفق منهج علمي ثابت ومعلن وعلى أساس من بصر وبصيرة تنظر بنور الله.  
ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى، واحداً من أئمة الإسلام الأعلام، كان عالماً عاملاً، ومفكراً مجدداً، وقائداً مجاهداً، داعياً إلى ما اعتقد أنه الحق، صابراً محتسباً، يقارع الغزاة، ويناوئ المبتدعة وأهل الضلال، ويجهر بالحق ويصدع به، لا تأخذه في الله لومة لائم، يتمسك باجتهاده، ويدخل السجن من أجل كلمته، ولا تمنعه سنوات السجن الطوال من جهر بحق أو تعليم لعلم أو ثبات على موقف!! فأي شرف وأي رفعة ينالها المسلم بالانتماء إلى هذا الإمام العظيم، والمفكر الحر، والمجاهد الصلب، المجاهد للغزاة بالسيف، ولأهل البدع والضلالة بالكلمة الهادية الملتزمة؟!
أي شرف وأي عظمة ننالها ونحن نلتصق بمنهج ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفقه والفكر وفي الجهاد والتضحية وفي الصبر والثبات وفي الدعوة إلى النظر وحرب التقليد والمقلدين.
نعم أحفاد ابن تيمية ولا فخر!!
وقد كان ابن تيمية مرشداً في عصره، مجاهداً أعداء أمته لا يهادن ولا يلين، ولن يضير ابن تيمية، ولن يضيرنا من بعده، أن يتردد في بعض فقهه بين الأجر والأجرين، ولن يضير ابن تيمية، ولن يضيرنا من بعده، أن يكون في فقهه راجح ومرجوح، فهذا شأن العلماء والمفكرين والباحثين الجادين على مر الزمان.
ولن يضير ابن تيمية أن يتعلق بفقهه أو بمنهجه بعض الغلاة أو الجفاة فقد تعلق أمثال هؤلاء بدعوات الرسل والأنبياء ومناهج المصلحين العظام.
لن يضير ابن تيمية أن تؤطر بعض فتاواه بظرفيها، الزماني والمكاني، لتبقى شاهداً على مرحلة من الواقع السياسي والتاريخ الفكري، والتطور البنيوي، وإنما يقع الإثم والضير على الذي ينتزع الفتاوى من بطون الكتب، فيكون كحاطب ليل لا يدري ماذا يأخذ وما يدع. وإذا عد أئمة الأمة الأعلام لا شك أن يكون شيخ الإسلام في مقدمتهم بل أن يكون ابن تيمية في غرة أصحاب السبق فيهم.
أحفاد ابن تيمية نعم.. ولا فخر!! ورحم الله شيخ الإسلام أحد المعززين العظام لفقه المقاصد الشرعية، وأحد الباسطين لفقه الموازنات في جلب المصالح ودرء المفاسد وتفويت الصغرى لتحقيق الكبرى واحتمال الصغرى لدرء الكبرى.
رحم الله ابن تيمية أحد أعلام الأمة القامعين لأهل الضلالات والبدع من دعاة الفتن والزيغ والانحراف والمروجين للخرافات والدجل في بلاد الإسلام. رحمه الله إذ يقول إذا رأيت الرجل يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تقبل منه إلا بشاهد من الكتاب والسنة.
أحفاد ابن تيمية نعم.. ولا فخر

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين