اسألوهم : أيّ حوار يريدون ؟


 
د.طارق باكير
   بعد كل الذي حدث ، ويحدث كل يوم ، وكل ساعة ، وكل دقيقة ، من قتل وإجرام وتدمير وتشريد .. ما تزال أطراف دولية معروفة ، تصر على أن المخرج الوحيد من الكارثة الفظيعة التي تحل بشعبنا ، هو أن تجلس جميع الأطراف على طاولة الحوار ليتحاوروا ، أو سيستمر حمام الدم .. والسؤال الذي نتمنى أن يسأله سائل لدعاة الحوار هو : على ماذا ستتحاور كل الأطراف ؟ هل ستتحاور على :
 
 
    إما أن يستمر (حمام الدم ) ، وأظل أقتلّكم تقتيلا ، لا فرق بين طفل وشيخ ، ورجل وامرأة ، وكبير وصغير وحيوان وبهيمة .. وأظل أدمر دياركم تدميرا ، بالطائرات الحربية القاصفة المقاتلة .. (الممانعة) ، والصواريخ المدمرة .. (المقاومة ) ، لا فرق بين منزل ومسجد ، ومدرسة ومشفى .. وأظل أشردكم تشريدا من دياركم ، مع نسائكم وأطفالكم وبهائمكم ، فلا تجدون خيمة تؤيكم ، ولا شجرة تظلكم ، ولا لقمة تقيم أودكم ، وأظل أخرّب بيوتكم ، فأنهبها نهبا ، وأحرقها بالمواد الشديدة الاشتعال ، إذا تعذر هدمها ، حتى لا يبقى في البيت خرقة ، ولا ماعونا ، وأستبيح أعراضكم ، وحرماتكم .. أو أن تقبلوا بأن أحكمكم ؟
 
   هل يريدون من الشعب أن يحاور على هذا ، مَنْ يسمونه رئيسا ، ويسمونها دولة ؟ وهل سمعوا – هم - عن رئيس فعل بالشعب الذي يقع تحت حكمه ، حتى وإن كان غازيا محتلا ، مثل هذا ، أو عشر هذا ، أو شيئا من هذا ؟ لماذا لم يذكروا واحدة من هذه الدول ؟
 
    ثم كيف تريدون من الشعب أن يقبل أن يستمر في حكمه مجرم الحرب هذا ، وقائد الإبادة هذا ، ومدمر البلد هذا ، وجزار المسالخ البشرية هذا ؟ أما فيكم ذرة من حياء أو ضمير آدمي ، مادامت لكم اشكال كأشكال الآدميين ؟

    أو تريدون من الشعب أن يحاور على حجم المكافأة التي سيقدمها له ، في مقابل وقف القتل والتدمير ؟
    أو تريدون أن يكون الحوار على الاحتكام للشعب ، كما تعيدون وتكررون ، وهو المغيب منذ خمسين سنة ، وما اعترفوا بحريته وكرامته وإرادته يوما ، والذي فعلوا به كل هذا الذي فعلوا ويفعلون ، لأنه طالب بنتفة من حرية وكرامة ؟

     ليتهم يسألون هذه القوى الدولية ، التي يزعم بعضها نصرة المستضعفين ، وإذا بهم يتحولون إلى سيف إبادة لهؤلاء المستضعفين ، ويزعم بعضها حماية القانون الدولي ، وقد تجاوز جزارهم كل عرف وقانون ، ليتهم يسألونهم : على ماذا سيتحاور المتحاورون ، وعلى ماذا سيتفاوض المتفاوضون ، وإلى متى سيستمر حمام الدم الذي يهددون به ، هل سيستمر حتى إبادة شعب سورية وتشريده كاملا ؟ أو يمكن أن يتوقف بعد إبادة نصف الشعب ، أو أكثر أو أقل ؟ 
 
     ليتهم يسألون كي نعلم - وقد علمنا – وكي يعلموا – وهم يعلمون - أي قوم مجرمين ساقطين أنذال هم .. وأي قوم أنجاس موغلين بدماء الأبرياء هم ، وأي وزر من دماء وأرواح وأعراض وتدمير وإبادة .. حملوه ويحملونه هم ، وأي منقلب سينقلبون قريبا بعون الله!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين