حوار مع الدكتور عامر أبو سلامة

 

 
  • الموقف الدولي متخاذل إن لم يكن متآمرا  
 
 
بعد الزيارة التي قام بها إلى الجزائر وفد من المعارضة السورية، وبعد سلسلة اللقاءات التي جمعتهم مع بعض أحزاب المعارضة والمواطنين، "الرائد" التقت الدكتور عامر أبو سلامة، عضو قيادة بجماعة الإخوان المسلمين السورية، عضو المجلس الوطني السوري ورئيس الوفد وكان الحوار التالي.
 
 
 
الرائد: في أي إطار تكون زيارتكم للجزائر؟
عامر أبو سلامة: اسمح لي أولاً أن أشكرك على إتاحة هذه الفرصة، للتواصل مع الشعب الجزائري، من خلال هذه النافذة الطيبة، صحيفتكم الميمونة.
 
واسمح لي ثانياً أن أعبر عن نقل التعازي الحارة، بالراحل الكبير الشاذلي بن جديد- رحمه الله- هذا الرجل الوطني، الذي أحبه الناس ويثنون عليه، ولعل أميز ميزة له في تاريخ حكمه، تلك المساحة المهمة، من الديمقراطية والتعددية والحريات، التي نقل البلد لها، لتكون منطلق خير إن التزم بها يكون الخير كله في البلد الذي تكون فيه، رحمه الله ورحم صديقه الشيخ الغزالي، فهما ثنائية مهمة من تاريخ الجزائر، في فترة من الفترات، ونسأل الله الصبر والسلوان لذوي الفقيد ومحبيه، وللشعب الجزائري العوض.
 
أما زيارتنا للجزائر، تأتي في إطار شرح قضيتنا لمن نصل إليه من أبناء الشعب الجزائري الأبي البطل، آملين التعاون في إطار مناصرة هذا الشعب المظلوم، شعب سورية.
ونحن لما نزور الجزائر، نحمل في ذاكرتنا نضالهم ومقاومتهم للمستعمر، فالجزائر بلد المليون شهيد، وهو محدد التعامل مع هذا الشعب الغيور الأبي.
 
 
س- لكن الجزائر مرت بعشرية الفتنة والإرهاب؟
ج- ما حدث في الجزائر أيام العشرية، كنا نتابعه وكان يؤلمنا ويحزننا، ونستنكره بكل ما أوتينا من قوة، فهو مرفوض شكلاً ومضموناً، وصورة وموضوعاً، ومقدمة ونتيجة، ونحن بجماعة الإخوان معروف فكرنا، ومعلومة مواقفنا من مثل هذه القضايا.
ونتمنى للجزائر الأمن والاستقرار، وأن يجنب البلد الفتن ما ظهر منها وما بطن، فالجزائر رقم كبير في الأمة ومهم.
 
وشعب الجزائر فيه كل مقومات الوحدة والتلاحم، ومن الخطأ أن يفرط بهذه الثروة، بل يجب أن يستثمرها، في بناء البلد، على قاعدة السواء الوطني، والنهج الديمقراطي.
 
س- ألا توجد عصابات مسلحة وإرهابيون في الذي يحدث في سورية؟
ج- هذه دعايات النظام، حتى يبرر هذه الجرائم التي يرتكبها، والفظائع التي يقترفها، وإلا فثورة الشعب السوري بدأت بالأطفال والنساء، ثم شملت كل مكونات الشعب السوري، وصفهم النظام بالعصابات المسلحة، وقال عنهم إرهابيون، ومندسون، وجراثيم، وهم شعب طاهر يبحث عن حريته وكرامته، ولا يعرف التطرف إليه سبيلاً، ولا العصابات المسلحة له منفذاً، لكن نخشى إذا طالت المدة أن تظهر حالات غلو، أو صور تطرف، لأن ردود الأفعال ضريبتها شنيعة، ونسأل الله العافية.
 
س- ما رأيكم في الموقف الدولي تجاه القضية السورية؟
ج- موقف متخاذل، إن لم أقل متآمرا
 
س- لماذا؟
ج- لأنه يتفرج على ذبح الشعب السوري، ولم يقم بأي مبادرة جادة لإنهاء هذا الوضع، لا نسمع منه سوى الشجب والاستنكار، وإعطاء المهل وتضييع الوقت، المراقبون العرب مهلة، وكذلك مهمة كوفي عنان واليوم الإبراهيمي، لم يكن للموقف الدولي أي دور إيجابي، بل دوره سلبي.
 
 س- ماذا تريدون من الموقف الدولي؟
ج- نريد منه أن يضطلع بدوره، ولا يكيل بمكاييل متعددة، وهناك مؤسسات إقليمية ودولية يمكن من خلالها اتخاذ المواقف التي تعمل على مساعدة الشعب السوري حتى يحقق أهدافه.
 
س- والفيتو الروسي الصيني؟
ج- الموقف الروسي والصيني، موقف مؤسف، وهم شركاء في قتل الشعب السوري، ونقطة سوداء في تاريخ الدبلوماسية والعلاقات الخارجية للبلدين، والعالم يتخذ الموقف الروسي الصيني ذريعة، لمواقفه السلبية.
 
 

س- ما رأيك في من يقول بأن المجلس الوطني السوري لا فائدة منه ولم يقدم شيئاً للشعب السوري؟

 

ج- المجلس الوطني، تشكيل مهم للغاية، وهو مفتوح لكل مكونات الشعب السوري، بل فيه من كل مكونات الشعب السوري، على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم واتجاهاتهم السياسية، وما قام إلا ليخدم الشعب السوري، ويقف إلى جانب ثورته العادلة، وقدم خدمات كثيرة للشعب السوري، على المستوى السياسي والإغاثي والتعاون مع الجيش الحر، فمن الظلم أن نقول لا فائدة منه، بل وجوده ضرورة، ويجب أن ندعم وجوده واستمراره، وعلينا أن نتعاون حتى ينجح، في الهدف الذي لأجله نشأ، وكل عمل بشري لا بد فيه من وجود نواقص، نتعاضد على استكمالها، ويساعد بعضنا بعضاً في تجاوز أي سلبية، أو حدوث أي اختلال.
 
س- كيف الواقع على الأرض؟
ج- انشقاقات كثيرة عسكرياً ودبلوماسياً، تؤدي إلى تصدع النظام وشرخه من الداخل، توسع للمقاومة الشعبية والعسكرية، سبعون بالمائة من الأراضي السورية تحت سيطرة الجيش الحر والشعب السوري، النظام يقصف بشكل عشوائي بالطائرات والمدافع الثقيلة المدن السورية، ويلقي براميل المتفجرات على مساكن الناس بصورة همجية لا نظير لها، وكان نتيجة هذا عدد كبير من الشهداء، من أبناء الشعب السوري، الآمنين في بيوتهم، من الأطفال والنساء والشيوخ، إضافة إلى عشرات الألوف من الجرحى، وملايين المهجرين والنازحين داخل سورية وخارجها، وعشرات الألوف من المعتقلين وكذلك المفقودين، الخلاصة النظام الأسدي المجرم، يعمل على سياسة الأرض المحروقة، ويرتكب مجازر جماعية، وجرائم ضد الإنسانية كما تؤكد ذلك كثير من التقارير الحقوقية المحايدة، ففي سورية شعب منكوب بكل المقاييس، وعلى الأصعدة كافة.
 
ورغم كل هذا، البشائر كثيرة، والتلاحم الشعبي يزداد كماً وكيفاً، والنظام ينهار تدريجياً، وسينتصر شعبنا بإذن الله، ويسقط هذا النظام، ويصير في مزبلة التاريخ.
 
س- ماذا تنتظرون من الجزائر؟
ج- الشعب السوري يحب الشعب الجزائري، والثوار على الأرض ينظرون للجزائر أنها قدوة في الثورة على الظلم والطغيان والاستعمار، من يوم ما ثاروا على الاستعمار الفرنسي وحرروا البلاد، وهو شبيه بالذي يحدث في سورية اليوم، وما وقع في الجزائر في العشرية المؤلمة لا يشبه ما يحدث في سورية اليوم، بأي وجه من أوجه الشبه، ومن الظلم أن يشبه ما يحدث في سورية الآن بما حدث بالجزائر في العشرية السوداء، فتلك عشرية سوداء مدانة لدى أبناء الشعب السوري، ومحزنة ومؤلمة، بينما ما يحدث في سورية- رغم المحنة الكبيرة- ثورة حرية وكرامة، واستقلال جديد.
 
من هنا نأمل من الجزائر حكومة وشعباً، أن يفرقوا بين ما حدث بالجزائر في العشرية السوداء، وما يحدث في سورية، فالفرق كبير، ومن ثم يقفوا إلى جانب الشعب السوري في قضيته العادلة، ويمدوا يد العون للجرحى والمنكوبين والمهجرين، ويساعدوا- بكل سبل المساعدة- ثورة الشعب السوري، حتى يقرر مصيره بنفسه، وبالطريقة التي يرتضيها.
حاوره: سليمان. ش

 

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين