القضية الكردية والحل الإسلامي2 - الأكراد
هذا بحث كتبه الدكتور حسين عبد الهادي( أبو بلال) حول القضية الكردية تناول فيه موقف الإسلام من الظاهرة القومية، وعن المشكلة الكردية التي صنعها الاستعمار ، ونتيجة موقف الإسلاميين السلبي من الأكراد، ثم يدعو الكاتب الكريم إلى فهم صحيح للقضية الكردية والعمل الإسلامي في كردستان.
 
القضية الكردية والحل الإسلامي
ـ 2 ـ
بقلم: د. حسين عبد الهادي.
4 ـ الأكراد ووحدة الأمة:
الخطر كل الخطر في تجزئة مصلحة الأمة، حيث يؤدي إلى تجزئة في الإرادة، فيغدو الأكراد منحصرين في حكم ذاتي، بينما يؤدي توحيد الإدارة إلى حقوق جاملة، فلا نعود نطالب بحقهم في العراق فقط أو تركيا فقط أو إيران فقط، بل حقهم في ولاية كردستان، مهما اختلفت تقسيماتها السياسية، أو نظم الحكم الموجودة فيها، وعندئذ ستتفاعل وتتكامل اللغة الكردية مع زميلاتها، لأنها ستصبح جزءاً من ثقافة الأمة.
واعتماد وحدة الشعب يخلص القضية من الحرص الزائف، ويمنع وجود عصبية تؤثر على وحدة الأمة، وهذا يلغي مفهوم الأقلية بالمعنى السائد حالياً، فوحدة الأمة قائمة على شعوب مع الإقرار بتداخل هذه الشعوب بعضها ببعض، فنحن لا نتعامل مع أقلية محدودة، بل مع مجموعة عناصر بشرية تشكل الأمة بكاملها، والأكراد في واقع وحدة الأمة يخرجون من استبدادية النظام الحالي المفروض عليهم.
فهم بتاريخهم وثقافتهم ومجموعهم ـ بشكل عام ـ يعتبرون ضمن النسق الحضاري الواحد المشكل للأمة والمؤثر بها وبخط ارتقائها، وبهذا تسقط دعاوي القوميين الذين يعتبرون الأكراد دخلاء، لأن قاعدة وحدة الأمة تضعهم على قاعدة المساواة مع الآخرين، ومع الأسف فإن هذه القاعدة الإسلامية الإيجابية غائبة اليوم ضمن المنهج السياسي المفروض على القضية الكردية، فعندما تجرد الأكراد من حقوقهم لتصبح حقوق أقليات، فإن الأمر يصبح خارج إطار القواعد الأساسية التي تقوم عليها وحدة الأمة، لأن إنكار الحقوق لأكثر من ثلاثين مليوناً من الأكراد المسلمين يؤدي إلى تجزئة الوطن والأمة شئنا أم أبينا!!.
فإذا أردنا وحدة التراب العراقي أو التركي أو الإيراني مثلاً فلنطرح تصورنا وفق القاعدة السابقة، الحقوق قبل كل شيء، ووحدة الإنسان قبل وحدة التراب.
إن الشعب عندما يحصل على حقوقه، هو الذي سيحمي وحدة الأرض وسيادة الاستقلال، أما وحدة الأرض المزعومة اليوم فهي لا توحد الأمة ولا تحافظ على سيادة الاستقلال، والواقع خير دليل على ذلك.
عندما ينطلق الطرح من قاعدة الحقوق والواجبات، سيرضى جميع الأطراف، وستتوحد المشاعر، وتتقارب النفوس مع العدل والمساواة.
5 ـ المسألة الكردية وأوهام الاستيعاب السياسي:
السياسة وسيلة لا غاية، وأنها بالدرجة الأولى علم تمتاز به المجتمعات الراقية، فالسياسة تتطور بقدر ارتقاء الأمة ومؤسساتها، فالعمل السياسي المبني على وفق مصلحة الأمة ومنهجها، هو وحده القادر على قيادة مسائل الأمل نحو الحل النهائي.
والسياسة الراقية هي التي لا تجعل الحكم يمنح هوية المجتمع وانتماءه، بل المجتمع يمنح هوية الحاكم.
وإذا نظرنا إلى واقعنا وفق هذه القاعدة نجد أن أمتنا واجهت كافة تعقيدات القرن العشرين بعد سقوط الخلافة الإسلامية، حيث ظهر التعارض بين وحدة الأمة ومصالحها وبين الدول الإقليمية، وبهذا الوضع وصلنا إلى ذروة التأزم دون وضع حدود واضحة لأسباب المشاكل الداخلية والخارجية.
إن مخططات تقسيم الأمة من قبل الأعداء في القرن العشرين كانت بداية أزمة المنطقة كلها، وليست كردستان فقط، وهي النقطة الفاصلة لظهور الدولة القومية، وتجزئة المصلحة الواحدة والإرادة الواحدة، وبما أن هذه المخططات لم تكن تملك الأساس الحقوقي لوضع الحدود، لذا فإنها جاءت تفتت حتى الأشكال القبائلية الموجودة في المنطقة، لأنها لم تراع الواقع الاجتماعي، وإنما تجسد مصالح الأمم الواضعة لها.
فليس الأكراد وحدهم تمزقوا بهذا التآمر ـ وإن كانوا أكثر من تضرر ـ بل كافة عناصر الأمة، لأن هذا التقسيم الجائر أدى إلى خلق توترات دائمة في كل منطقة.
وهكذا قامت الدولة القومية وفق نسق سلطة خارجية، فشرعيتها تنبع من المخططات الدولية، لذا فإنها تفرض قسراً على الواقع، فهي بالتالي تفرز تلقائياً فئة حاكمة تعطل التفاعل الاجتماعي والحضاري كما هو الوضع في العراق.
لأن هذه الدولة أو غيرها غير قائمة على أساس حقوقي واضح، فهي لا تعبر عن المجتمع ووحدته، لذلك تكون تربة خصبة لظهور مختلف النزاعات العرقية والفئوية، فالأحزاب أحزاب فئات، والمؤسسات مقصورة على جزء من أبناء الأمة المنتفعين المنافقين، ولا تحقق مصالح الجميع، فالوضع القبلي أو الطائفي أو العرقي أو الحزبي يتجسد مباشرة داخل هيكلية الدولة، فهل يمكن استيعاب الأكراد وفق هذه السياسة؟
وهل نلوم الأكراد إذا ما انفجروا في وجه الدولة القومية؟
وهل يمكن حل القضايا من خلال الدفاع عن الوضع القائم جغرافياً أو اقتصادياً؟ أم لابدَّ أن نطرح كل قضايانا بجرأة وواقعية على بساط البحث، لنضع النقاط على الحروف من خلال الحوار وفق القاعدة الحقوقية، ووحدة الأمة، بعيداً عن الثقافات المغلوطة والعواطف الباردة.
ونستطيع اليوم قراءة مشاكلنا المتراكمة برؤية علمية، الأمر الذي لم يكن ممكناً في بداية القرن العشرين عندما بدأ تشويه وعينا مع موجات التنكيل والتزوير.
إن إجراءات الدولة الإقليمية ـ وريثة المنهج الغربي ـ تزيد من قوة الانتماء المشتت والرؤية المجزأة، وجرت المنطقة إلى تخلف حضاري واستعمار عسكري واقتصادي وثقافي... بعد الغزو الاستعماري العسكري والفكري لم يكن الوضع السياسي فقط هو المشتت والممزق بل الرؤية التاريخية أيضاً، فكانت اتفاقيات المستعمرين ومعاهداتهم في المنطقة بداية تفريق ثقافي واضح، يساعد على حرق كافة الإمكانات لوحدة الأمة، ولذلك أصبح تدوين التاريخ إرثاً دموياً عبر المذابح والاقتتال الذي دار بين الأكراد والحكومات المستبدة من جهة، وبين هذه الحكومات وشعوبها من جهة أخرى.
ونحتاج اليوم لتصحيح المسار لجعل التاريخ مفتوحاً وواضحاً لكافة أبناء الأمة، وذلك بكل جرأة ووضوح، وإلا فسيبقى التاريخ أحداثاً متفرقة وعرضة للاستغلال من قبل الأعداء.
ومن هذا المنطلق يجب أن نفهم الوضع السياسي المحيط بالأكراد لكي لا نقع في فخ التفسيرات الخاطئة وخصوصاً بعد تدخل أمريكا في المنطقة.
فالوضع السياسي هو كما يلي: المنطقة لا تملك ضمانات استقرار أو أمان من قبل الدول القومية الحاكمة، وسياسة التذويب والاضطهاد مستمرة فيها، والتي لا تحمل سوى المآسي، وخصوصاً أن الدول القومية لا تلتقي على شيء ما عدا القضية الكردية فتنسق فيما بينها، فالصراع في الظاهر والباطن مستمر، وخصوصاً أن الإسلاميين ليس بيدهم الأمر في إنقاذ المنقطة من وضعها المأساوي.
لقد ساد المنطقة حالة عدم ثقة، فالفرز القائم يضمن البقاء للمجموعة الأقوى التي تسندها جهات خارجية، وقد أكد ما حدث الأكراد من مذابح دامية في العراق وتركيا، فالقضية الكردية إزاء السياسات العنصرية، لم تعد مجرد خلاف على الحقوق، بل تجاوزته لتدخل في الإطار النفسي الاجتماعي العام القائم على عدم الثقة أو الشعور بالأمان.
كيف نطرح القضية؟:
يمكن أن نطرح حلنا من القاعدة الحقوقية التي تحدد العلاقة بين الأفراد من جانب، وبين الشعوب من جانب آخر، فغياب هذه القاعدة يدخل مسائلنا في حكم المستحيل المستعصي.
المسألة المستحيلة لا توضح العلاقة مع الآخر لعدم استنادها لقاعدة حقوقية، الأمر الذي يجعلها مشاعاً لتدخلات من الخارج فيسهل استغلالها من قبل الآخر، فانفجار المسألة الكردية عقب حرب الخليج، وارتفاع وتيرة التوجه نحو المسألة الفلسطينية يدلان بشكل واضح على عمق تدخل السياسة الدولية في المسألتين في آن واحد، على الرغم أن التدويل في هذه المسائل غير مفيد، ونحن نملك إرثاً تاريخياً محبطاً من سياسة التدويل، فعصبة الأمم مثلاً عندما تدخلت في المسألتين في العشرينات من هذا القرن سببت مزيداً من التدهور والضياع للحقوق.
المسألة المستحيلة تفرز حلولاً دبلوماسية لا علاقة لها بالواقع، فضياع القاعدة الحقوقية يجعل كافة المبادرات والحلول شأناً متعلقاً بالآخر، وليس بأصحاب المسألة، مما يجعل الحلول صفقات سياسية لا علاقة لها بمصير المجتمع والأمة.
ولهذا لابدَّ من مبادرات سياسية واقعية، وفق القاعدة الحقوقية ووحدة الأمة للمسألة المستحيلة، لأنها في حقيقتها تعبر عن مأزق سياسي بالدرجة الأولى.
وبالنسبة للمسألة الكردية تبدو معظم الأبحاث والمقالات معتمدة على نقطة مطلقة هي: الأكراد وما عليهم، أي: أنها تفترض مسبقاً افتراق الأكراد عن الوضع العام للأمة والانتماء لجغرافيتها، ولذلك فإن النظر في هذه المسألة وفق القاعدة الحقوقية مع النظر في مصلحة الأمة هي أساس كافة التصويبات التي يمكن أن تصحح مسار المسألة الكردية، وتدفعها نحو حالتها الطبيعية.
إننا أمام محاولة إيضاح إستراتيجية الحل الإسلامي لهذه القضية نجد أنفسنا أمام كم من المعالجات التي أفرزت قاموساً ضبابياً لأبعد حد، فهذه القضية داخلها الشأن الداخلي والخارجي، وذلك بسبب ضياع الهوية والحقوق، ولهذا لابدَّ من صوابية المنهج من جهة والوضوح من جهة ثانية لحل هذه المشكلة.
إن الحل الإسلامي يحاول إعادة التفاعل داخل الأمة عبر توضيح ماهية الأمة، وإبراز الهوية داخل العناصر المكونة لها، ثم يأتي الأمر الحقوقي ليثبت توازناً في الحقوق والواجبات، ويزيل كافة أشكال اللبس، ويعطي زخماً للأمة من خلال الاستفادة من كافة الإمكانيات المتوفرة.
فالأمة بدون الجامع العقدي تصبح قطعاناً بشرية تتحكم فيها النزوات المريضة والإرادات الخارجية، و هذا ما حصل من خلال هذا القرن عندما ضاعت الهوية.
وقواعد الحل الإسلامي لا تصبح مجديةً دون المؤسسة الجامعة التي تضمن استمرار العمل وتصونه من رغبات الأشخاص، لأن ماهية الأمة لا تعود إلى أصل سلالي واحد ومعين بل هي مزيج من كافة الشعوب والعناصر منذ فجر الإسلام، ولا يمكن فهم الأمة بتعدد الولاءات لأن الأمة الواحدة تفرض الولاء الواحد على أي ولاء آخر، وعندما تعددت الولاءات في أمتنا نجد أن النكبات جعلت منها أجزاء متباينة ما بين الولاء الطائفي والعشائري والقبلي والأسري والحزبي مما يفكك حقيقة الولاء الواحد.
إن إزالة الحواجز بين مختلف العناصر المكونة للأمة هي التكتيك العملي لتطبيق استراتيجية المجتمع الواحد.
فتمزيق الجغرافيا هو حكم على الأمة بالتمزق والتقسيم والانعزال، وهذا ما حصل رسمياً في اتفاقية سايكس بيكو، حيث انقسمت الأمة، وأصبحنا نعيش حالة المسألة المستحيلة بالنسبة للشأن الكردي، فجغرافية الوطن وحدوده ليست مطلقات ترسمها السياسات الدولية والإقليمية، إنما هي حياة الأمة ووحدتها، لأن الجغرافيا هي كل متكامل فلا يمكن مثلاً أن تفهم كردستان في ظل تقسيم إقليمي لأن هذا التمزق يمزق القاعدة لوحدة الأمة.
وليس الشأن الكردي سوى واحد من الأمور التي يجب أن تجابه وتوضع الحلول لها، لأنها في النهاية تخصُّنا كأمة تحرص على وحدتها، ولأن الأكراد خضعوا للتمزيق والاضطهاد المستمرين في هذا القرن، وقامت الإرادات الأجنبية عبر السلطة الإقليمية في الفصل ما بينهم وبين الأمة عبر خلق نقاط قواعد تعسفية، ولهذا فإن الحل الإسلامي يرفض كافة المبادئ والقواعد الاستبدادية، ويعارض التدخلات الأجنبية لحل هذه المسألة.
الحل الإسلامي يأخذ الأمور من أساسها فيعتبر أن عليه مواجهة النزاعات العنصرية لدى الدول الإقليمية التي أدت إلى ترسيخ تمزيق الأمة في النفوس بعد أن كان في الجغرافيا.
فعندما تنعدم الحدود الإقليمية السياسية وتكون هناك ولايات إسلامية، يصبح التعامل بين الأفراد مفتوحاً دون قيود عرقية، فعندئذ تقوم الوحدة داخل الوطن الإسلامية.
إن العشوائية والانقياد وراء تيار المشاعر فقط لا يجدي في مجال تنفيذ الحل الإسلامي فلابد هنا من التنظيم والتخطيط وربط المسألة الكردية بكافة مسائل الأمة الأخرى كي يكون الحل إسلامياً متكاملاً.
قومي وهي تترك في النفوس جراحات عميقة لا تندمل بسرعة.
ولقد وقف المسلمون في الماضي من الأكراد موقفاً سلبياً ، وكان لهذا الموقف السلبي نتائجه الخطيرة، سواء كانت في معتقداتهم، أو كيانهم الشخصي، وقد ضيع المسلمون فرصاً كثيرة كان بالإمكان الاستفادة منها، والتخفيف من الويلات والكوارث التي حلت وتحل بإخوانهم وأخواتهم من هذا الشعب المسلم، والآن هذه هي الفرصة تمر أمام المسلمين فلنر ماذا سيعملون؟
أليس المسلمون أولى بإخوانهم الأكراد من الغربيين؟
هذه هي مأساة المشكلة الكردية إنها بحاجة إلى سماع الصوت الإسلامي في كل مكان يدافع عن حق الأكراد في الحياة.
نجد كاتباً تركياً وهو إسماعيل بشكجي يدافع عن القضية الكردية بجميع أبعادها ويقول: يجب كتابة تاريخ الشرق الأوسط من جديد، إن الأكراد فقط هم القادرون على كتابتها، لأن الأكراد هم أكثر المتضررين حسب الكتابات الموجودة حالياً .
إن الكتابة من جديد ستأخذ الوزن السياسي والاجتماعي للأكراد،والمصالح الكردية بعين الاعتبار.
ويقول عن تهمة الانفصال: « نعم يطلقون صفة«الانفصاليين» و«خونة الوطن» عليهم يا لها من مفاهيم خاطئة ، إن إطلاق كلمة الانفصالي على الأكراد خطأ فادح، لأن الأكراد لا يجزون وطن الأتراك تركيا، بل إنهم يدافعون ويحمون وطنهم كردستان.
واضح إذن أن الانفصاليين الأوائل كانوا الفرنسيين والإنجليز والكماليين وغيرهم، وهؤلاء هم الانفصاليين الحقيقيون، لقد قدموا المساعدة لبعضهم البعض وجزأوا كردستان فيما بينهم.
«لقد اتهم العلمانيون الأتراك الأكراد بالانفصاليين ، لكي يحجبوا التاريخ عن الأنظار، إن الأنظمة الحاكمة في كردستان أضاعت وأتلفت الوثائق التي تنير التاريخ ، وبالتالي أنكروا وجود الأكراد من ناحية أخرى، استخدموا كافة الأساليب من أجل إمحاء تاريخ الكرد وكردستان.
الطرح الإسلامي يكون واقعياً لأنه يرفض كافة الحالات المجتزأة والفوضوية الموجودة في الأمة.
إن ما عرضناه هو المخارج التي نصل إليها عبر هذا الحل، وهو طرح فكري بالدرجة الأولى، فالمسألة الكردية بعد أشكال المعاناة والاضطهاد التي طرأت عليها، وبعد الأحداث السياسية التي ضربتها تشابكت بحيث أصبح المنهج العلمي والموضوعي غائباً عنها، فهنا لا نسجل قوالب جاهزة للحل، أو صيغاً سياسية يمكن اتباعها لتصبح الأحلام واقعاً، إنما ننوه بالمنهج الغائب بكل ما يعنيه غيابه من غموض في مسائلنا.
فالشأن الكردي اليوم هو خط النضال والمعاناة في جزء من أمتنا، وهو عرضة لمختلف أنواع المساومات والضغوط والمبادرات، بينما يبقى النظر فيه مقصوراً على فكرة ضيقة، هي التشكيل السياسي والظرف السياسي، دون أي اعتبار لترابط هذا الشأن مع قضايا الأمة.
فالمطلوب اليوم إعادة صياغة ذاكرتنا المعاصرة، وبالتالي تركيب العقل المسلم وفق المنهج السليم بحيث يستطيع صياغة حاضرنا ومستقبلنا كافة بشكل جدي وواضح،وقضية من هذا النوع نحتاج لفهمها فهماً كاملاً إلى درس طويل عميق.
ولهذا يجب أن لا نتركها لمجرد الاستنتاجات والأمزجة الشخصية، أو الحالات السياسية العارضة، فلابد من دعوة كافة المهتمين بها للكتابة حول مسألة الحقوق والمساواة، لأجل أن نصل إلى فهم صحيح في ضوء الواقع، لأنه بناء على الغموض والسكوت نشأت الشركات السياسية لاستثمار النزعات المختلفة باسم الوطنية والقومية.
فإذا كانت الشرعيَّة تبحث عن شكل إنساني للأكراد، فإن الوضوح يقتضي أولاً وأخيراً دخول الأكراد في صياغة الحياة التي نطمح بها.
وليس الأمر مجرد حقوق سياسية أو مدنية، وإنما إرادة الأكراد جزء من إرادة الأمة، ومصلحتهم هي مصلحة الأمة.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين