إلى مأدبة الله عز وجل  سورة الذاريات - 10 –

إلى مأدبة الله عز وجل  سورة الذاريات - 10
الشيخ مجد مكي
 
]وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1)[
أقسم الله تعالى بالرياح التي تُثير التراب وذرَّات الماء وبخاره وتفَرِّقه.
 
]فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2)[
فالرياح الحاملات للسُّحُب الثِّقال بالماء.
 
]فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3)[
فالرياح الجاريات في الجوِّ جرياً ليِّناً رفيقاً.
 
]فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4)[
فالرياح التي تقسِّم اللقاحات على الأشجار والثمرات، وتقسِّم نُويات اللقاح على بخار الماء في السُّحب؛ لتكوِّن حباتِ ماءٍ تنزل أمطاراً، وتقسِّم السُّحب وتُوزِّعها على البلاد، لإنزال الأمطار بقضاء الله وأمره، على وَفْق حكمته. أقسم الله تعالى بهذه الظواهر الكونية العظيمة لما فيها من الدلالات على عجيب صنعته وقدرته وحكمته في كونه.
 
]إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5)[
إنَّ الذي تُبشَّرون به ـ أيها الناس ـ وتهدَّدون بمتابعةٍ وتكرير من البعث والحساب والثواب والعقاب لوعدٌ حقٌّ واقع في حينه المقدّر له.
 
]وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)[
وإنَّ الحساب والجزاء على ما يكسبُهُ الموضوعون للابتلاء في الحياة الدنيا لأمرٌ حاصل فعلاً بعنف وقوة لا بد منه.
 
]وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) [
وأقسم الله تعالى بالسماء المحيطة بالأرض ذوات الطرق المحكمة التي تسير ضمن حدودها النجومُ والكواكب والمجرَّات بإتقان عجيب مدهش.
 
]إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8)[
 إنَّكم ـ يا كفار مكة ـ لفي قول متخالف متناقض مضطرب في أمره تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمر الحشر، ليس لكم وحدةٌ فكريَّةٌ جامعةٌ لعقائدكم ومفهوماتكم حول الوجود والنشأة والمصير.
 
]يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (9)[
 يُوجَّه إلى الكفر والعصيان ، ويصرف عن الإيمان بما كُلِّفوا الإيمان به من صُرِف ، حتى يكذِّبه بحسب اختياره الحر وما في نفسه من انحراف ومكابرة.
 
]قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)[
طُرِد وأُبعد من رحمة الله إبعاداً أبدياً، الكذَّابون المعتمدون على الظنون الضعيفة التوهُّميَّة في قضايا تحتاج إلى براهين وأدلة يقينيَّة.
 
 ]الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)[
الذين هم منغمسون في غفلة وعمىً وجَهالةٍ، لاهُونَ غافلون عن أمر الآخرة.
 
] يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12) [
يستفهمون تكذيباً واستهزاءً واستعجالاً لوقوع العذاب : ـ يا محمد ـ متى وقت مجيء يوم الحساب والجزاء الذي تهدِّدنا به؟أوقعه الآن إن كنت صادقاً.
 
]يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13)[
إنهم سوف يتحسَّرون ويندمون، وقت هم على لهب نار جهنم يُعذَّبون بالحرق عقاباً لهم على كفرهم، تقولُ لهم خَزَنة جهنم، وهم يُعذَّبون بالحريق:
 
]ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (14)[
 قاسوا وتحملوا بكامل أجسامكم وأرواحكم عذابكم الذي رفضتم أن تؤمنوا به، هذا العذاب الذي تذوقونه اليوم هو الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا قبل أوانه تكذيباً واستهزاءً به.
 
]إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15)[
إنَّ المتّجنِّبين سخط الله الملتزمين بطاعته الذين أدَّوا حقوق مرتبة التقوى، وزادوا عليها من النوافل والقُربات حتى دخلوا في درجات مرتبة البر، ثم زادوا من صالحات الأعمال حتى ارتقوا إلى درجات مرتبة الإحسان، في بساتين عظيمة، وفي أمكنة قريبة من عيونٍ كثيراتٍ تجري فيها من لبن، وعسل مُصفّى، وماءٍ غير آسِنٍ، وخمرٍ لذَّةٍ للشاربين.
 
 ]آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16)[
 متلقِّين بالقَبول والرضا ما أعطاهم خالقهم ومالكهم ومربِّيهم بنعمه من الخير والكرامة والثواب ؛ إنهم كانوا قبل دخولهم الجنة مُحسنين في الحياة الدنيا يقومون بالأعمال الصالحة على أجود ما ينبغي بإخلاص واحتساب.
 
]كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) [
كانوا ينامون في زمن يسير من الليل ، ويُصلُّون أكثره، وربما مدُّوا عبادتهم إلى السُّدُس الأخير من الليل وقت السَّحَر .
 
]وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)  [
فإذا جاءت أوقات السحر اجتهدوا في سؤال الله أن يستر ذنوبهم وتقصيرهم في العبادة.
 
]وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)[
وفي أموالهم التي يملكونها من نقد ومتاع وزينة نصيبٌ أوجبوه على أنفسهم كرماً واحتساباً من غير الزكاة ،يبذلونه للسائل المسكين الذي يسأل الناس ويطلب العطاء منهم، والفقير المحروم المُتعفِّف الذي لا يسأل الناس حياءً، فلا يعطيه أكثر الناس لأنهم يظنونه غير محتاج.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين