المرأة في مصر القديمة7 - مركز المرأة في مصرومكانتها
المرأة في مصر القديمة
بقلم الشيخ: حاتم طبشي
كان مركز المرأة في مصر أرقى من مركزها عند كثير من الأمم، من خلال مكانها ومكانتها في المجتمع، وما لها من حقوق كانت تنالها كاملة، فلم تعرف المرأة المصرية – بشكل عام – الوصاية التي خضعت لها المرأة الرومانية أو غيرها في تلك العصور، فكانت حرةً في اختيار الزوج، وفي القانون تتساوى المرأة مع الرجل إلا في مواضع، ولها حق الإرث، فالأبناء الشرعيون يرثون أباهم بحصصٍ متساوية ذكوراً وإناثاً، فإن لم يكن للزوج أولاد فكل شيءٍ من الإرث يؤول للزوجة ([1].)
        ويبدو أن الحياة العائلية كانت على جانب كبير من التنظيم، وعلى مستوى رفيع من الناحية الأخلاقية، ومن حيث سلطان الأبوين، وكان الطلاق نادراً إلا في عهد الاضمحلال ([2].)
        وتستطيع المرأة في مصر أن تكون صاحبة أملاك، وأن تبرم عقوداً، وأن تلتزم بكامل حريتها، وتصور النقوش النساء يأكلن ويشربن مع الناس، ويقمن بقضاء حوائجهن من غير رقيب عليهن، ويمارسن الأعمال التجارية والصناعية بكامل حريتهن ([3].)
        على أن الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى عند الفراعنة هو ما فعلته الطبقة الحاكمة من إباحتها لنفسها نكاح المحارم، كما فعل الأكاسرة الفرس، وقد فعل هذا كثير منهم، مثل: أمنحوتب الثالث وبدأ ذلك بكبرى بناته: سات آمون، ورمسيس الثاني تزوج عدداً من بناته لكي يكون لهن أبناء عظماء مثله، وأمنحوتب الرابع الذي نكح ثلاثاً من بناته، وإيزيس تزوجت أخاها إيزوريس ([4].)
        وكانت زوجة الملك معظمةً، ولها كل الحقوق، تقف بجوار زوجها، وتظهر معه في المناسبات، كما كانت نفرتيتي مع زوجها أخناتون ([5].)
        ولقد سجَّل التاريخ نجاحاً للمرأة الفرعونية في إدارتها لدفة الحكم عند اعتلائها عرش مصر، فقد حكمت بجدارة كالملوك، وهذه حتشبسوت التي ورثت العرش بعد أبيها تحتمس الأول، أثبتت أنها لا تختلف عن الملوك في شيء، وحافظت على ملك تسلمته في ذروة القوة والمجد والرفعة ([6].)
        ختاماً:
يتبين مما تقدم أن المرأة المصرية تكاد تكون الوحيدة بين نساء الأمم المعاصرة التي نالت بعض حقوقها، ونعمت ببعض حريتها، ولم يسحقها ذلك الاضطهاد الذي اكتوت بناره غيرها من النساء.  


[1] - المرأة الفرعونية ص: 187، تأليف: كريستيان ديروش نوبليكور، ترجمة: فاطمة عبد الله محمود، الناشر: الهيئة المصرية للكتاب 1995.
[2] - قصة الحضارة، وول ديورانت: 2/96.
[3] - المرأة والأسرة، عبد الهادي عباس: 1/290.
[4] - المرأة الفرعونية صفحة: 45 و 50.
[5] - أخناتون: هو أمنحوتب الرابع، من الأسرة الثانية عشرة، حكم ما بين: 1380- 1362 ق. م، وهو الفرعون الوحيد الذي ثار على تعدد الآلهة، ونادى بتوحيد الإله.
[6] - قصة الحضارة، وول ديورانت، 2/77، وتحتمس الأول هو الذي طرد الهكسوس من مصر، وأسس الأسرة الثانية عشرة، وحكم ما بين: 1545 – 1514 ق. م
 
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين