الملل آفة العصر1 - آثار ظاهرة الملل السلبية
الملل آفة العصر
في ظل اهتمام الحضارة المعاصرة بالناحية الجسدية من الإنسان ، وبسبب ضغط الواقعالمادي الذي يعيشه أكثر الناس اليوم ، ولضعف صلتهم بربهم وطاعتهم له ..
انتشرتظاهرة غريبة في حياة المسلمين ألا وهي : ظاهرة الملل والسآمة ، والشعور بالضيقوالضجر.. والتي أصبح لها وجود نسبي يقل ويكثر لدى الكبير والصغير، والذكروالأنثى ، وصار كل واحد منهم يعبر عنها بأسلوبه الفريد ، وطريقته الخاصة .
مظاهر هذه الآفة : ولعلنا إذا تأملنا بعض التصرفات والسلوكيات التاليةرأينا أن من أسباب التعلق بها والإدمان على بعضها ، ما يعيشه أحدهم من آثار تلكالظاهرة الجديدة ..
 1 ـ سماع الاغاني والموسيقى.
 2
ـ ممارسة عادةالتدخين
.
3
ـ التفحيط والتسكع في الشوارع والأسواق
.
4
ـ مشاهدة القنوات الفضائيةوالإدمان عليها
.
5
ـ الهروب يوميا إلى الاستراحات مع الزملاءوالأصدقاء
.
6
ـ كثرة النوم وحب الراحة والكسل
.
7
ـ العزوف عن القراءة الجادة إلىقراءة الجرائد والمجلات الهابطة
.
8
ـ الثرثرة بالهاتف لغير فائدة أو للإساءةللآخرين
.
9
ـ إهمال الطالب مذاكرة دروسه وضعف الاستعداد للاختبارات
.
10
ـ الإسراففي ممارسة الرياضة وقراءة جرائدها ومجلاتها
.
11
ـ كثرة الأسفار والرحلات للترفيهالبريء وغير البريء
.
12
ـ الانصراف عن العمل الجاد والمثمر بأي أسلوب وطريقة . إلىغير ذلك من العلامات التي تدل على وجود هذه الظاهرة .
من آثار هذا الظاهرة :
وقد يستهين البعض بأمر هذه الآفة ، ويرىأنها أمر لا مناص من الانفكاك عنه ولا علاج لها ، آفة أنه ليس لها ذلك الأثر الذييستحق الحديث عنه . ولكن لو بحث أحدهم بكل صدق وموضوعية عن آثارها السلبية في عددمن جوانب حياته لرأى أن لها آثارا كثيرة ، نذكر منها أربعة:

أولا :ضياعكثير من الخير والطاعة : وذلك أن الذي يشعر بالملل والسآمة والضيق والضجر، تراه لايستطع القيام إلا بالواجبات من دينه فقط، وعلى تقصير وتفريط فيها، أما غيرها مننوافل الطاعات وأبواب الأجر والثواب، كالمحافظة مثلا على السنن والرواتب، أو القراءةالمفيدة ، أو القيام بواجب الدعوة أو غير ذلك، فإنك سترى حجته في عدم إتيانه بهاوالمحافظة عليها أنه ليس له فيها مزاج أو أنها سنة فقط ولكن تجده بالمقابل عندماتتهيأ له برامج الترفيه والتسلية ، ومناسبات الطعام والشراب فإنه يكون أولالمسارعين والمشاركين فيها ، بل والغاضبين إذا لم يدع . فانظر إلى آثار هذه الآفةعلى هذا الإنسان وكم فوتت عليه من مواسم الخير وأبواب الأجر؟
ثانيا :عدم تحقيق الآمال والطموحات : حيث إن هذه الآفة تجعل صاحبهاينصرف عن الجد والاجتهاد، والحرص والمتابعة، والاهتمام بتحقيق كثير من الطموحاتالعلية التي يسعى لها كل إنسان فمثلاً : إن كان طالباً قصر في دراسته، وإن كانموظفاً أهمل في أداء واجبه، وإن كانت زوجة فرطت في حق زوجها وأولادها وبيتها .. وهكذا تتساهل فئات كثيرة من المجتمع المصابة بهذا الداء عن الأخذ بأسباب النجاحوالتفوق الدنيوي في وقته ، ويكسلون عن البذر والزرع في أوانه ، منشغلين عن ذلكباللهو والترفيه لهذه النفس المضطربة، موسعين صدورهم بما لا يجدي ولا ينفع منالبرامج ، فإذا جاء زمن الحصاد وقطف الثمار لم يجدوا شيئاً، أو حصلوا على ثمرةرديئة، أو معدلاً منخفضاً، لا يؤهلهم للمستوى الذي يطمحون إليه ، ولا للمستقبل الذييتمنونه ، وعندها يشعرون بشيء من الحزن والأسى، عندما لا ينفعهم ذلك لفوات وقته .
ثالثا: خسارة العمر والمال :أن يُرفَّه عن نفسه باستمرار، ويضيع وقته بأيِّ عمل ، فما تحين أية فرصة من ساعات ، أوأيام من إجازة إلا وتجد تفكيره منصبا فقط في استغلالها بتلك البرامج الترفيهيةوالممارسات اللامسؤولة، بغض النظر عن أنها ستقطع جزءاً من عمره فيما لا طائل تحته ،أو أنها لن تنفعه أو تنفع أمته بوجه من الوجوه ، المهم الترفيه وكفى! ! ليس معنىهذا أن نحجر على واسع ، أو نُحرِّم شيئا أحله الله ، ولكن نقول : إن هناك فرقاً بينإنسان ضيع كثيراً من عمره وأيامه التي هي رأس ماله في هذه الحياة ببرامج الترفيه فيالبر والبحر ، والتمشيات والسفريات ، والقيل والقال ، والذهاب والإياب ، وأنفقالكثير من المال في تنفيذ وملاحقة تلك البرامج التي ليس لها كثير فائدة. وبين إنسانيفكر في الطموحات الأخروية، والأعمال الباقية بعد موته ، ويهتم بإصلاح نفسه وإصلاحأمته ، وبجتهد لذلك غاية الاجتهاد بحفظ وقته وماله وجوارحه ، ما بين علم إلى عمل ،ومن دعوة إلى عطاء، ومن صدقة إلى إحسان ، ومن تعاون إلى تكافل ، ومع ذلك لم يضيقعلى نفسه بما أباح الله - كما يتصور أولئك الجاهلون - إنما أعطاها من الترفيه قدرحاجتها وما يعينها على القيام بتلك الواجبات والطاعات ، مع احتساب نية الأجروالعبادة في كل ذلك .
رابعا: الوقوع في المعاصي والذنوب : وقد يصل بضغطهذه الآفة النفسيَّة عند هذا الإنسان وما يشعر به من ضيق وملل أن يفكر في إزالة هذهالحالة والتخفيف من معاناته بأية طريقة وأسلوب ، حتى ولو كانت عن طريق ارتكابالمحظور وفعل الحرام ، بحجة أن المباح لا يكفيه ولا يحقق له ما ينشده من سعادةوطمانينة ! فتجده مثلاً يقع في سماع الأغاني الماجنة ، ومشاهدة القنوات الفضانية الهابطة،وشرب الدخان والشيشة ، ومصادقة الصحبة المنحرفة ، وممارسة الفواحش والمنكرات ، إلىأن يصل به ذلك إلى استعمال المخدرات - نعوذ بالله من ذلك - وهكذا ينحدرمن سيئة إلى سيئة أسوأ منها، كل ذلك حدث لأنه لم يفكر جدياً بعلاج هذه الآفة فيبدايتها بالطرق الصحيحة والأساليب السليمة التي تتفق مع الدين والعقل ، وإنما تساهلفي صدها إلى أن أوصلته إلى هذه الآثار السيئة.
فالذي يعيش هذه الحالة تجد أن همَّه وتفكيره
 وفي الحلقة القادمة: الحديث عن وسائل العلاج.
من موقع: لك

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين