حدث في الحادي عشر من رجب

الأستاذ محمد زاهد أبو غدة

في الحادي عشر من رجب من سنة 212 تولى القاضي الصالح عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر التميمي القرشي قضاء مصر، ولاه إياه الأمير عبد الله بن طاهر والي المأمون على مصر.
 
وقبل الحديث عن القاضي عيسى بن المنكدر، يجدر بنا أن نتحدث قليلاً عن القضاء في صدر الإسلام، والأصل في الإسلام أن يعيِّن الخليفةُ القاضي للحكم بين الناس، وربما عيَّنه الوزير أو الأمير أو الوالي على المصر إذا منحه الخليفة الصلاحية في ذلك أو صرح به في عهده، لأن القضاء في الأصل مهمة من مهام الخليفة، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم واستقضى، وقضى الخلفاء الراشدون من بعده واستقضوا.
 
وكان التقليد المتبع قبل تعيين القاضي أن يقوم الخليفة أو الأمير باستشارة من حوله من شيوخ العلماء وكبار القوم، فيستعرضوا أسماء المرشحين لمنصب القضاء ممن يذكرهم الخليفة أو يقترحهم القوم، ويذكروا عيوب ومزايا كل مرشح، ثم يختار المسؤول من تجمع عليه الكلمة أو من يظهر فضله على غيره ظهورا لا خفاء فيه.
 
وكان الخليفة أو الوالي يسعى أن يتصف القاضي بصفات أهمها التقوى ومراقبة الله عزوجل، والعلم بالفقه، والنباهة والتيقظ، والحيدة والإنصاف، والصلابة في الحق، وذلك إدراكاً من الخليفة أو الوالي أن القضاء هو صمام أمان في المجتمع لإنصاف الضعيف والمظلوم وإحقاق الحق، وجاء تعيين عيسى بن المنكدر على هذا النهج الشوروي القويم، كما سنرى بعد قليل.
 
وكان تعيين القاضي في الأصل تعييناً مطلقاً إلى حين الوفاة أو العجز أو الاستقالة، ولكن كان الخليفة أو الوالي يعزل القضاة إذا بدا منهم ضعف أو نقص، أو ثبت في حقهم تحيز، وأحياناً على النادر إذا اتخذوا مواقف سياسية تتعارض مع مصلحة الدولة كما يراها الخليفة أو الملك.
 
وكان المأمون قد عيَّن في سنة 198 المطلب بن عبد الله الخزاعي والياً على مصر، فعزل القاضيَ لهيعةَ بن عيسى وولي الفضل بن غانم وكان المطلب قدم به معه من العراق فأقام سنة أو نحوها، ثم غضب عليه المطلب فعزله وولى لهيعة بن عيسى، فلم يزل قاضياً حتى توفي في سنة 204، وفي تلك الأثناء حدث تمرد على الوالي كان نتيجته أن تولى حكم مصر السريُّ بن الحكم في سنة 200 بإجماع من الجند، فلما توفي لهيعة، شاور السريُّ أهل البلد وعيّن إبراهيم ابن إسحاق وكان من مشايخ القراء، وجمع له القضاء والقِصص، أي إدارة ما يصل للأمير من أمور، فهو بمثابة مدير مكتبه، وكان إبراهيم رجل صدق، ثم أنكر بعض الأمور فاستعفى، فأعفاه السري وولى مكانه إبراهيم بن الجراح الكوفي، وكان يذهب إلى قول أصحاب أبي حنيفة وتتلمذ على الإمام أبي يوسف، ولم يكن ابن الجراح بالمذموم أول ولايته حتى قدم عليه ابنه إسحاق من العراق فتغيرت حاله وفسدت أحكامه، ولم يزل قاضياً إلى سنة 211، حين عين المأمون عبد الله بن طاهر، أحد كبار قواده ويده اليمنى، وكان في الحادية والثلاثين، والياً على مصر فعزل إبراهيم بن الجراح وولى عيسى بن المنكدر بن محمد بن المنكدر.
 
ويقال إن إسحاق أخذ من معاوية بن عبد الله الأسواني ألف دينار ليشير على أبيه أن يقرره على مسائله، فقال إسحاق لأبيه: أرى أن تولى علي مسائل المصريين رجلاً منهم وتستريح. فولي معاويةَ فأخذ ابن إبراهيم منه المبلغ، فلما ولي عيسى بن المنكدر بلغه ذلك، فسجن معاوية الأسواني بسبب ذلك.
 
قال أبو يعقوب البُويطي: لما ولي ابن طاهر إمْرَةَ مصر أَمَرَ بإحضار كبار علماء مصر، فحضروا وكان في الجمع عبد الله بن الحكم المصري المتوفى سنة 224، وهو والد الإمام محمد بن عبد الحكم، فقال ابن طاهر: إن جمعي لكم لترتادوا لأنفسكم قاضياً. فكان أول من تكلم الإمام يحيى بن عبد الله بن بكير تلميذ الإمام مالك، المولود سنة 155والمتوفى سنة 231، فقال: أيها الأمير ولِّ قضاءنا من رأيتَ، وجنبنا رَجْلَين: لا تولِّ قضاءنا غريباً لا زرَّاعاً. يعني بالغريب إبراهيم بن الجراح، وبالزرَّاع عيسى بن فُليح، فنهض إبراهيم بن الجراح فقال: أصلح الله الأمير، رجل من أبناء الدولة قديم الحرمة. فلم يستمع ابن طاهر له، ثم تكلم أبو ضَمْرَة الزُّهري فقال: أيها الأمير، الفقيهُ العالمُ أَصْبَغ بن الفرج. وأصبغ حاضر، فعارضه الإمام سعيد بن كُثير بن عُفَيْر، المتوفى سنة 226، فقال: ما بال أبناء الصبَّاغين والمقامص يُذكرون في المواضع التي لم يجعلهم الله لها أهلاً! قال: فقام أصبغ فأخذ بمجامع ثوب سعيد بن عُفَيْر وقال: أنت شيطان، ومن أين علمت أني من أبناء الصباغين! وارتفع الأمر بينهما حتى كادت تكون فتنة. فأقترح عبدُ الله بن عبد الحكم، عيسى بن المنكدر، وأثنى عليه بخير. فقلده عبد الله بن طاهر القضاء.
 
قال ابن عبد الحكم: قال لي ابن طاهر حين طلبت منه لابن المنكدر: كم ترى أنه يُعطى؟ فخشيت أن أقول شيئاً وما يريد الأمير أن يعطيه أكثر منه، فقلت: يقول الأمير. فقال: أمرنا له بألف دينار. فكرهت أن أعظِّمها عنده، أو أصغرها، وليست بصغيرة، فقلت: في ألف ما أغناه. فأمر له بها، وأجرى عليه أربعة آلاف درهم في الشهر، وهو أول قاضٍ أجرى عليه المرتب بمصر.
 
ولم يلبث عبد الله بن طاهر كثيراً في مصر بعد تعيينه عيسى بن المنكدر في القضاء، فقد غادرها متوجهاً إلى العراق بعد أسبوعين، وذلك في 25 رجب من سنة 212.
 
ولا بد للقاضي من كاتب أو كتَّاب يدونون القضايا ويسجلون الأحكام ويصدرون الصكوك، ومن المناسب أن نذكر ما رواه كاتب إبراهيم بن الجراح، عمرو بن خالد الحراني قال: ما صحبت أحداً من القضاة مثل إبراهيم بن الجراح، كنت إذا عملت له المحضر وقرأته عليه أقام عنده ما شاء الله أن يقيم، حتى ينظر فيه ويرى فيه رأيه، فإذا أراد أن يُمضي ما فيه، دفعه إليَّ لأنشئ له منه سجلاً فأجد بحافته: قال أبو حنيفة كذا، قال ابن أبي ليلى كذا، قال مالك كذا. قال أبو يوسف كذا. وعلى بعضها علامة له كالخط. فأعلم أن اختياره وقع على ذلك القول فأنشئ عليه السِّجل.
 
واستكتب ابن المنكدر المحدثَ أبا الأسود النضر بن عبد الجبار، كاتبَ القاضي عيسى بن لهيعة وراوي أحاديثه، والمولود سنة 145 والمتوفى سنة 219، والمقرئ داود بن أبي طيبة، المتوفى سنة 223، وعين كذلك أبا إسحاق إبراهيم بن أبي يعقوب بن عيسى بن عبد الله القسطال، وكان ممن أخذوا عن ابن وهب والشافعي، وكان من القبط الذين أسلموا، وتوفي سنة 260.
 
وكان القائم بأمر القاضي، أي مدير محكمته، تلميذُ الإمام مالك في الحديث والفقه، سليمان بن بُرد، ولكن سليمان مات في نفس السنة، فولى عيسى بعده عبد الله بن عبد الحكم، وكان يشير على عيسى بن المنكدر بالتعامل مع ما يستجد من تغير في أحوال الناس على قاعدة تغير الحكم بتغير الزمان، قال محمد بن عبد الحكم: أشار والدي على ابن المنكدر بوجوب اليمين للمدعي على المدعى عليه بالمال، ويسمى يمين الاستظهار، وإن لم تقم بينهما بينة بخُلطة، وذلك لفساد الناس، وبسبب هذا الفساد الذي تحدث عنه ابن عبد الحكم كان عيسى بن المنكدر يتنكر بالليل، فيستخبر أحوال الشهود، ويسأل عنهم.
 
وجرت العادة أن يكون للقاضي أعوان موثوقون من عُدول القوم، يعرفون أحوال الناس ويتولون توثيقهم، ولهذا أمر بالغ الأهمية في مجتمع قلَّ فيه من يعرف الكتابة ولم يتوفر فيه الورق، فكثر اعتماده على الاتفاقات الشفوية بحضور الشهود و بغيابهم أحياناً، ولما ولي عبد الله بن عبد الحكم مسائل عيسى بن المنكدر، أدخل في العُدول من استحق ذلك عنده، وقبل شهادته، واتبع في ذلك منهج الإسلام في المساواة بين الناس بغض النظر عن أنسابهم وحرفهم، فاضغن عليه بسبب ذلك بعض مشيخة المصريين، الذين كانوا على صلاحهم متأثرين بالنظرة الاجتماعية السائدة، وقالوا :أدخل في العدول من لا قَدْرَ له ولا بيت، مثل فلان الحائك وفلان المُسِلماني، وفلان البياع. فيقال: إن أبا خليفة حُميد بن هشام الرّعَيني لقيه فقال له: يا ابن عبد الحكم، كان الأمر مستوراً فهتكته، وأدخلتَ في الشهادة من ليس لها أهلاً. فقال له ابن عبد الحكم: إن هذا الأمر دِينٌ، وإنما فعلت ما يجب عليّ. فقال أبو خليفة: اسألُ الله ألا يبلغك الشهادة أنت ولا أحداً من ولدك.
 
وتابع عبد الله بن الحكم نصحه لعيسى بن المنكدر إلى أن تبرم بذلك عيسى فتوقف عن نصحه، قال سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم: لما ولي ابن المنكدر، وكانت حاشيته الصوفية، فكان إذا بلغ أبي أنه كان منه ما ينكره الناس، بعث له أخي عبد الحكم ينهاه عن ذلك، ويأمره بما يراه. فبعث إليه مرة، فالتفت إلى أخي وقال: ما يظن أبوك إلا أنه أعتق المنكدر! فأمسك عبد الله أن ينهاه عن شيء.
 
والأصل في القاضي أن يكون متفرغاً لوظيفته، وألا يقوم بأعمال من شأنها الإخلال بهيبة القضاء، وكان عيسى بن المنكدر له طائفة من أصحابه المتصوفة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلما ولي كانوا يأتونه فيعرّفوه بما يجري من امور ينبغي إنكارها، فيترك الحكم ويذهب معهم لتغييره، فكان إذا عذله أحد في هذا، يقول: لابد من القيام بأمر الله.
 
وكان عيسى بن المنكدر يجلس في المسجد غُدْوَةً ثم يروح ويعود لمجلس القضاء آخر النهار، وكان يسلك في أحكامه أحياناً أساليب غير مألوفة، ولكنها ناجعة، في حل الخصومات وإزالة الضغائن، مما عده بعضهم منه خفة في الحكم، ومن ذلك أنه جاءه خصمان فقضى لأحدهما على الآخر، وقال للمحكوم له: أَضجعْ خصمك. فأضجعَهُ، قال الراوي فقلت في نفسي: تُرى يريد ذبحه! ثم قال له: قُمْ، فاجعل رجلك على خدّه حتى يذل للحق. فلما خرجا قيل له: خالفت الناس في هذا، فقال: فإني لا أعود.
 
وجاءه خصمان فصال أحدهما على الآخر، فقال له عيسى: ابصق في وجهه. فتوقف، فقال: والله لا أحكم لك حتى تبصق في وجهه! ففعل فقال له: أذلّك الحق، فقم فادفع إليه حقه.
 
وحدث أن جاء أحدٌ من العلماء في قضية إلى عيسى بن المنكدر، فحكم عليه، فعرَّض المدعي لابن المنكدر بشيء قبيح، فأمر به عيسى فسُجن فلم يخرج من السجن حتى عزل عيسى، وكان عيسى يُنفق على عياله طول حبسه.
 
وجاءه مرة في خصومة ابنٌ ليحيى بن حسان، ويحيى بن حسان إمام حافظ أصله من البصرة ثم نزل تنيس بمصر، وتوفي سنة 208، فاتفق أنه ضحك في حال الخصومة، فأمر به فلُطم تأديباً له.
 
ولهذه الأمور غير المألوفة والبعيدة في العرف عن مسلك القضاة، أشاع بعض الناس عنه أنه لا يحسن القضاء، ولكن من كان يعرفه كان يدافع عنه، ذُكر عيسى بن المُنْكَدر عنده المحدث المعمَّر أبي شَرِيك يحيى بن يزيد المُراديّ، المتوفى سنة 246، فقيل: كان لا يحسن القضاء، فقال المرادي: معاذ الله، بل كان رجلاً صالحاً، ولقد كانت فيه خصلة حسنة نافعة للمسلمين لما ولي القضاء، جعل له صاحب مسائل يسأل له عن الشهود، ولم يقنع بذلك حتى يتنكَّر بالليل ويغطي رأسه ويمشي في السِكك يسأل عن الشهود، وقد رآه غير واحد من الثقات كذلك.
 
وكان عيسى حريصاً على سجلات القضاء، وكان أول الأمر يضع قِمطره في حانوت في دار عمرو بن خالد ففسدت قضية منها، فامتنع عمرو بن خالد من إدخال القمطر داره، فاكترى عيسى بن المنكدر منزلاً في دار عمرو بن العاص، فكان إذا انصرف وضع القِمَطْر فيها، وخُتم على الباب.
 
وكان عيسى بن المنكدر يتأثر كثيراً بأقوال جماعته من الصوفية، فقالوا له: اكتب إلى أمير المؤمنين تشتكي عمال الخراج، فكتب ودفع المأمون كتابه إلى المعتصم، وكان هو واليه على مصر وهو المسؤول عن أعمال الخراج وموظفيه، فأغاظه ذلك، وأضمرها له، فلما قدم مصر سنة 214 عزله بتهمة إصدار بعض الأحكام غير المناسبة، وسجن معه كذلك كاتبه ابن عبد الحكم الذي مات في السجن، وسجنه المعتصم لأنه كان من المعروف أنه الغالب على ابن المنكدر وصاحب مسائله، وكان ابن عبد الحكم أشار على ابن المنكدر ألا يشتكي عمال الخراج، فعصاه.
 
وأوقف المعتصم عيسى بن المنكدر للناس فجعلوا يثنون عليه، ويصيحون بالويل على من عزله، وطلب من وزيره أحمد بن أبي دؤاد أن يناظره ويعاقبه، وخشي ابن المنكدر من المساءلة فبعث إلى أخوانه، فاستشارهم فيما نزل به، فقالوا: لا تخف لأنك كنت تكتب سجلاً بكل قضية نظرت فيها، فإذا ناظرك غداً ابن أبي دؤاد فقلت له: لم أقض لأحد ولا عليه، إلا وقد كتبت قضيته في الديوان، فانظروها، فإن كان ما اختلفت فيه العلماء، فللقاضي أن يختار، وإن كان إنما خرج عن أقاويل المسلمين، لزمني غرمه.
 
فلما أصبح وسأله ابن أبي دؤاد أجابه بذلك، فأمر بالبحث عن صحة ذلك، فإذا هو كما قال عيسى، وقال ابن أبي داؤد لأصحابه: عِلمُ هذا الرجل خلاف ما كنا فيه. ولما وصلت نتيجة المساءلة إلى المعتصم قال: يفتش الديوان! حنقاً عليه، فأرسل عيسى إلى إخوانه في ذلك، فقالوا له: إذا سألوك أن تحضر الديوان، فقل: هو ديوان أمير المؤمنين، فإن كان أمركم بذلك، فهو بين أيديكم، وأما أنا فلا أدخل فيه. فكره المعتصم هذا، وخاف المأمون وأمر بإشخاصه إلى بغداد سنة 215، وبقي بها مسجوناً حتى توفاه الله قبل سنة 220، رحمه الله تعالى.
 
ولم يول المعتصم أحداً على قضاء مصر، فبقيت مصر ثلاثة سنين بغير قاض رسمي، ولكن كيدرَ أميرَ مصر أقام محمد بن مُكْنِف بن عبًّاد ينظر في المظالم ويحكم بين الناس، وبقي الحال هكذا إلى سنة 217 حين ولي المأمون أبا يحيى هارون بن عبد الله الزهري القضاء، وكان محموداً عفيفاً محبباً في أهل البلد.
 
أما نسب عيسى بن المنكدر فهو: عيسى بن المُنْكَدِر بن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير بن محرز ابن عبد العزي بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة بن كلاب بن كعب بن لؤي بن غالب، القرشي التيمي المدني الأصل، وجده المنكدر كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وله رواية، أما جده محمد، المولود بالمدينة سنة 54 والمتوفى بها سنة 130، فكان تابعياً من كبار المحدثين، موصوفاً بالزهد والصدق، قال عنه الإمام سفيان بن عيينة: ابن المنكدر من معادن الصدق.
 
وولد عيسى في مصر بالفسطاط ونشأ بها، وكانت أسرته ذات جاه وثراء، لهم فيها دار كبيرة، ووالده أبو بكر محمد بن المنكدر من كبار المحدثين في مصر روى عن جابر وأنس وعائشة رضي الله عنهم، وكان أولاده من المحدثين كذلك.
 
وقد روى عيسى عن أبيه وغيره، وأصبح من فقهاء مصر، وكان المذهب المالكي هو السائد في مصر، ويكفي أن نشير أن أغلب العلماء الذي استشارهم عبد الله بن طاهر عند تولية عيسى، كانوا من أصحاب الإمام مالك رحمه الله تعالى، وكان أهل مصر لا يعرفون إلا رأي مالك، فلما جاء الشافعي مصر سنة 198 وافقه جماعة كثيرة منهم، فصار يقع بينهم الجدال والمنازعة، وواجه الشافعي معارضة شديدة من هؤلاء الأئمة الأعلام لما اعتبروه شقاً للصف، وتشويشا على الفقهاء، وكانت بين ابن المنكدر وبين الشافعي مناظرة، انتهت بأن صاح ابن المنكدر بالشافعي: يا كذا يا كذا، دخلت هذه البلدة وأمرُنا ورأيُنا واحدٌ، ففرّقت بيننا! ودعا عليه.
 رحمهم الله جميعاً وغفر لنا ولهم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين