الأمَّة الإسلاميَّة ـ 1 ـ

الشيخ: مجد أحمد مكي

وُلِدَ الإسلام في جزيرة العرب، وهي قائمة على القبليَّة والعصبية لها، فالقبلية أساس الولاء، ومصدر الاعتزاز والانتماء، يرضى برضاها، ويغضب لغضبها، ويتعصَّب لابن القبيلة محقاً كان أو مبطلاً. وكل قبيلة تحاول أن تستعليَ على القبيلة الأخرى، وتنقص من أطرافها، ولهذا كثُرت الغارات من بعضهم على بعض، حتى قال قائلهم:
وأحياناً على بكر أخينا                إذا لم نجد إلا أخانا
فلما جاء الإسلام نقلهم نقلة كبيرة من سجن القَبَليَّة الضيِّقة إلى باحة الأمة الواسعة، وحذَّر أشدَّ التحذير من الدعوة إلى العصبيَّة بكل ألوانها، وخصوصاً العصبية القبلية، فعن جبير بن مطعم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: (ليس منا من دعا إلى عصبية، أو قاتل على عصبية، أو مات على عصبية) رواه أبو داود (5121)، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (....، من قاتل تحت راية عِمِّية، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقُتل: فقِتْلةٌ جاهلية،....) أخرجه مسلم (1848).
وسئل صلى الله عليه وسلم عن العصبية، فقال : (أن تعين قومك على الظلم) رواه أبو داود (5119)، على خلاف ما جاء به الإسلام من القيام بالقسط : [وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ] {النساء:135}، [وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا] {المائدة:8}.
وفي لحظة من لحظات الضعف البشري، أطلَّت النزعة القبلية عند بعض الصحابة، فتنادوا بأسماء قبائلهم : يا بني فلان، ويا بني علان، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد الغضب، وقال : (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم)!!.
وقال عن دعوة العصبيَّة كلمته المعبرة : (دعوها فإنَّها مُنْتِنَة) أخرجه البخاري (4905)، ومسلم (2584).
 مدلول كلمة الأمة في القرآن :
وردت كلمة (أمة) في القرآن الكريم بمعنى الجماعة من الناس في (44) موضعاً، منها قوله تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل: [رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ] {البقرة:128}، والأمة: كل جماعة أرسل إليهم رسول سواءً آمنوا أو كفروا.
ومحمد صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كافة: [قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا] {الأعراف:158}  . فالعالم بشرقه وغربه وعجمه وعربه، أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
 وأمة محمد صلى الله عليه وسلم تقسم إلى قسمين:
الأول أمة الإجابة: والمقصود بها: كل من استجاب لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم وآمن به ودخل في دينه.
والثاني:   أمة الدعوة، وتشمل سائر العالم بعد ذلك.
وأمة الإجابة هي المقصودة إذا قيل الأمة الإسلامية، أو أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
إنَّ المسلمين الذين رضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن كتاباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، وهم يزيدون على البليون عداً، هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
*   *   *

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين