الإنسان في القرآن ـ 4 ـ الإنسان قابل للعلم وصنعة الكتابة

الشيخ مجد مكي

ـ4 ـ
الإنسان قابل للعلم وصنعة الكتابة
امتنَّ الله على الإنسان بما فطره عليه من قابليَّته للعلم والكتابة لتحصيل المعارف والعلوم. قال تعالى: [اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ(4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) ]. {العلق}.
وحينما يولد الإنسان يكون خالياً عن العلم والمعرفة، والله سبحانه زوَّد الإنسان بأدوات المعرفة، وأصول البحث من سماع ، وقياس واجتهاد ، وأهمها الجوارح الثلاث : السمع والبصر والفؤاد. والمراد بالسمع : حاسته ، وبالبصر حاسته أيضاً ، وبالفؤاد : عمق القلب الذي يدرك به الوقائع والمعلومات، والذي تنطلق منه الإرادات.
قال تعالى:[وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ] أي: أعطاكم وسائل الإدراك وأدوات اكتساب المعرفة ، وخلق لكم جهاز السمع الذي تصل إليه المسموعات ، ومراكز الإدراك للمرئيات في داخل الدماغ ، ومراكز فهم الأمور والقضايا ؛ لاستنباط الأحكام ، والتمييز والتحليل والتركيب، وربط العلل بمعلولاتها ، والأسباب بمسبَّباتها ؛[ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {النحل:78}. أي : تستحضرون هذه النعم في نفوسكم وتذكرونها بالثناء على خالقها ، قلباً ولساناً وعملاً.
 
والإنسان مسؤول عن هذه الأدوات والقدرات التي يكتسب بها العلم :[وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا] {الإسراء:36} .
أي : ولا تتبع  - أيها الإنسان – في أيِّ أمر من أمور حياتك ما ليس لك به إدراك ومعرفة ولا إحاطة لك بحقيقته ، من قول أو فعل ، فالإنسان منهيٌّ أن يقول ما لا يعلم، وأن يعمل بما لا يعلم ، لأنه مسؤول عما علمه ، بأن يؤدِّيه حقَّ أداء ، دون الاعتماد على الظن الواهم والتقليد الأعمى.
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين