نصر من الله

 

بعد تلك الأسماء المباركة للجمع الأخيرة في ثورتنا المباركة،وجدت أن بعض الإسلاميين أو من يتفاءل بأي شيء كان له علاقة بالقرآن أو السنة على مبدأ أنهما حق لا جدال فيه،وجدتهم يفرحون لمجرد الاسم ويتخذونه كشعار للمظاهرات،منشورات الفيس بوك،إغاظة المتعلمنين،ولا يبحثون عن ما وراء هذه الآية ،عن تفسيرها،عن سبب النزول أو أي شيء يتعلق بها،بالمقابل أعداء الدين لا يؤلون جهدا في نقد هذه الأسماء واعتبارها رمزا للتخلف والرجعية واستخدام نصوص كانت صالحة قبل 1400عام وهي الآن _حسب رأيهم_غير صالحة،بل قد تزيد من هزيمتنا وتراجعنا،نعم هم يفهمون ذلك،ولكنهم حقيقة لا يفقهون شيئا.
في أمس الذاهب كانت جمعة _نصر من الله وفتح قريب_ عندما تأملت في الاسم لم أجد فيه حسب فهمي القاصر إلا معنى واحد وهو أن النصر والفتح قادم لا محالة،وأن الله وعدنا بالنصر لمجرد أننا مظلومون،ولأننا نحب النصر،وإن كنا بعيدين كل البعد عن شرعه ونهجه،لم أكن أفقه أن لهذا النصر أسبابا وشروطا إن تحققت تحقق بإذن الله،وإن عدمت فلن يتحقق إلا برحمة من الله،أيضا بسبب قصوري لم أشأ أن أطلع على تفسير لهذه الآية،إلا أنني تراجعت عن هذه الفكرة،وقررت أن أقرأ في تفسير هذه الآية ومن أكثر من كتاب،فتصفحت جميع تفاسير مكتبتي الورقية المتواضعة ومكتبتي الالكترونية العامرة،فوجدت عدة تفسيرات لهذه الآية،أغلب المفسرين ذكروا أن المقصود بالنصر والفتح القريب هو فتح مكة أو فتح فارس والروم،وأن البشارة في آخر الآية هي إما رضا الله عن المؤمنين في الدنيا والآخرة أو البشارة لهم بالشهادة والجنة،قلت: ربما تنطبق هذه الآية على واقعنا الحالي،وتجتمع كل معانيها في معركة الحق والباطل الحاصلة الآن في سوريا،أيضا عند التحرير،حيث أن المتحكم بجميع العالم هي أمريكا(الروم)وزيادة عليه أن يكون حكم شامنا تحت أيدي الفرس (إيران) خلصنا الله منهم عاجلا غير آجل.
ومن أعجب أو أحسن ما قرأت في التفاسير ما ذكره الإمام النسفي أن لفظة"تحبونها" في قوله: ((وأخرى تحبونها))جاءت من طريق توبيخ المؤمنين على محبة العاجل وهو النصر والفتح،قلت:وتأخر هذا المحبوب العاجل قد يولد في نفوسهم الكسل أو الضعف وأحيانا اليأس،وهذا الحاصل تقريبا لدينا في معركتنا هذه،ولكن رد الله ذلك في موضع آخر بقوله: ((حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا...))وهو من باب التفاؤل والتأكيد أن النصر مع الصبر ،وأن المنحة من قلب المحنة، وأن على المؤمنين المجاهدين أن يكونوا أكثر صبرا،ولا يتململوا من تأخر النصر فهو لم يتأخر إلا لحكمة يريدها الله جل وعلا.
ثم جاءت الآية الأخيرة في سورة الصف بترغيب المؤمنين أن يكونوا أنصارا لله،ذاكرا لهم قصة عيسى عليه السلام مع الحواريين،وأن من نصر الله نصره الله،وأن الله يؤيِّد المؤمنين ويظهرهم على عدوهم إذا هم حققوا الشروط المطلوبة:حيث ابتدأ الآيات بترغيبهم بتجارة ناجحة،ثم ذكر لهم ما يتوجَّب عليهم فعله للربح، فقال: ((تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم...)) ، ثم بين لهم فضل هذه التجارة بالترغيب بمكاسبها ومنها((نصر من الله وفتح قريب)) ،ثم أكد أن نصرة الله أيضا من أسباب النصر والتمكين كما في الآية الأخيرة في قوله: ((كونوا أنصار الله...فأيدنا اللذين آمنوا على عدوهم)).
هذا ما استطعت قراءته وتدبره في هذه الآيات ومحاولة تطبيق شيء من حِكمها أو معانيها على واقعنا الحالي،وإنني لم أبحث في هذا الموضوع أو أكتب به إلا لثقتي وعلمي بأن بعض شعاراتنا الإسلامية الثورية التي نكررها يوميا،ربما أكثرنا لا يفقه معناها، لو أننا عقلنا ها وتفهمناها جيدا لوجدنا فيها خيراً عظيماً ونفعاً كبيراً،يضيء لنا الطريق في ثورتنا،ويسلي نفوسنا المجروحة الصابرة،،،والله ولي التوفيق.
 
 
                             معاذ النشيواتي
                             المدينة المنورة
                             21/6/1433هـ

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين