بيان وفتوى في حكم الترشح والتصويت لانتخابات مجلس الشعب المقررة في سوريا في 7 أيار/2012

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
جواباً على أسئلة واردة من داخل سوريا ، حول حكم المشاركة في انتخابات مجلس الشعب المقررة في 7/أيار/2012 أجابت لجنة الفتوى بما يلي:
 
الحمد لله ربّ العالمين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء ، وإمام المرسلين ، وقائد الغرّ المحجلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد ؛
أيّها الشعب السوريّ الأبيّ في سوريا الأسيرة المرابطة ..
بعد مضيّ أربعة عشر شهراً على ثورتكم المباركة بإذن الله ، ثورة الحرّيّة والكرامة ، لا تزال عصابة القتل تراهن على وأدها بكلّ قوّة ، وها هو نظام القاتل السفـّاح يخرج على الناس بمهزلة انتخابات مجلس الشعب ، ليضيف مسرحيّة إلى مسرحيّاته العابثة ، ومهزلة من مهازل إصلاحاته الكاذبة ، وإجرامه الذي لا يستخفّ به إلاّ بعقول أمثاله من الأغبياء ، ولا يتواطأ معه عليه إلاّ المجرمون بحقّ هذا الشعب المصابر الأبيّ ..
ولـَعَمْر الحقّ إنّك أيّها الشعب الأبيّ لست بحاجة إلى فتوى أو دليل عن حكم الترشّح والتصويت لهذه الانتخابات ، وأنت ترى وتسمع وتشهد ما يجري في سوريا ، ممّا يفوق الوصف والخيال ..
إنّ هذا النظام القاتل يريد أن يهرب من جرائمه بهذه المهزلة الرخيصة .. يريد أن يخادع الساكتين والخانعين .. يريد أن يكافئ القتلة ، ويشتري أصحاب الضمائر الميتة ، والذمم الرخيصة ..
فأيّ انتخابات عبثيـّة ، وسوريا ساحة حرب حقيقيّة ، تنزف فيها الدماء كلّ يوم ، وتتناثر الأشلاء ، ولا يستطيع الناس دفن قتلاهم ، ولا يعرفون مصير مفقوديهم .. والأسلحة الثقيلة تدكّ المدن والأرياف صباح مساء ، وتـُقتل فيها النساء والأطفال ، كما يُخطف الرجال والنساء في طول البلاد وعرضها ، والأمن في أدنى مقوّماته مفقود ، وأعمال الناس متوقـّفة ، ومصالحهم معطـّلة .؟!
أيها السوريون الشرفاء:
كل أطياف الشعب السوري بكافة أديانه ومذاهبه وأعراقه تعلم أن سوريا اليوم تحكمها زمرة فساد وإفساد، لا ترعوي عن صنع المهازل، ولا تكف عن التزوير وقلب الحقائق، ولم تتوقفْ ولا يصَدِّق أحد بأنها قد تتوقف عن سفك دماء الأطفال والحرائر وتعذيب الشرفاء وانتهاك الأعراض.
ماذا بقي لكم أيها السوريون الأحرار؟!
إن في المشاركة في هذه الانتخابات ممالأة للظالم في ظلمه وعونًا له على جرائمه بتكثير سواد أنصاره، وهي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، لأنها اعتراف بالنظام المجرم وإضفاءٌ لصفة الشرعية على الحاكم الظالم وزبانيته المحاربين لشرع الله ولكل القيم الإنسانية من الحرية والكرامة والعدالة.
وكل مَن يشارك في هذه الانتخابات يقرُّ للظالم بشرعية  قتـْلِ من قتلهم واعتقال من اعتقلهم وتعذيب من عذبهم واستحلالِ مَن استحل أموالهم وأعراضهم وأنفسهم.
إن المشاركة في هذه الانتخابات الآثمة هي خروجٌ على حقيقة مبدأ الشورى الذي أمر الله به في قوله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، وهي مشاركةٌ في شهادة زورٍ وعملية خداعٍ وغشٍّ وتمويهٍ، لأن الغاية منها ليست سوى تضليل الرأي العام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشـَّنا فليس منا".
وكلنا نعلم كيف تـُزوَّر الانتخابات من قِبَل هؤلاء المجرمين وكيف تـُحسم نتائجها قبل بدايتها على الواقع.
وليس بخاف على أي فرد من أفراد هذا الشعب الأبي كيف يُدعى الناس أو يُساقون للمشاركة في هذا الزور والإفك، تضليلاً للسُذَّج، وإضفاءً لشرعية كاذبة على هذا النظام الظالم وأبواقه وزبانيته.
وبناءً على كل تلك الحقائق فإننا نؤكد عدمَ جواز الترشح أو المشاركة بالتصويت فيما يُسمى بانتخابات مجلس الشعب بأوصافه الحالية وفي إطار الظروف الراهنة في سوريا.
ونتوجه للشعب السوري الكريم داعين إلى مقاطعة شاملة لهذه الانتخابات التي يريد النظام المجرم استخدامها وسيلة للتغطية على جرائمه، وتضليلاً للرأي العام العالمي، وإيهاماً بأن الأمر قد استتب له في وطننا الحبيب.
هل يحتاج شعبنا السوري الحر إلى بيان لتقرير الحكم أو إظهار الفتوى؟!! ، فواقع الحال أصدق بيان ، ولكنّنا نكتب هذه الكلمات لنشدّ على أيديكم يا أهلنا في سوريا ، أن {اصبروا وصابروا ورابطوا ، واتّقوا الله لعلّكم تفلحون}، وأبشروا بنصر من الله وفتح قريب ، والله غالب على أمره ، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون . ويقولون: متى هو ؟. قل : عسى أن يكون قريباً .. 
والعزة لله ورسوله والمؤمنين.
4/ 5/ 2012

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين