النظام السوري والقوة الأسطورية

       

 بقلم الدكتور عامر أبو سلامة
المبالغة في وصف الأشخاص والدول, لا يكون عبثاً, بل قطعاً له أهدافه, وله مراميه, وهناك من يبالغ عصبية, أو جهلاً, وهذا يكون خارجاً عن إطار القاعدة العامة التي ذكرناها.
والملاحظ, أن هناك كلاماً مدروساً, يروج عن النظام السوري, ويصب في النهاية في صالحه, وإن كان سيأتي عليه في نهاية المطاف, لكن بعد أن يحرق الأخضر واليابس, وفيما يظهر, أن هذا أحد أسباب المطاولة في عمر هذا النظام.
المبالغة- أو حتى مجرد الكلام- عن قوة النظام السوري, من الناحية العسكرية, وتماسكه من الناحية السياسية, ودقته في الجوانب الأمنية,
وغير ذلك من مبالغات, فإن أصحابها’ لا يعدون أحد ثلاثة:
-        إما أن يكون من النظام, أو من أنصاره, أو من مخابراته, يفعلون هذا حتى يرهبوا الناس, ويدخلونهم في عالم الخوف,أو في اليأس والإحباط, الذي يعمل على هزيمتهم نفسياً.
-        أو يكون جاهلاً, لا يقدر الأمور حق قدرها, وإنما يردد ما يسمع, وهذا حتى لو كان من الطيبين, فكلامه لا يعول عليه, لأنه ليس قائماً على العلم والمعرفة.
-        المبلغون من غير هذين الصنفين: وفي كثير من الأحيان, هؤلاء يكونون من أصحاب الأجندات الدولية, التي تبالغ, للوصول إلى أهداف محددة.
والذي يهمنا في هذا المقال, هذا الصنف الثالث, الذي يروج لمقالة, قوة النظام الأسطورية- وهو يعلم علم اليقين, أنه ليس كذلك- والسبب في هذا, فيما يبدو, أنهم حريصون كل الحرص, على المطاولة في زمن الأزمة في سورية, والتعامل معها بلغة مد الزمن, والتعاطي معها على قاعدة, عدم نضج البديل.
هم يريدون هذا, لذا يبالغون في وصف قوة النظام, حتى يرفعوا عن أنفسهم عبء المسؤولية أمام شعوبهم, ثم أمام الرأي العام, الذي يحاجهم, ويقول لهم: إنكم تنددون بالنظام, وتقرون بأنه يرتكب جرائم ضد الإنسانية, وكل التقارير الدولية والمحلية تؤكد على هذا الأمر, فلماذا لا يكون لكم موقفاً حاسماً في المسألة؟
فيكون جوابهم: النظام قوي, ويحدثك عن عدد جنوده, وعن عدد دباباته
وكثرة آلياته, وخطورة مخابراته, وعظيم منظموته في عالم العلاقات, وهذا التهويل يذكرنا بطفولتنا لما كنا نخوف من أساطير, ليس لها أي وجود وواقع, وإنما هي مجرد صناعة حدث في الذهن قد لا تدري ما الهدف منه.
 ثم يقول لك أصحاب هذه الأجندات: النظام ليس سهلاً, بل عصي على المجتمع الدولي, ويحتاج إلى فترة لتفكيكه, بعد اتفاق دولي على ذلك, ويطولون ويعرضون, ويشرقون ويغربون, ويرفعون ويخفضون, ويدخلون السامع في عاصفة وهمية, لكنها ذات صوت مدبلج, مهما أتقن فن العمل فيه, يظل خارج إطار التأثير, لأنه لا يمثل الحقيقة.
وهم يعلمون علم اليقين, أن النظام في سورية, نظام عصابة, بل عصابة نظام, نظام مهلهل, يحمل في طياته معالم تفكيكه, وليس قائماً على المؤسساتية, ولا على أصول النظام التي تبنى عليها قواعد الدول عادة, بل العكس هو الحاصل, إذا ما وضعت الأمر على قاعدة البحث الدقيق, والنظر العميق, لقواعد الحكم, وأصول بناء الدول.
 هذا النظام لا يحتمل هزة, ولو وقع هذا- ونسأل الله أن يسلم البلد-
لرأيت هذا النظام!!! أرنباً أو غير ذلك.
نعم هذا النظام, قوي على شعبه, لأنه أعزل, دقيق في تعذيبه للناس, لأن هذا لا يحتاج إلى أكثر من مجرم, لا قلب له, وليست عنده شفقة أو رحمة, هذا النظام نعم عصي, لكن على الإصلاح, عنيد في الثبات على الفساد, وارتكاب الجرائم, وكما يقولون في المثل الشعبي( أبي لا يقدر إلاّ على أمي), لو كان هذا الشعب مسلحاً, لرأيت قوة النظام أين تصل به؟
الناس في عصر المعلوماتية, وعالم الانفجار المعرفي, لم تعد تنطلي عليهم مثل هذه الأكاذيب, والأشرف لكم أن تكونوا صرحاء مع شعوبكم
ومع الرأي العام, وتقولوها صريحة: نحن نعمل على إطالة عمرالنظام,
للأهداف الآتية, وبهذا تبرأ ذمتكم, وهنا شعوبكم بالخيار, إما أن تبقيكم,
وإما أن – إن كانت واعيةً, ومدركة خطر ثنائياتكم- تنقلب عليكم.
كفى كذباً, واتركوا اللف والدوران, وتغليف الحقيقة بمبادرات ظاهرها الرحمة, وباطنها من قبلها العذاب.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين