الهدى والضلال ـ 9 ـ

 

ـ 9  ـ
الأخذ بأسباب الهداية واجتناب موانعها
الشيخ مجد مكي
ينبغي أن تُطلب الهداية بالضراعة إلى الله بالدعاء والسؤال قولاً ، بالإنابة إلى الله عزَّ وجل، وسلوكِ طريق المهتدين عملاً. أما أن يُخلِدَ الإنسان إلى الهوى،ويقعد عن الطاعة، ويحيل على المقادير فلا يطلب الهداية ولا يتعاطى أسبابها.. فهذا شقاء وضلال..
والذي يفضح أمثال هؤلاء، أنهم لا يقعدون عن طلب الرزق، والسَّعي في أمورهم الدنيوية مع اعتقادهم أنَّ الله هو الرزاق، فكما يتعاطون الرزق فينبغي أن يتعاطوا أسباب الهداية والمغفرة ويَسْعَوا في الحصول عليها.
موانع الهداية:
مما يمنع من الهدى، ويحرم العبد منه، أوصاف ذميمة، جاء بيانها في آياتٍ كريمة، كالكفر، والظلم، والفسق، والكذب، واتِّباع الهوى.
يقول الله عزَّ وجل:[ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ] {الزُّمر:3}. 
ويقول سبحانه:[إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا] {النساء:137}.
إنَّ الكفر الذي يسبق الإيمان يغفره الإيمان ويمحوه، فالذي لم يشهد النور معذور إذا هو أدلج في الظلام.. أما الكفر بعد الإيمان.. مرة، ومرة... فهو الكبيرة التي لا مغفرة لها ولا معذرة، لأنهم هم الذين أضاعوا السبيل من بعد ما عرفوه وسلكوه... وهم الذين اختاروا الضلال والغَواية بعدما هدوا إلى الهدى والنور.
ومما يمنع من الهدى: الظلم والفسق.
قال الله تعالى:[ وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {البقرة:258}.
ويقول سبحانه: [وَاللهُ لَا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] {المائدة:108}.
ومما يمنع عن الهدى : البخل والاستغناء بالمال عن طلب ثواب الله عزَّ وجل ، والتكذيب بالعقيدة الحُسنى . قال الله سبحانه : [وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى] {الليل:8-10} .
فمن بخل بالنفقة على الفقراء والمساكين وذوي الحاجات ، واستغنى بأمواله عن ربِّه عزَّ وجل ، وكذَّب بالشريعة الحُسْنى المفضَّلة بالحُسْن عن كلِّ ما سواها، فسيهيئة الله لاختيار الأسباب والوسائل المسخَّرة له ، حتى تنتهي حياته للأمور العسرى التي تُورث الخُسران في الدنيا والآخرة ، جزاءً له على استغنائه عن ربه ، وعدم إنفاق ماله في الخير ، و تكذيبه بالملَّة الحسنى
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين