الرجاء والخوف ـ 6 ـ

 

بقلم : الشيخ مجد مكي
سَعَةُ رحمة الله تعالى
إن المؤمن عظيم الرجاء بالله عزَّ وجل ، لأنه يؤمن بسعة رحمته ، وعظيم مغفرته ، ويحسن الظن بربه عزَّ وجل.
وحديثنا اليوم عن أهم موجبات الرجاء بالله عزَّ وجل ، وهو: الإيمان بسعة رحمته سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:[ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ] {الأعراف:156}.
وقد توسَّلت بتلك الرحمة حملة العرش ومن حوله في دعائهم.قال تعالى:[الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ] {غافر:7}.فلولا أنَّ في ذلك مَطْمَعاً ورجاءً ما توسَّلت به ملائكة الله تعالى في دعائهم.
وروى البخاري (6469) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنَّ الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعةً وتسعين رحمةً، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكلِّ الذي عند الله من الرحمة لم يَيْأس من جنَّته، ولو يعلم المؤمن بكلِّ الذي عند الله من العذاب لم يَأْمن من النار).
ورواه مسلم (2752) بلفظ: (إنَّ لله مائة رحمة، واحدة بين الجنِّ والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تعالى تسعاً وتسعين رحمةً يرحم بها عباده يوم القيامة).
فما أحوجَ الخلائق إلى رحمة الله تعالى يوم القيامة، لقد وسعهم كلهم جزءٌ واحدٌ في الدنيا، أما يوم القيامة فيُرحمون بمائة جزء.
وروى البخاري (2955) ، ومسلم (4941) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما قضى الله الخلق).
وعند مسلم (4939): (لما خلق الله الخلق ، كَتَبَ في كتابه، فهو عنده فوق العرش ، إنَّ رحمتي تَغْلب غضبي).
وعند البخاري(2955): (إنَّ رحمتي غَلَبت غضبي). وفي رواية له(6872): (إنَّ رحمتي سبقت غضبي).
رحمة الله واسعةٌ، قضى بها لمن يستحقُّها:
قال الله تعالى [ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ] {الأعراف:156}.
روى الترمذي (2519)، عن أنس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: (يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من ذكرني يوماً، أو خافني في مقام».
وتتجلَّى الرحمة الإلهية في هذا اليوم العصيب يوم يفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه.
وقال صلى الله عليه وسلم:« الراحمون يرحمهم الرحمن: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». رواه الترمذي (1924)، وقال: حديث حسن صحيح.
***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين