عبد الجليل السعيد والاتجاه المعاكس
عبد العظيم عرنوس عضو الرابطة من مدينة حمص 

 

لعل الكثير من المشاهدين لبرنامح الاتجاه المعاكس الذي كان ضيفه الشيخ عبد الجليل السعيد أبدوا ارتياحهم من هجومه على غريمه الروسي ؛ لكن ديننا علمنا أدب الحوار مع المخالف ، وحذرنا من الخروج عن نطاق الأدب كما هو حال الجاهليين (فنجهل فوق جهل الجاهلينا) لأن النزق والجلافة والسباب وسلاطة اللسان من الفحش المنهي عنه فقد روى الترمذي وأحمد عن أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْحَيَاءُ مِنْ الإِيمَانِ ، وَالإيمَانُ فِي الْجَنَّةِ . وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ . والبذاء : الفحش في القول والسوء في الخلق.


وروى البخاري عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ . قَالَ : وَعَلَيْكُمْ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ : السَّامُ عَلَيْكُمْ ، وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ ، وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْلا يَا عَائِشَةُ ! عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ ، وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ . قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ ، فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ ، وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ . والقرآن الكريم أمرنا باللين والرفق في الدعوة :( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). وما أبدع ما قاله أبو حاتم الرازي:


 


إذَا أَنْتَ جَازَيْت السَّفِيهَ كَمَا جَزَى ... فَأَنْتَ سَفِيهٌ مِثْلُهُ غَيْرُ ذِي حِلْمِ


فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ الْجَهْلِ فَاسْتَعِنْ ... عَلَيْهِ بِجُهَّالٍ فَذَاكَ مِنْ الْعَزْمِ


فالله الله في ثورتكم لا تشوهوها بمثل هذه المواقف المتعجلة ، وقد يظن المرء أنه يحسن فإذا به يسيء وهو يريد الإصلاح. 
لقد كان المحاور الروسي مؤدبا وهادئا ، ولكن المحاور الذي تزيّا بزي العلماء شديد الهيجان ، كثير السباب ،يقطع حديث المحاور ، ويكلمه بلغة غير واقعيَّة ، ويلقي الكلام على عواهنه ، وكنا نتمنى من الشيخ عبد الجليل وهو يخرج بزي العلماء ويضع على رأسه  العمامة، أن يكون أسلوبه وحواره  موافقا لاسلوب العلماء الصادقين الربَّانيين . 
نعم إن روسيا خذلت الثورة السورية والأمة العربية ، ونجهر بالكلمة التي تفضح خذلانهم ، ولكن ذلك لا يجيز لنا أن نتجاوزالخلق الإسلامي   حتى مع الذين ظلمونا ، وأن نكون صادقين في أقوالنا ، متمكنين من ردودنا ، ولا يشغلنا حب الظهور والنجومية عن الواقعية والمصداقيّة .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين