عند مجمع البحرين

أتاني صوته قريبا ودافئا وقويا عبر الهاتف ،السلام عليكم ،فرحت الى حد البكاء، وقلت له : سيدي أنت هنا ؟ قال: نعم ،ولا بد أن أراك ،شعرت بأنني مهم عنده ، ثم عدت فقلت في نفسي : لا ليست أهميتي وإنما كرمه ،وقلبه الكبير، وحرصه على أن يزرع الخير أينما ذهب، قلت :سيدي ..متى وأين ؟ قال: غدا عند شروق الشمس ،عند مجمع البحرين.

أمضيت الليل وأنا أتساءل من أين لهذا الرجل السبعيني كل هذه الهمة والحكمة ؟! لماذا لا يقعد مع القاعدين على الأقل لعمره الذي يعذره من أية مسؤولية ؟ثم من أين له كل هذا التفاؤل والإيمان بالغد الأفضل من اليوم ،تراه لا يسمع مانسمع من أخبار ولا يرى مانراه من صور القتل والتعذيب والتشويه والإيذاء بكل أشكاله وألوانه ،نهضت من فراشي عندما سمعت صوت أذان الفجر ، توضأت وخرجت الى المسجد وصليت في جماعة ثم توجهت الى مجمع البحرين .
ترى لم اختار هذا المكان ليكون لقاءنا فيه ؟ مع أنه يعلم أنه يبعد عن بيتي مسيرة ساعة بالسيارة ،وصلت فوجدته واقفا يقابل البحر بوجهه ،وبيده سبحة صغيرة من الخشب يسبح بها ، ألقيت التحية فاستدار إلي ،كانت عيناه غارقتين بالدموع ،وسرعان ماانثالت دمعة منها على خده واختبأت بين شعيرات شاربه الأبيض.
ضمني إلى صدره وقال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،أهلا بالحبيب، شعرت برغبة في البكاء ،ولكنني تماسكت ،ورحت أتأمل ابتسامته الحنون من وراء دموعه ولا أعرف ماذا أقول.
قال : هاقد التقينا ولم يمر على لقائنا الأول أكثر من شهرين .
قلت :جئتني في الوقت المناسب .
قال :وفي المكان المناسب.
قلت :كيف؟
قال :في مثل هذا المكان التقى منذ آلاف السنين موسى بالخضر عليهما السلام.
قلت :نعم .
قال :وكانت القصة المعروفة التي تؤكد حقيقة كثيرا ما نغفل عنها في الأيام الحالكة ، إن ظاهر الامور كثيرا مايكون خادعا ،وأن لله عزوجل شؤوناً قد لا يقدر أعلم الناس على الإحاطة بها .
قلت :الآن فهمت .
قال :لقد جئت ودعوتك إلى هنا لنستحضر هذه الحقيقة ونقف في محرابها خاشعين ، ولكني أذكربما ألقاه الرجل الصالح في أذن " الكليم " لن تستطيع معي صبراً" :اني به يعده لما سيكون من أمر رحلته معه ، إذ إنها ستكون ممتئلة بالمواقف التي تتطلب صبرا ًمن نوع فذ ، يقوم على التسليم لما يمر أمام ناظريه!!.
قلت :قد فهمت مرادك ، وما أعمق حكمتك !و لكني أراك مازلت مصرا على أن الأمور ممتازة ؟! هاقد سقطت هيبة النظام ولكنه يزداد كل يوم شراسة وإجراما ، لقد صار الشهداء يعدون بالمئات يوميا ،وهو يستقوي بحلفائه من الروس والفرس ليفشل أية محاولة لمحاصرته أو إيقافه سفك دماء الأبرياء.
وضع يده على كتفي ورحنا نمشي بهدوء على شاطئ البحر،قال :هذا شبيه ماقدره موسى عليه السلام في عالم الأسباب ،ولكن الخضر عليه السلام كان يعلم شيئا آخر .
قلت :مازلت متفائلا ؟
قال : قل إنني مسلم لله عزوجل وراض بما أراد .
قلت : أشم رائحة الهزيمة والانكسار في كلماتك !
قال :أبدا ،ولكن هل اشترطنا على الله عزوجل إن وقفنا في وجه فرعون الشام و بطانته القذرة أن ينصرنا ؟؟
قلت :لا ،الله سبحانه أكبر من هذا وأجل .
قال :ماغزا غاز في سبيل الله وهو لا يضع إلا النصر نصب عينيه .
قلت :ماذا تقصد؟
قال :ليس لهذا الذي أقول صلة بالتفاؤل أو التشاؤم ،قصدت أن علينا أن نقوم بواجبنا ،ونترك النتائج لله .
قلت :بالطبع.
قال :تقولها بلسانك ،ولكنها ليست مستقرة في قلبك ، البعض عندما تلوح لهم ملامح هزيمة النظام يفرح وينشط في مواجهته ،ثم عندما تلوح لهم ملامح استقوائه ييئسون بل ويندم بعضهم على مافعل خوفا مما قد يفعله الأشرار انتقاما ان عادت فاستقرت لهم الأمور.
قلت :صحيح ،هذه هي النفس البشرية ،هي بين مد التفاؤل وجزر الخوف والقلق ،لا أظنك ياسيدي تستخف ببشاعة انتقامهم إن عادوا فاستقرت الأمور بأيديهم.
قال:الذي أقدره أن على المسلم أن يقوم بواجبه في محاربة الكفر والظلم والطغيان ،ولا يقبل إن لاح النصر ويدبر ان بدت ملامح الهزيمة ،فهذا من خلق المنافقين .
قلت :صحيح ، نسأل الله عزوجل أن يجنبنا النفاق.
قال :لعل هذا سبب في تأخير النصر ،إنه ابتلاء وتمحيص للذين آمنوا ،ووزن لمدى صفاء نياتهم وإيمانهم بما هم قادمون عليه .
قلت: سيدي أنت تصور الأمور كأنها معركة بين فريقين ،مؤمنون خلص ،وكفرة طغاة ،الأمر ليس بهذه الصورة تماما ياسيدي.
ابتسم وقال :(ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا)، أليس فيمن قاموا على طغاة الشام مؤمنون مخلصون ؟
قلت :أكيد ، كثيرون .
قال :أليس فيهم أو معظمهم أو كلهم مظلومون ومضطهدون ؟
قلت :نعم .
قال:حزب إذن من مؤمنين خلص ومظلومين مسحوقين في مواجهة حزب من أكثر الناس عداوة لله والذين آمنوا ،أليست معركة بين الحق والباطل ؟!
قلت :نعم ولكن في الحزب الأول عصاة ومقصرون بل ومرتكبو كبائر، بل ولعل بعضهم مشركون .
ابتسم مرة ثانية وقال :(ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا) ،لعلك تريدها مواجهة كغزوة بدر أو غيرها مما خاضه الصحابة رضوان الله عليهم.
قلت :ماأظن ذلك.
قال:أيحارب الله عزوجل بأكبر من الشرك والظلم؟
قلت: لا ياسيدي.
قال :أليست دعوة المظلوم وصرخته مما يلوذ بالعرش لا يقف في وجهها شيئ؟
قلت :نعم يا سيدي.
قال:ألا تسمع صيحات الناس :(ياالله مالنا غيرك).؟؟ قالها وانثالت دمعتان سخيتان على خديه.
قلت :اي والله.
قال:أيخيب الله عزوجل من قال له مالي غيرك؟
سكت ، الله أكرم من أن يرد أحدا لاذ به خائبا ،ولكنني أرى الأمور تسير في الاتجاه المعاكس.
قال :مالك سكت؟
قلت :ظني بالله عزوجل أنه لا يخيب سائلا.
قال:الا إذا كانت هناك حكمة من وراء تأخير الإجابة .
قلت :سيدي ، الناس تعبوا ، ماتوا بردا وجوعا ، يقتلون وتستباح أعراضهم وتنتهك حرماتهم ،والأمر طال ،طال ياسيدي.
قال:(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ).
قلت:صدق الله العظيم .
قال :وانظر الى (الرسول والذين آمنوا معه) ،إنهم أشد الناس يقينا ومع ذلك تصل بهم الزلزلة الى أن يقولوا :متى نصر الله ؟
قلت : ألا إن نصر الله قريب.
قال:وفي الحديث :عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه ،فينظر إليهم قانطين ،فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب .
قلت :سيدي بدأت حديثك بما يشبه التشاؤم والآن أنت تدفعني الى التفاؤل ، فأيهما يعبر عن حقيقة مابداخلك.
قال :لا هذا ولا ذاك ،فنحن واقفون على أبواب رحم القدر ننتظر ما تلده من أحداث ،ونسعى إلى أن نقوم بماأمرنا به طاعة لله عزوجل واستجابة لأمره .
قلت : ليس هذا بالسهل الذي تقدر عليه كل النفوس.
قال:ولكنه الحق وإن كان ثقيلا ،وأعتقد أن من عوامل النصر أن نؤمن بأننا نقوم بماأوجب الله علينا دون انتظار للنتائج،ولعل تأخير النصرراجع إلى تمحيص كهذا .
قلت :ومن لا يقدر عليه.
قال : يؤمن بالنصر ولو بعد حين ، يؤمن بالعدل المنتقم الجبار ، يؤمن بمن خسف الأرض بقارون وأغرق فرعون بالبحر.
قلت : هل أفهم أنها درجات ؟
قال :بل قل أذواق ، لكل مذاق للإيمان في قلبه ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
قلت :سيدي الناس درجات ومعادن وأوزان مختلفة ،أنت تطالب الناس بأكثر مما يقدرون عليه .
قال :اسمع ،سمعت منذ أيام شيخا جليلا كان يتضرع الى الله عزوجل على عتبة باب مسجد من المساجد ،كان يقول شيئا عجيبا ،لعله يجيبك عن كل أسئلتك.
قلت :ماذا كان يقول ياسيدي؟
قال :(ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ).
قلت :ذلك ماقاله أخوة يوسف لأخيهم عندما طلبوا منه المؤونة في سنوات القحط.
قال :نعم ،ولكن الشيخ كان يناجي ربه بها ،وابن رجب الحنبلي رحمه الله كان يقول :لو قام المذنبون في هدأة الأسحار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها هذه الآية لبرز لهم التوقيع عليها :لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .
قلت :يا أيها العزيز ...ومن أعز منك ياالله.
قال :مسنا وأهلنا الضر، من أعدائك الذين لم يراعوا فينا حرمة ولا عهدا ،قتلونا واستباحوا حرماتنا ، أهانونا وذبحوا كرامتنا ، وجئناك ببضاعة مزجاة :مقصرون ،ومذنبون ، وتائهون ،ولكننا جميعا قصدناك، فأوف لنا الكيل ، وتصدق علينا ، بإزاحة الغمة ،وبالإنتقام ممن مارسوا كل أشكال الخسة في ايذائنا ، فان كنت قد أحببت ليوسف أن يعفو عن إخوته ويجزل لهم العطاء اعف عنا واقبلنا على عيوبنا ، وحرر رقابنا من قيود الذل والعبودية لغيرك ،ومن أكثر رحمة وعفوا منك ، يا أرحم الراحمين.
رحت أردد :يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين، يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين.آآآآآآآآآآآه الآن فهمت ياسيدي.
قال(بما يحكي حدة ذكاء وبصيرة في إيراد الحقائق ! ) : والآن مارأيك أن نعود لننظر في نصف الكأس الملآن ؟
قلت :أحب الاستماع اليك في كل الأحوال .
قال :مارأيك بالسوريين اليوم؟
قلت :أبطال والله .
قال:أليس هذا إنجازا يشبه الإعجاز؟
قلت:أي والله ، شيئ ماكان يمكن حتى مجرد الحلم به في النوم.
قال : ألسنا نشهد اليوم ولادة أمة تستحق الحياة ؟
قلت: نعم ياسيدي ، لقد عادت للشام بركتها منذ انقلب الناس أسودا لا يهابون الأسد المزور مع كل أدوات الموت التي بيده.
قال: تحدثنا أولا في لقائنا الماضي عن ولادة احتمال زوال النظام ،ثم سقوط هيبة النظام ،ثم فضيحة النظام في الداخل بين السوريين وفي العالم أجمع ،واليوم نستطيع أن نتحدث عن ثبوت التهمة على النظام على الرغم من محاولته قلب الحقائق واستثمار مسألة المراقبين العرب لصالحه ،لقد تعرى النظام وبدت كل سوءاته .
قلت: سقطت ورقة التوت الأخيرة .......
قال :وبدا تهافت دعاويه وادعاءاته بالممانعة حينا ، و بالتوازن الاستراتيجي حينا، و بالتنمية الشاملة حينا آخر .
قلت :كان التوازن الاستراتيجي دعوى الأب الراحل عليه من الله مايستحق.
قال : توازن استراتيجي أدى في النهاية إلى تفوق العدو ألف ألف مرة في كل شيئ بدءا من البحث العلمي وانتهاءا بالتسليح ،إن الموضوع اليوم أشبه بنكتة .
قلت :بينما كان العدو يسرع الخطى في النمو بكل شيئ كان الأب وأولاده وعشيرته الأقربون مشغولين بسرقة البلد وتخريب مؤسساتها بل وحتى الإنسان فيها .
قال :ثم جاء الولد ذو العينين الزرقاوين مع وعود الإصلاح والممانعة، واستبشر الناس خيرا من طيبة قلوبهم القريبة الى الغباء ،فإذا بالإصلاح لا يزيد عن وهم لا يرى ولا يسمع عنه إلا في قنوات التلفزيون السوري ،وإذا بالممانعة مسرحية على أرض لبنان مع أن الجبهة بيننا وبين العدو أكبر بكثير من أن تمارس بطولات الممانعة بعيدا عنها.
قلت :سيدي لم لا يوقعون على السلام كغيرهم –أقصد كنوع من الصدق مع النفس- ويريحون ويستريحون؟
قال :السلام بالنسبة لهم مكلف جدا ، لأنهم يسرقون اللقمة من فم الجائع باسم الممانعة ، لا بد من شبح معركة يتخفون وراءه ليكملوا عربدتهم كما يشاؤون ، لا تنس أن قانون الطوارئ قد سن أصلا بسبب الحرب مع اسرائيل ،مع أنه لم يمارس إلا لوأد أي صوت قد يفكر بمعارضتهم.
قلت :وهكذا سقطت ورقة التوت .......
قال:ثم قالوا أنهم بصدد تنمية شاملة تغطي كل آفاق وميادين البلد ،من التعليم إلى الصحة إلى الصناعة والسياحة وغيرها ،ولكن الأموال لا تكفي لجشعهم والتنمية في وقت واحد ،واذ بالبلد تقفز قفزا الى الوراء حتى صرنا أضحوكة بين الأمم.
قلت :وهكذا سقطت ورقة التوت........
قال:ثم جاءت الأحداث الأخيرة لتظهر (المزبلة الأخلاقية ) القائمة في رؤوسهم وقلوبهم والتي تفيض على ألسنتهم وسلوكاتهم ،مامن أحد كان يمكن أن يصدقنا لو تكلمنا في السابق عن رذائل هؤلاء الخبثاء ،إلا أن الله سبحانه أبى إلا أن يفضحهم ويري العالم حجم قذارتهم.
قلت :بالفعل ... سقطت ورقة التوت ...
قال :وتمر الأيام .. ويستجرهم الله عزوجل إلى مزيد من الجرائم التي هي من نسيج قذارة نفوسهم ، ويتفرج العالم على أساليبهم الخسيسة في الإيذاء الذي لا يعرف شيئا لا يمكن فعله ،من أية طينة ابليسية جبل هؤلاء الذين لا يردهم شيئ عن الكفر والزندقة والقتل والتعذيب والإهانات واغتصاب الحقوق وانتهاك الأعراض ،كل هذا يظهر علنا أمام الناس ليشاهده الملايين فيشهدون عليهم يوم القيامة .
قلت : نعم .. سقطت ورقة التوت....
قال: ويصيبهم الرعب والخوف فيضربون بكل شراسة على أيدي الناس ،ويقتلون ويغتصبون ويروعون الناس كالمجانين، حتى لا تبقى شبهة واحدة في ذهن أي كان في شرعية وجودهم، وحتى لا يبقى واحد الى جانبهم، فيفقدون حلفاءهم إلا من كان على شاكلتهم .
قلت :نعم فقد سقطت ورقة التوت الأخيرة ..
ضحك وقال :ماقصتك مع ورقة التوت ؟
قلت :أبدا هو خاطر سمعته على لسان رجل من أهل الله ولم أفهم أبعاده حتى اليوم.
قال:لكل سوءة واحدة إلا هذه الحثالة فكلهم سوءات.
قلت:سيدي ...هل تظن أنهم باقون؟
قال :ظني أن نهايتهم قد اقتربت ،ولكن لله سبحانه أقدار سيمضيها ،وحكم ستتجلى لنا آجلا أم عاجلا ،لقد سقطوا وسقط كل من يقف معهم ،حتى حلفاءهم الذين مايزالون يصرون على محالفتهم أحرجوا وبدأوا يتململون ،ومن أشعل نيران السخط في قلوب الناس حتى مواجهة الموت قادر على أن يقتلع شجرتهم الخبيثة من جذورها ،لا تظنن أن الله غافل عما يعملون .
قلت :سيدي ،أليس الله بقادر على أن يخسف بهم الأرض في لحظة واحدة.
قال :مالهذا خلقنا ،فقد ابتلانا الله عزوجل بعضنا ببعض ،ليميز الخبيث من الطيب، والظالم من العادل ،والأمين من الخائن ،والمنافق من الصادق ،وحتى يوجد المقبل والمدبر،والشجاع و الجبان ، والشهيد والذي يفر من الموت ، هكذا هي الحياة ولهذا خلقنا لها .
قلت: سيدي أوصني.
قال :إذا كنت تعلم أنك على حق فامض دون أن تحسب حساب النتائج ،سجل في صحائفك موقفا تقابل به الله عزوجل يوم القيامة بقي من بقي ،وزال من زال ، ماغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة وكان فيها مع من معه الأكثر والأقوى ،إلا في حنين إذ أعجبت المسلمين كثرتهم ،فكان الدرس قاسيا حتى أنه لم يصمد في البداية إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قل كلمتك وسجل موقفك وامض ، فالأرحام تدفع ،والأرض تبلع ،والقيامة قريبة ،وويل لهم من رب سمى خلقه عياله ،وهم يؤذون عياله.
قلت :جزاك الله عني كل خير.
قال :إذا لم نلتق بعد اليوم فاذكر لمن حولك وربما لأولادك لقاءنا عند مجمع البحرين ،حيث التسليم بعلم الله وحكمته ورحمته وعدله .
أبو عبيدة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين