أحاديث لا تصح - خطأ استشهاد الوعاظ والخطباء لبعض الأحاديث

الحديث الأول: حديث: "ما وَسِعَتْني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلبُ عبدي المؤمن". ولأهل العلم كلام شديد فيه وفي التحذير منه لأنه مكذوب موضوع من جهة السند على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتناقض ما يتبادر من ظاهر معناه مع الاعتقاد الصحيح في تنزيه الله سبحانه وتعالى، فقد كَذَبَ به الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال الإمام الحافظ أبو الفضل العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": لم أر له أصلاً. وقال الحافظ ابن تيمية في "أحاديث القُصّاص" ص 68: هذا مذكور في الإسرائيليات وليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلى أن قال: فمَن قال – أي في فَهْم معناه -: إنّ ذاتِ الله تحُلّ في قلوب الناس فهو أكفر من النصارى الذين خَصُّوا ذلك بالمسيح وحده. وقال الإمام السيوطي في "ذيل الموضوعات" ص 302 تعقيباً: وهو كما قال ومعناه: وسِعَ قلبُه الإيمان بي ومحبّتي وإلا فالقول بالحلول كفر. وقال الزَّرْكَشي: وضَعَتْه الملاحدة.
وممن ذكره من جملة الأحاديث الموضوعة: العلاّمة مُلاّ عليّ القاري في "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" ص 164، وقبله الحافظ السخاوي كما في "المقاصد الحسنة" ص 373، والعلاّمة ابن حجر الهَيْتمي في "الفتاوى الحديثية" ص 290. والحمد لله على توفيقه وتنزّه عما لا يليق به.

والثاني: "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي". وهو ضعيف جدّاً، كما قرّر الحافظ السَّخاوي في "المقاصد الحسنة" وعزاه إلى العسكري في كتابه "الأمثال" بسنده إلى سيدنا عليٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبنحوه أخرجه ابن السَّمْعاني في "أدب الإملاء والاستملاء"ـ ص 1ـ عن ابن مسعود مرفوعاً بسند ضعيف. قال السخاويّ رحمه الله: (وبالجملة فهو كما قال ابنُ تيميّة لا يُعرَفُ له إسناد ثابت). وقال الإمامُ الزَّرْكشيُّ: حديث "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي" معناه صحيح لكنه لم يأتِ من طريق صحيح.

والثالث: "خيرُ الأسماء ما حُمِّد وعُبِّد". وهو موضوع، ليس له سند يُعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال الحافظ السَّخاوي في كتابه "المقاصد الحسنة": (وأما ما يُذكر على الألسنة مِنْ: "خيرُ الأسماء ما حُمِّد وعُبِّد" فما عَلِمْتُه). وعلّق عليه شيخنا العلاّمة المحدّث عبد الله الغُماري قائلاً: بل لا أصل له.
نعم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه مسلم في صحيحه وغيره عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحبُّ الأسماء إلى الله عبدُ الله وعبدُ الرحمن".
وعليه، فينبغي الحذر من نسبة هذه الأحاديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . والذي دفعني إلى الكلام عنها، كثرة استشهاد الوعّاظ والخطباء بها!!

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين