القدس.. «تهويد» لا ينتهي

القدس المحتلة: مراد عقل

مازالت مدينة القدس المحتلة تتعرض لأكبر عملية تهويد، فالاحتلال الصهيوني يسابق الزمن لإقصاء وإلغاء الوجود الفلسطيني في المدينة العربية الإسلامية، مستغلاً عجز ما يسمى بالأسرة الدولية، عبر سياسة تطهير عرقي لا يسْلَم منها لا بشر ولا حجر ولا شجر. ولعل أخطر هذه السياسة ما كشفت عنه وثيقة أعدتها بلدية الاحتلال في مدينة القدس المحتلة من أنها تخطط خلال العشرين عاماً القادمة لبناء 60718 وحدة استيطانية في المدينة، معظمها ستقام على أراضي القدس العربية.. وبحسب الوثيقة، التي كشفت عنها صحيفة «معاريف» الصهيونية، خلال أيام عيد الأضحى المبارك، فإن 53 ألف وحدة استيطانية ستقام على أراض في القدس العربية المحتلة؛ بدعوى عدم توافر الأراضي المخصصة للبناء.
 وذكرت «معاريف» أن الوثيقة وُضعت قبل أيام على طاولة رئيس البلدية الصهيوني «نير بركات» لحل أزمة السكن القائمة في القدس، والتي تؤدي إلى هجرة سلبية للأزواج الشابة من الصهاينة، حسب رأيه.
معطيات مخيفة وحسب الوثيقة، فإن معظم احتياطي الأرض يوجد أساساً في القدس العربية، وذلك لأنه يكاد لا يتوافر في غربي المدينة «اليهودية» احتياطي قائم، وحسب التقسيم، فإنه سبق أن أقرَّت لجنة التخطيط والبناء الصهيونية بناء 23.628 وحدة سكن جديدة في 7 أحياء مختلفة، ويوجد لها احتمال قوي للخروج إلى حيز التنفيذ في الفترة القريبة القادمة، ولكن فقط 3.365 منها مخطط لبنائها في غربي المدينة. كما يتضح من المعطيات أن خططاً لإقامة 13.824 وحدة سكن أخرى أودعت منذ الآن من قبل رجال الأعمال الصهاينة، وهي تنتظر البحث في اللجنة المحلية للتخطيط والبناء، باقي المعطيات تشير إلى أنه توجد 23.266 وحدة سكن جديدة قيد الإعداد، بمعنى لا تزال في مراحل التخطيط، ولكن هذه لا يُخطط لبنائها في المستقبل القريب القادم. وحسب آخر المعطيات الصهيونية، في الأحياء الاستيطانية الشمالية الشرقية من القدس، بما فيها «بسغات زئيف»، «ونفي يعقوب»، وأحياء عربية «شعفاط» و«بيت حنينا» يوجد احتياطي من الأرض لبناء 10.366 وحدة سكن، منها 4.944 وحدة مُقررة، بينما 5.422 وحدة أخرى لا تزال في مراحل التخطيط والإيداع.. في غربي المدينة حيث الأحياء القديمة، بما فيها «رحافيا»، و«الطالبية» و«عين كارم» يوجد احتياطي من الأرض لبناء 8.355 وحدة سكن، كمية قليلة إذا أخذنا بالاعتبار أن باقي الاحتياطيات في الأحياء الستة الأخرى توجد خلف الخط الأخضر. حسب الاحتياطيات، في غربي المدينة توجد 3.365 وحدة سكن مُقرة، و1.005 وحدة سكن قيد الإيداع، و3.985 وحدة سكن قيد التخطيط باقي المعطيات تشير أساساً إلى بناء في الأحياء الاستيطانية خلف الخط الأخضر.. ولكن ليس هذا فقط، فمثلاً ستقام في الأحياء الجنوبية من القدس، بما فيها «غيلو»، و«المالحة» و«بيت صفافا» العربية، 5.239 وحدة سكن أخرى، أُقر منها حتى الآن 2.021 وحدة.. وهناك معطيات تثار حول الأحياء الجنوبية الشرقية من المدينة، بما في ذلك «أرمون»، و«هنتسيف»، و«تلبيوت»، و«جبل المكبر»، و«صور باهر»، و«أم طوبا»، وحسب هذه المعطيات، تخطط بلدية الاحتلال لأن تقيم في هذه الأحياء 16.387 وحدة، معظمها (10.934) يوجد في مراحل التكون والتخطيط المبكرة. وفي بلدة «سلوان» وفي منطقة البلدة القديمة و«عين سلوان»، أقر حتى الآن 4.886 وحدة سكن، 435 قيد الإيداع و1.281 في مراحل التخطيط. ورغم المعطيات المتفائلة، أشارت محافل في بلدية الاحتلال بأنه إذا بُنيت 20 ألف وحدة من أصل أكثر من 60 ألف شقة جديدة ستقام في المدينة حتى العام 2030م؛ فسيكون هذا من ناحية مكتب «بركات» حصيلة مرضية للغاية. وأشار المسؤول عن ملف القدس العربية في بلدية القدس «د. مئير مرغليت» إلى أن «الانطباع الأولي الذي يؤخذ من المعطيات هو أنه توجد احتياطيات من الأرض في القدس، ويمكن تخفيض أسعار الشقق للأزواج الشابة، ولكن الدولة لشدة الأسف تواصل هدم هذه المدينة بمنهجية». وأضاف: «حقيقة أن الدولة غير مستعدة لأن تخفض الأسعار تبعث على العجب، إذا ما كتب أحد ما ذات يوم تاريخ القدس، فسيتوصل إلى الاستنتاج بأن هذه المدينة تنهار بمقدار غير قليل بذنب «مديرية أراضي الكيان» التي ترفض فرز الأراضي للبناء». وعقبت بلدية القدس على الوثيقة بقولها: «البلدية تخطط لبناء نحو 50 ألف وحدة سكن جديدة في العشرين عاماً القريبة القادمة، حسب المخطط الهيكلي في كل أحياء المدينة، لليهود والعرب على حد سواء، بناء آلاف وحدات السكن الجديدة سيعزز القدس، ويسمح للشباب والعائلات الشابة بشراء الشقق في المدينة». خليل التفكجي بدوره، عقَّب خبير الاستيطان في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي على المخطط الصهيوني لبناء 60 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال العشرين عاماً القادمة في القدس، بأنه يهدف إلى تغيير الواقع الديموجرافي للمدينة. وبيَّن التفكجي أنه في العام 2030م وضمن المخطط سيكون الوجود الفلسطيني في المدينة المحتلة 12%، واليهودي 88%؛ ما يعني تقسيم القدس «عاصمة لدولتين» مستحيلاً، وأضاف أن بناء هذه الوحدات الاستيطانية سيتم في كل شبر من أراضي القدس. وأوضح أن الإعلان عن المخطط في هذا التوقيت، يهدف أيضاً إلى توجيه رسالة للفلسطينيين والعرب والمسلمين، مفادها أن القدس عاصمة لدولة واحدة وهي الدولة العبرية، ورسالة ثانية للمجتمع الدولي بأن القدس عاصمة لكل اليهود في العالم ولا يمكن تقسيمها، وأن البناء في القدس كالبناء في تل أبيب. وإزاء هذا كله، فإن ما سيحدث هو قيام دولة للمغتصبين الصهاينة بدأت معالمها بالظهور، ويتزايد عدد المغتصبين في القدس المحتلة ليبلغ المليون خلال سنوات قليلة كل ذلك أمام سمع وبصر العالم كله.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
المصدر : مجلة المجتمع الكويتية

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين