عاش الأسد !!

د.أحمد محمد كنعان

في نبأ علمي لافت للنظر حذر أمس مختصون بعلم الحيوان من تناقص أعداد الأسود حول العالم ، فيما يعد مؤشراً لاندثار هذا الحيوان المفترس المشهور ببطشه وعنفه وشراسته ، وقد دعا الخبير البيطري (ديريك جوبارت) وهو صانع أفلام وثائقية لقناة "ناشيونال جيوغرافيك" إلى تحرك جماعي من قبل علماء الطبيعة لحماية هذا الحيوان من الانقراض حرصاً على التوازن الطبيعي بين الحيوانات قاطبة !
عندما قرأت هذا الخبر العلمي في تلك المجلة العلمية الرصينة ـ التي أحرص على متابعتها بانتظام ـ لم أتمالك غضبي وأنا أرى المواطنين السوريين يثورون ضد "الأسد" ويطالبون بإعدامه ، غير عابئين بالنتائج الكارثية التي يمكن أن تحصل نتيجة انقراضه وغيابه عن الساحة !
ودون وعي مني وجدت نفسي أندس بين الجماهير الغاضبة التي تنادي بإعدام "الأسد" وأصرخ بأعلى صوتي : ( عاش الأسد .. عاش الأسد .. ) ولم أدر بعد ذلك ما الذي حصل !
وعندما صحوت ، وجدت نفسي خلف القضبان ، في قفص حديدي ، وحولي عشرات من المصابين بجروح وحروق ونزيف ، ولفت انتباهي عبر القضبان صورة كبيرة معلقة على الجدار المقابل لأسد صغير وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة غامضة كأنما تهزأ من علماء البيطرة الذين قالوا بانقراض الأسود ، وعبارة تحت الصورة استطعت قراءتها بصعوبة بالغة تقول : الأسد للأبد !
ولما كنت من مناصري الحفاظ على البيئة ومن محبي هذا الحيوان بالذات ناديت بأعلى صوتي : عاش الأسد .. عاش الأسد .. فأسرع إليَّ أحد الحراس وفتح باب الزنزانة على عجل ، وسحبني من شعري إلى الخارج كما يسحب الجزار بهيمته إلى الذبح ، وناولني صفعة على وجهي وصرخ فيَّ قائلاً : اخرس .. يا مُنْدَسّ !
وأقسمت للحارس بالأيمان المغلظة أنني لست مندساً ، وأنني أحب هذا الحيوان وأخشى عليه من الانقراض ، لكن الحارس لم يصدقني ، وردَّ عليَّ بنبرة قاطعة : هذا الحيوان تاج راسك !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين