أدب المزاح - المزاح وأدبه
أدب المزاح
للشيخ: أحمد القلاش
1ـ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزحُ، ولكن لا يقول إلا حقاً، ولا يلفظ إلا لطيفاً، ومزاحه لا يخلو من تعليم وإرشاد، كقوله للعجوز:" لا يدخل الجنة عجوز" مشيراً إلى قوله تعالى :{ إنا أنشاناهنّ إنشاء فجعلناهنَّ أبكاراً، عرباً أتراباً}[الواقعة: 37،35].
وكقوله لزاهر ـ وكان يحبه وكان دميماً ـ أي: غير جميل ـ: " من يشتري هذا العبد؟" مشيراً إلى قوله تعالى :{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم...}[ التوبة : 111].فلما قال زاهر: إذن يا رسول الله تجدني كاسداً !أجابه رسول اللطف صلى الله عليه وسلم :" لكنك عند الله لست بكاسد ".
ففي مثل هذا مطايبه، وتنبيهٌ في مداعبة، وجَبْرُ خاطر، وإدخال سرور.
2ـ أما من كان مزحُه كرفس الدواب، أو عضِّ الكلاب، فخير له أن يخرس، كيلا يُرديه لسانه، ويهجره إخوانه، إذ أشدُّ الناس بلاء، وأعظمهم عناء، من لسانه مُطْلَق وقلبه مُطْبَق، فلا يُحْسِنُ أن يتكلَّم، ولا يستطيع أن يسكت!.
3ـ أفِد طبعك المكدود بالهمِّ راحةً          يجمُّ([1]) وعلِّلْهُ بشيءٍ من المزح
ولكن إذا أعطيتهُ المَزْحَ فليــــــــكن         بمقدار ما تعطي الطعام من الملحِ
4ـ أُعلِّلُ النفس ببعض الهـــــــــزل           تجاهلاً مني بغير جهلِ
أمزحُ فيه مَزْحَ أهل الفضـــــــــــــلِ            والمزحُ أحياناً جلاء العقلِ
5ـ فاحذر أن تؤذي بمزاحك سفيهاً فيؤذيكَ، أو حليماً فَيَقْلِيَك([2])، فقد قال بعضهم : إنَّ من المزح سِبَاباً إلا أن صاحبه يضحك!.
6ـ واحذر أن تكون بمزاحكَ غليظ الطبع، ثقيلَ الرُّوح، فلا يَحْلو مزاحك، ولا يهضم كلامك، وتكون كما قال شوقي رحمه الله تعالى :
سقط الحمار من السفينة في الدُّجى         فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طلع الصبـــــــــــــــــاح أتت به       نحو السفينة موجةٌ تتقدَّمُ
قالت: خذوه كما أتاني سالـــــــــــــــماً        لم أبتلعه، لأنه "لا يهضم".
من لنا


([1]) المكدود : المتعب، يجم : يستريح وينشط.
([2]) قلاه يُقليه: أبغضه.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين