تعليق أبي عبيدة على فضيلة الشيخ صلاح الدين الإدلبي

السلام عليكم ورحمة الله

سيدي الشيخ صلاح الدين الادلبي حفظك الله
اسمح لي اولا أن أقبل يدك ، فانني ممن يعرفكم عن بعد وقد قرأت لكم بعض ما كتبتم، وبما أنني أعمل في مجال الكتاب فقد وفقني الله لبيع عدد كبير من كتابكم الرائع عقائد الأشاعرة وان كنت أرى أن لو تم تبويبه حسب الموضوعات لا حسب ترتيب المؤلف المردود عليه سيكون أوضح وأنفع والله أعلم .
وقد أسعدني والله ردكم اذ يكفي أن يقرأ من مثلكم لي ،وقد أنصفتني ياشيخ بعد أن أساء الي البعض ،ان نجوم المعارضة اليوم الذين نتابعهم على التلفزيون كلهم من العلمانيين ومن هؤلاء من هو حاقد على الاسلام ، وقد كتب عبد الرزاق عيد كتابا في القرضاوي وآخر في البوطي يخجل المرء من مجرد التذكير بما جاء فيهما ،ان كل ماقصدته أن يوجد منا من يجيد الكلام مع الشارع ومع الدول والمؤسسات العالمية بكلام يحسن التواصل فيه مع عقول لم تحسن التعامل مع لغة الفقه القديمة ،وما كتبته لم أقصد به أننا لسنا بحاجة الى كتب الفقه القديمة، وجهود الأئمة على الرأس والعين ،ولكن ياسيدي ألا يوجد اليوم مايسمى بالفقه الشافعي بثوبه الجديد ،أو فقه المعاملات بثوبه الجديد ،لقد تلقيت العلم الشرعي ومازلت على يد مشايخنا الأفاضل ،وأتشرف بأن أكون من خدامهم ،وعندما قلت أنني أخجل من اجتهادات بعض العلماء لم أقصد الا تلك الخطب التي تعتمد على الروايات المعلولة في زمن يتكلم فيه العالم كله عن حقوق الانسان ،وأنا ممن يؤمن بضرورة الالتزام بالمذاهب الفقهية حسما للخلاف والفوضى وأقدر جهود العلماء من المتقدمين والمتأخرين ،ولا أرى ضيرا في توجيه الكلام الفقهي المتخصص للمتخصصين أو لمن يدعي معرفة الفقه كما تفضلتم ،ولكن لننظر مثلا الى العز بن عبد السلام رحمه الله وهو شيخ من ينقل عنه في الأحكام هل كان يخاطب الناس عندما جيشهم في الحادثة المعروفة بالكلام المتخصص الذي يعتاص على من ليس متخصصا ؟
كم راق لي ياشيخ أن تشعر بخوفي وغيرتي على الاسلام وأنا أسمع منك (وأنا معك) في أكثر من عبارة ،وسأضرب مثلا عن رجال يحسنون مخاطبة الجماهير وحتى المؤسسات الدولية كابي الحسن الندوي وعصام العطار ومحمد هيثم الخياط وغيرهم من السادة الأفاضل ،أما من يعاني من الخلل في معرفة مراتب الائمة ومراتب الأقوال فقد كفيتهم جزاك الله خيرا، ولكنني أسأل مستفهما والله وليس غير ،ألا يمكن صياغة فقه جديد للسياسة الشرعية بلغة معاصرة وبثوب جديد كما في فقه العبادات وفقه المعاملات بالثوب الجديد؟فقه يستمد من مصادر الشريعة ويحسن مخاطبة الناس بحسب مايفهمون .
ثم ألا ترى ياسيدي ومولاي أن الفتاوى التي صدرت عن المتقدمين قد صدرت في سياقات تاريخية كان فيها الخروج على الحاكم من الخوارج أو فرق الباطنية المختلفة ،وأننا اليوم بصدد وضع جديد يحتاج الى تكييف جديد لفقه جديد يجسد مقاصد الشريعة الآسرة وبمصطلحات تقارب لسان المختصين ،فقه يختص بالسياسة وأمورها ،لقد تعلمنا ياسيدي أن مايلزم المسلم من الفقه هو مايلزمه في حياته على مذهبه وفي الزيادة خير ،وأمر جماهير الأمة أن تعلم من فقه الثورة اليوم مايلزمها ويتناسب مع امكاناتها الفقهية المتواضعة ،وقد جاء ما كتبتم بالنسبة لي بردا على قلبي ،اذ حل بالنسبة لي اشكالات كنت أعاني منها ،وما أرمي اليه أن يبسط ماكتبتم ليكون ردا على الخطب السلطانية التي يسمعها الجماهير ولا يملكون لها ردا.
جزاك الله عني وعن المسلمين كل خير ،وان كنتم قد لمستم في أسلوبي شيئا من الحدة فربما هو من عيوب المهنة اذ أنني دأبت على مناظرة العلمانيين واللادينيين في مقالات منشورة ،أما نفسي التي أعرفها ولا أزكيها فهي أصغر من أن تكون خادمة لأضعف مخلوق خلقه الله عزوجل فكيف بمن تصدى للعمل في الدعوة الى دين الله وتعليمه.
أفدت كثيرا من ردكم وأشكركم على قراءة ماكتبت وأتشرف شخصيا بالتعرف عليكم ان رغبتم والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين