المرأة في بلاد الهند ـ3ـ - المرأة في بلاد الهند
  المرأة في بلاد الهند ـ3ـ
بقلم الشيخ: حاتم الطبشي
 
أما الهند فقد اتفقت كلمة المؤرخين على أن أحط فتراتها ديانةً وخلقاً واجتماعاً ذلك العهد الذي يبتدئ مستهل القرن السادس الميلادي ، وقد ساهمت الهند مع جاراتها في التدهور الخلقي والاجتماعي الذي شمل الكرة الأرضية في هذه الحقبة من الزمن ، وأخذت نصيباً غير منقوص من هذا الظلام الذي مد رواقه على المعمورة ، وانعكست آثاره في ظواهر يمكن أن نلخصها في ثلاث :
·       كثرة المعبودات والآلهة كثرةً فاحشة
·       التفاوت الطبقي المجحف ، والامتياز الاجتماعي الجائر
·       الشهوة الجنسية الجامحة
والذي يخص بحثنا هو الأمر الثالث ، لذا سأضرب صفحاً عن الأمرين : الأول والثاني .
يقول الأستاذ الشيخ أبو الحسن الندوي رحمة الله عليه ([1]) :
وأما الشهوة فقد امتازت بها ديانة الهند ومجتمعها منذ العهد القديم ، فلعل الموضوعات الجنسية والمواد الجالبة للشهوةلم تدخل في صميم ديانة بلاد مثل ما دخلت في صميم ديانة بلاد الهند ، وقد تناقلت الكتب الهندية وتحدثت الأوساط الدينية عن ظهور صفات الإله ، وعن وقوع الحوادث العظيمة ، وعن تعليل الأكوان ، وظهرت روايات وأقاصيص عن اختلاط الجنسين من الآلهة وغارة بعضها على البيوتات الشريفة تستك منها الأسماع ، ويندى لها الجبين حياءً ، ولقد أثَّرت هذه الحكايات في عقول المتدينين المخلصين المرددين لها في إيمان وحماسة دينية ، زد إلى ذلك عبادتهم لآلة التناسل لإلههم الأكبر " مهاديو " وتصويرها في صورة بشعة ، واجتماع أهل البلاد عليها من رجال ونساء ، وأطفال وبنات بالإضافة إلى ما ذكره بعض المؤرخين  أن رجال بعض الفرق الدينية كانوا يعبدون النساء العاريات ، والنساء يعبدون الرجال العراة ، وكان كهنة المعابد من كبار الخونة والفساق الذين كانوا يرزأون الراهبات والزائرات في أعزِّ ما لديهن .
        وقد أصبح كثير من المعابد مواخير يترصد فيها الفاسق لطلبته ، وينال فيها الفاجر بغيته .
        وإذا كان هذا شأن البيوت التي رفعت للعبادة والدين ، فما ظن القارئ ببلاط الملوك وقصور الأغنياء ؟ فقد تنافس فيها رجالها في إتيان كل منكر ، وركوب كل فاحشة وكان فيها مجالس مختلطة من سادة وسيدات ، فإذا لعبت الخمر برؤوسهم خلعوا جلباب الحياء والشرف ، وطرحوا الحشمة ، فتوارى الأدب ، وتبرقع الحياء .
        هكذا أخذت البلاد موجة طاغية من الشهوات الجنسية والخلاعة ، وأسفَّت أخلاق الجنسين إسفافاً كبيراً .
        مركز المرأة في المجتمع الهندي :
نزلت المرأة في هذا المجتمع منزلة الإماء ، وكان من الوارد أن يخسر الرجل امرأته في القمار ، وبموت الزوج كانت المرأة تعتبر كالموؤدة لا تتزوج ، وتكون هدفاً للإهانات والتجريح ، وتعيش في بيت زوجها المتوفى كالأمة تخدم الأحماء ، وقد تحرق نفسها معه أو بعده تفادياً لهذه النتيجة القاسية ، وكان في بعض الأحيان للمرأة عدة أزواج   .
        وهكذا ساهمت الفوضى الجنسية ، والأزمة الأخلاقية – والتي تعتبر المرأة طرفاً رئيسياً فيها - مع نظام الطبقات والوثنية في تقويض أركان حضارة هذه الأمة ، والتي وصفها بعض مؤرخي العرب ([2] بكونها : معدن الحكمة ، وينبوع العدل والسياسة ، وأهل الأحلام الراجحة والآراء الفاضلة .   )
        أما عن نظرة المجتمع الهندي للمرأة فقد مرت بعدة أطوار جعلت الخط البياني لوضعها يتأرجح صعوداً وهبوطاً ، ونكتفي بشهادتين بهذا الخصوص من كتبهم المقدسة عندهم ، الشهادة الأولى :
        جاء في كتب الهندوس المقدسة : عندما خلق مانو النساء فرض عليهن حب الفراش ، والمقاعد ، وحب الزينة ، والشهوات الدنسة والغضب ، والتجرد من الشرف ، وسوء السلوك ، فالنساء دنسات كالباطل نفسه ، وهذه قاعدة ثابتة ([3] . )
الشهادة الثانية :
        يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى ([4]  عن الهنود :)
ومما جاء في شرائعهم : ليس الصبر المقدر ، والريح والموت ، والجحيم ، والسمُّ والأفاعي ، والنار ، أسوأ من المرأة ([5] .)
        أقول : لو أن الشيطان الرجيم ـ والذي كل همه إغواء العباد وإفسادهم ـ أراد أن يكتب أو يقول في المرأة لما زاد على ما ذكر أعلاه ، لما فيه من فتح أبواب الشر ، وتمهيد سبل الغواية ، وفيمن ؟ في نصف المجتمع ، في شقائق الرجال ، وهذا الذي ورد عن شياطين الإنس في وصف المرأة وحالها ، إنما ورد ليصل الناس إلى ما وصلوا إليه من فوضى في الأخلاق والاجتماع ، في الأحوال الشخصية والأنساب ، في العلاقات الزوجية والأسرية ، كل هذا حتى يسلس قيادهم ، وتسهل السيطرة عليهم ، ليكونوا أداةً لينةً بيد عدو الله إبليس وجنوده وحزبه ، وهذا ما حصل بالفعل ، نسأل الله تعالى العافية .

 

[1] - ماذا خسر العالم ، ص : 48 .
[2] - طبقات الأمم ، صاعد الأندلسي ( توفي 462 هـ ) ص : 11 .
[3] - المرأة في التاريخ والشريعة ، د . أسعد السحمراني ص 25 .
[4] - هو فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى بن حسني السباعي أبو حسان عالم مجاهد من الخطباء ، ولد بحمص ، وتعلم بها وبالأزهر ، واعتقله الإنكليز ستة أشهر ، ثم سلموه للفرنسيين الذين سجنوه في لبنان ثلاثين شهراً ، كان على رأس كتيبةٍ من الإخوان المسلمين في الدفاع عن بيت المقدس ، عين أستاذاً في كلية الحقوق ، ومراقباً عاماً لجمعية الإخوان المسلمين ، وعميداً لكلية الشريعة بجامعة دمشق ، ولد عام : 1915وتوفي عام : 1964 م ، الأعلام للزركلي 7/231 .                                                                              
[5] -  كتاب : المرأة بين الفقه والقانون ، ص 18 .
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين