نور الدين محمود زنكي - السلطان المجاهد العابد
نور الدين محمود زنكي
السلطان المجاهد العابد
 
مرّت الشعوب المسلمة بسنين عجاف كثرت فيها الخلافات، وتعدَّدت فيها الرايات، وظهر علىالمسلمين فيها الأعداء، وخبأ في قلوب الأكثرين الرجاء، غير أن الله سخر رجالاً "ظهروا ونبغوا في أحوال غير مساعدة وفي أجواء غير موافقة بل وفي أزمنة مظلمة حالكة،فعملوا على إعادة بناء هذه الأمة حتى استطاعوا تجديد الدين في واقع الناس، ونشرراية السنة في ربوع الأرض الإسلامية.
 من هؤلاء الأبطال السلطان العابد المتواضعالزاهد الشجاع المجاهدنور الدين محمود زنكيرحمه الله،الذي يجهل سيرته كثير من المسلمين. فمن هونور الدينمحمود؟؟ تعالوا معاً نتعرف على شخصية جديدة من نجومنا الزاهرة.
صفاته الخِلقية والخلقية:
إسمة الحقيقى "محمود بن زنكي بن آقسنقر" الشهير بنور الدين محمود.
كان طويل القامة أسمر اللون حلو العينين واسع الجبين، حسن الصورة، تركي الشكل، ليس له لحية إلا في حنكه، مهيباً متواضعاً عليه جلالة ونور، يعظم الإسلام وقواعد الدين، ويعظم الشرع.
وهو السلطان الملك العادل نور الدين، صاحب بلاد الشام وغيرها من البلدان الكثيرة الواسعة. كان مجاهداً في الفرنج، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، محباً للعلماء والفقراء والصالحين، مبغضاً للظلم، صحيح الاعتقاد، مؤثراً لأفعال الخير، لا يجسر أحد أن يظلم أحداً في زمانه. وكان قد قمع المنكرات وأهلها، ورفع العلم والشرع، وكان محباً لقيام الليل يصوم كثيراً، ويمنع نفسه عن الشهوات، وكان يحب التيسير على المسلمين، ويرسل البر إلى العلماء والفقراء والمساكين والأيتام والأرامل، وليست الدنيا عنده بشيء رحمه الله وبل ثراه بالرحمة والرضوان.
قال ابن الجوزي: "استرجع نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله تعالى من أيدي الكفار نيفاً وخمسين مدينة".
والده وجده:
وهو ابن عماد الدين زنكي بن آقسنقر، كان جده آقسنقر قد وُلِّي حلب وغيرها من بلاد الشام، ونشأ أبوه عماد الدين بالعراق، وندبه الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين لولاية ديار الموصل والبلاد الشامية ، فظهرت كفايته وبدت شهامته واستتبَّ له الأمر ففتح "الرها" و"المعرة" و"كفر طاب" وغيرها من الحصون الشامية، واستنقذها من أيدي الكفار، وحاصر دمشق مرتين، فلم يتيسر له فتحها، فلما انقضى أجله رحمه الله قام ابنه نور الدين مقامه في الملك.
عفته واقتصاده:
و كان نور الدين محباً لفعل الخيرات، عفيف البطن والفرج، مقتصداً في الإنفاق على نفسه وعياله في المطعم والملبس، حتى قيل: إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقة منه من غير اكتناز ولا استئثار بالدنيا، ولم يسمع منه كلمة فحش قط، في غضب ولا رضى، صموتاً وقوراً, وكان لا يلبس الحرير، وكان يأكل من كسب يده بسيفه ورمحه.
زهده وتواضعه:
أيضا كان السلطان نور الدين رحمه الله زاهداً متواضعاً، لا يحب علواً في الأرض ولا فساداً، تلقى يوماً من بغداد هدية تشريف عباسية، ومعها قائمة بألقابه التي كان يذكر بها على منابر بغداد ".. اللهم أصلح المولى السلطان الملك العادل العالم العامل الزاهد العابد الورع المجاهد المرابط المثاغر نور الدين و عدته، ركن الإسلام و سيفه، قسيم الدولة وعمادها، اختيار الخلافة ومعزها، رضيَّ الإمامة وأثيرها، فخر الملة ومجدها، شمس المعالي و ملكها، سيد ملوك المشرق والمغرب وسلطانها، محي العدل في العالمين، منصف المظلوم من الظالمين ناصر دولة أمير المؤمنين.."، لكن نور الدين رحمه الله أسقط جميع الألقاب وطرح دعاءً واحداً يقول: "اللهم أاصلح

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين