من حمصي إلى معتصم الزمان

 سمعت مجاهدا حمصيا يقول : شكرا تركيا..  هنيئا أردوغان ، الآن ..الآن.. تستحق أن تدخل السوق الأوروبية ، لقد فزت بها يا سيدي ، فقد أتقنت لعبة السياسة ، وأحسنت عبارات السياسيين ، فقد قذفت بملء حنجرتك قنابل أوروبية صوتية ، لها دوي يملأ الفضاء ، نسمعه فجرا فتهتز الأجواء ، ونفتقده عند المساء ، عندما تسيل في البلاد دماء ، سأضع لك الوسام الذي وضع على صدر ساركوزي ، وجوبيه ، وماركل ، وأوباما ، الذين يطلعون علينا في كل يوم نقدم فيه عشرات القتلى ليقولوا : ينبغي أن نُسقط شرعية النظام في سورية ، وأن من يذبح شعبه بالسيف سيقتل فيه ،
 وحمص تُدك وتستغيث... وامعتصماه ، والمعتصم اليوم قد دخل أوروبا من باب بلاغة الأقوال ، فاتحا أسواقها لتجارته ، وقلاعها الحصينة لرفع أسهم اقتصاده ،
المعتصم العثماني.. ترتفع أمامه أرقام الشهداء ، وتتسع أمام عينيه وعين غيره  بحار الدماء ، فيتكلم ويعقد مؤتمرا صحافيا ، يجري فيه امتحانا أوروبيا ، كيف تكون النصرة بالكلام ، وكيف تساس قضايا الجوار بالوعود ، وتراعى مصالح الجوار بإلقاء فتات المساعدات للمهجرين ، وتقديم اللقمة والدواء لأبناء الجوار ،
 ولا ننسى يوم إعلان إلغاء التأشيرات معهم قبل سنوات ، حيث أخذت العدالة والتنمية حصة الأسد في ميدان التجارات ، وأغلقت مصانع إدلب وحلب أمام زحف الاستثمارات ، ويردّ الآن بعض الجميل في المخيمات ،
 أنا ابن حمص أقول لسيدي أردوغان وسيدي غول - بعد ان صمت صوت أوغلو لانشغاله في نصرة استثمارات ليبيا والقاهرة - أقول : لقد دُمّرت حمص يا أيها الجار ، ورفعنا راية طلب الحماية من دول الأرض أنّى كانت هديتها ، ومعلوم بأن الأقربين أولى بالمعروف في تقديم النصرة ، بل يصل الأمر الشرعي لا السياسي والديني وليس المصلحي لأن يتقدم الأقرب ، ولو بتهويشة أو بفركة أذن سياسية ، تتناسب مع ما يحدث ، كسحب السفير أو طرد السفير ،
 لقد صارت حمص حدثا عالميا في شدة التنكيل والتجويع ، وكاد الناس أمامها أن ينسوا قضية حماه ، وتذكرنا يا سيدنا وعدك العظيم ، وتهديدك الكبير ، بأنك لن تسمح بتكرار قصة حماه ،
عفوا .. لقد ارتجف نظام الأسد من كلامك ، فأصدر الأمر ، ليرى أبناء حمص بعد درعا ، بأن كلام المعتصم العثماني نفخة هواء في بالون السياسة ، لدولة تطرق أبواب أوروبا ، تنال بها علامة تقدم واستحقاق ،
 سيدي أردوغان ، لم أعد استطيع أن اسمع أبناء بلادي ، لأنهم يخرجون من المعاقل والمعتقلات بلا حناجر ، وحناجرهم أرسلت إلى أهليهم ، وقال القتلة لأهلهم : اصنعوا بها  ( شاورما ) ، وعلمت بأنهم يغمزون - بكلمة شاورما - بنصرتك المترددة ، ومواقفك الساركوزية والميركلية ، ووعودك الأوبامية الكلنتونية ،
 أرى قومي اليوم يقفون أمامي ، وقبضتهم ترتجف باشتدادها ، ليقولوا لي : كفرنا بالسياسة التي يتسلقها الناس بثياب المعتصم ، فإذا ما وصلوا خلعوا لكم الثياب ليتزيفوا بثوب السوق الأوروبية ، كفرنا بسياسة النمو الاقتصادي على حساب الشرف الإنساني ، كفرنا بالسياسة التي ترنو بعين إلى دخول أوروبا ، متسولة ذلك بخذلان جيرانها وأبناء عقيدتها ، كفرنا بسياسات الأرض التي تشتري نموها بدماء جيرانها ، كفرنا بسياسات تبني صروح تنمية تجعل هذا البناء لا يشيد إلا بالتدمية ،
 إنهم يصرخون ويقولون للدنيا كلها ، ولأهل الملة وأهل العروبة  ، وأهل الجوار ، ولكل من له أذن تسمع : نريد ارض صحراء ، ننصب فوقها خيمة العدالة ، ونتقوت بلقمة الكرامة ، ونشرب من أبوال الإبل المرتحلة بلا حدود ولا قيود ، نبحث فيها عن إنسان حر ، يربط على بطنه حجر مصا برته ، ولا نريد ان يصدم الإنسان بجاره ، ينصب له خيمة لجوء ، ويفرقع في وجه شهدائه قنابل نصرة جوفاء ،
إني أنسحب اليوم أمام هؤلاء الشباب من حمص عاصمة الجهاد وأنا أقول : امضوا سأسير معكم ، لأطرق باب الصحراء ، وأساكنكم خيمة العدالة الحقة ، وأتابع الكتابة بالدماء ، وأهب حنجرتي لهذا النداء ،
فمن سار مع ( الغياث... والمطر) يمكن ان يدرك معنى الحياة والعدالة والنماء                                                             
  بقلم الشيخ نور الدين قرة علي

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين