اتحدوا أيها العقلاء

 إن المرحلة الحالية تحتاج إلى جهود العاملين المخلصين , لا المنظرين القاعدين , ولا الطامعين المستشرفين , تحتاج إلى أناس تستنفر كل طاقاتهم للعمل إلى إسقاط النظام أولا ثم إلى بناء سوريا الجديدة , يعملون بالصمت المطبق , بعد أن قرروا أن تذوب ذواتهم وأن تذوب نفوسهم لخدمة هذا البلد المنكوب , وأن يخضعوا بكل مايملكون من علم ومعرفة , وحنكة وسياسة , ومال وجاه , ويقدمون التحية العظمى إجلالا وتعظيما وإكبارا وإحتراما لهذا الشعب العظيم الذي قدم كل غال ونفيس من أجل الحرية والعزة والكرامة , ومهد لسوريا المستقبل بدمه وروحه , وصبره وثباته 
 
هذا الشعب العظيم يحتاج منا أصدق النوايا , وأعظم الإجلال والإحترام , لأنه هو وحده من سيصنع هذا النصر , وهو وحده من عبد الطرق لكل السوريين الذين كانوا نائمين قبل هذه الثورة العظيمة كي يسيروا دون تعثر , فلذلك يجب أن يدرك كل فريق يريد المشاركة في بناء سوريا الجديدة أن النجاح في بناء سوريا المستقبل يكمن في أمور أساسية هامة وهي :
 
1.ذوبان الأنا والصدق مع الذات والإخلاص المطلق والتفاني العظيم والشعور بالتواضع المنكسر لهذا الشعب العظيم.
2.الإستشعار بأن المسؤولية الملقاة على عاتقه هي مسؤولية تكليف وخدمة لهذا الشعب , لا مسؤولية تشريف ومنصب .
3.أن تكون عنده رؤية واضحة وأهداف شمولية بينة مفصلة يقدمها للشعب العظيم كي يلقى منه الدعم والتأييد.
4.أن يملك بعد النظر والحكمة , وآلية التخطيط والتنظيم والتنفيذ , وبأعلى مستوى من مستويات الخبرة والكفاءة والحرفية.
5.أن يعمل مع كل أطياف الشعب دون إستثناء , ولأجل كل الشعب السوري بكل أطيافه وألوانه ودياناته وإتجاهاته وعروقه.
 
هذه من أهم الصفات التي ستميز الفريق العامل من الفريق الطامع , ومن الفريق المؤهل من الفريق الضعيف , ومن الفريق الذي يريد فعلا أن يبذل كل ما يملك لبناء الوطن الغالي.
 
لاشك أنه عمل ليس بالسهل , وعمل شاق طويل , فالدمار الذي لحق بسوريا جراء هذا الحكم الظالم لنصف قرن , ليس دمارا حسيا يمكن ترميمه بالمعطيات المادية فقط , بل هو دمار شمل كل جوانب الحياة السياسية والإقتصادية والعلمية والإجتماعية والفكرية والنفسية , ولم يترك جانبا من جوانب الحياة إلا عمل على إفساده وجره إلى بوتقة مظلمة بالقهر والظلم والإستبداد والرعب.
 
لذلك لابد في هذه المرحلة القادمة من تكاتف كل الجهود السورية للعمل على وحدة الصف , ونبذ كل خلاف قد يؤخر عجلة العمل , فالأمر لايحتمل أي خلاف , فالكل يتوق ويحلم ليرى سوريا حرة عزيزة كريمة , تحمل في أحضانها هذا الشعب العظيم , وتقدم له أحضان الدفء والحب والحنان , فحرام وألف حرام أن يختلف الناس في هذه المرحلة الحرجة , وأن يعكر صفو الهواء الحر الجديد الذي يريد الجميع أن يستنشقه ويستشعر بعبيره ورائحته الزكية , أن يعكره وجهات نظر في آلية عمل معينة , أو رأي خلاف رأي , فسوريا تنتظر من الجميع التوحد لا الخلاف , والعطاء لا الأخذ , والعمل لا القعود , والإنفتاح لا الإنغلاق , والتفاؤل لا التشاؤم , والمحبة لا البغض , والتسامح لا المحاسبة , والتواضع لا الإملاءات , والتعايش لا الإنكماش
 
سوريا تنتظر من كل أبنائها وأطفالها , ورجالها ونسائها , ونخبها ومفكريها , وتجارها وقياداتها , أن تتوحد توجهاتهم وآراءهم في بناء الوطن العزيز المنكوب , فالمأساة التي خلفها هذا النظام , والفساد والإفساد الممنهج الذي قام به يحتاج إلى جهود الجميع , وآراء الجميع , وأفكار الجميع , ورؤية الجميع , وحرص الجميع , وإخلاص الجميع , وتفاني الجميع , تجمعهم منظومة موحدة في التوجه للعمل الموحد لإسقاط النظام ثم لبناء الوطن والعمل لأجله .
3 / إيلول / 2011
كتبه حسام السباعي باحث في النهضة والتنمية

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين