وجاء دور السياسيين الأحرار

بقلم الشيخ نور الدين قرة علي 

 فبعد أن انكسر جدار الخوف ، وبرزت جحافل الثوار الأحرار ، وانتفضت في الأمة أجيالها ، وقالت هذه الأجيال كلمتها ، ورفعت الكرامة راياتها ، وارتقت في مواكب الشهداء مطالبها ، وغردت الطفولة أناشيد مستقبلها ما تردد على لسان براءتها وطهرها أغنيات آمالها ،
حرية وبس ، واحد واحد واحد سورية وطن واحد ، واحد واحد واحد الشعب السوري واحد ،    سلمية سلمية ،
وما أجمل لثغتها التي لم تظهر متأخرة كلثغة غيرها وهي تقول الثعب يريد إثقاط النظام ،
ومر الأمر سراعا ، ووقع العهد مع التاريخ ان لا تراجع ، مع الأخذ بالاعتبار فداحة الثمن الذي لم يتردد أحد بالتوقيع على دفعه ، النفس والمال ،
وبعد هذا أتت المرحلة الثانية وبدأت أصواتها ترتفع في كل موقع وفي كل مكان ، وبدأت بيارق مطالبها تطل على كل موكب وينادي شباب الثورة رجال الثورة ، وتجمعت أرواح الشهداء تطالب بإكليلها لتتوج به قضيتها ،
وإكليل الشهداء هم رواد الحرية ورموز النهضة ، الذين دفعوا بالتاريخ إلى الأمام من خلال ثباتهم وشموخ مواقفهم ،
 ولقد بدأ الشعب بكل أطيافه يحدد رجال موكبه السائر إلى النصر والظفر، إنه ينادي بأعلى صوته : آن الأوان أيها السياسيون الأحرار، فلقد مهدت الأجيال الطريق إلى القمة ، وأنتم في مقدمة الرواد من خلال تاريخكم النضالي ، ومواقفكم الشامخة ، وريادتكم الفكرية ، وتضحياتكم الغالية ،
إننا ننادي العطار بريادته ، والبيانوني بأصالة فكره وعلو همته ، والمالح برسوخ قدمه ، ودليلة بعزمه وحلمه ، والترك بثبات عزيمته ، وجودت سعيد بمصابرة فكرته , وحسن عبد العظيم بطول هامته ، وننادي من ورائهم الغليون بسعة افقه ، والمناع بامتداد خبرته ، وسهير الأتاسي بحنكة انطلاقتها ، والأطرش بأصالة مواقفها ، ومشعل تمو بشكيمته وبطولته ،
ويتوسع إكليل الرواد بلا توقف ليجمع كل أطياف الألوان بلوحته ،
 ولكن نريد أن نزف بهذا النداء بشائر استجابة هذا الطيف المتكامل من رواد نهضتنا لنداء الأمة أن هلموا إلى مجالسة حوارية ، ليرى العالم أيديكم المتشابكة المرتفعة بالتحية لجهادها ومصابرتها ، ولشهدائها ويتاماها وأراملها ، ليكون اللقاء الأول تحية طيبة من عزائمكم لعزم أمتكم ، ومن وحدة مبادئ لقائكم الكريم لثبات مناضليكم ،
وتكون هذه المجالسة الحوارية التي تجمعون لها من تختارون ليضاف إلى ربوعها رسالة حية إلى الجميع ، تمثل ريحا عاصفة تسقط ما تبقى من وهم النظام ، وهو يراهن على تفرق أطياف المعارضة ، وتمثل روحا ترتد إلى صدور الشعب المجاهد تضبط له خفقة قلبه الواجف على ثورته ، وتثبت فيه الطمأنينة على مستقبل تحركه ، وتكون أملا لكل الشعوب المناضلة من حولنا من أبناء أمتنا ، بأن لسورية من الرجال من تظهر حقائقهم في أدق اللحظات وتتبدى حكمتهم في أحرج الأوقات ،
يا رواد الحرية ويا رموز نهضتنا ، استجيبوا لقلوب محبيكم ، وترجموا هذه الاستجابة بعقد أول لقاء تشاوري ، نتجاوز به وهما يريد عدونا أن يزرعه في النفوس ، ويراهن بحقده على أن مثل هذا الإنجاز لا يمكن أن يكون ،
إننا سنرفع الصوت ، وسنكتب على كل لوح ، ونرفع كل راية ، وندخل كل فضاء ، ونراسل كل سامع وقارئ ، ونهز كل جامد ، ونسند كل مترنح ، وسنكتب إن اضطررنا بدماء جرحانا ، وسنطوف بكل شهيد على ساحات ريادتكم ، ونطالب ونطالب ونطالب بسرعة استجابتكم ، فالاجتماع هو بوابة الرحمة والخلاص ، والتريث ثمنه تأخر ومزيد من الدماء والضياع ،
فهيا يا رواد الحرية ويا رموز النهضة والثبات ، إلى العمل ..إلى الريادة ، وشباب الثورة ورجالها من ورائكم ،
هذا هو نداء صادق جاء دوره في حينه ، وقد سبقه نداء بعنوان قبل فوات الأوان ، ويلزم أن نذكر ، وأنتم من أهل التذكر والتبصر ، بأنه لا وقت اليوم لمناقشة قضايا محاصصات ، ولا تطلع إلى مغانم ومقايضات ، ولا مجال لتعدد الأفكار وتباينها أن تتحول من جمال اختلافها إلى بشاعة تنابذاتها ،
وإنها لفرصة أن نمثل اليوم أعظم حقائقنا واقعا ، وأن نؤكد اليوم أفكارنا فنجعلها منهاجا ،
وإنها لخسارة كبرى أن يعرض المجد بكل راياته على أمة فتبدل نعمة الله أنانيات وعظمة الفكرة محاصصات ، وحاشاكم يا رواد الحرية ويا رموز الثبات أن يرد أحد موارد الفتنة أو الهلاك ، حاشاكم أن تخيبوا الأمل بعد أن أتقنتم طيلة عمركم الجهاد والعمل ،
وأخيرا أتوجه إلى ساحة الثورة بكل أطيافها ، لجان عمل بكل أنواعه ، وتنسيقيات خير بكل تعدداتها ، ومؤسسات اجتماعية بكل مجالاتها ،وإلى كل كاتب وشاعر وفنان وخطيب ومتكلم ، أن يؤيدوا هذا النداء ، وأن يساهموا برفع الصوت والمشاركة لتحقيق هذه الخطوات ، وأن يكون حديث السهرات وهمسات المناجاة ودعاء المتبتلين وخفقات قلب الساجدين ، لأن اللحظة حاسمة والتآمر كبير والجهود مهددة والمكر خطير ،
ولا بد للداخل والخارج أن يفكروا جميعا وباتجاه واحد وهو تقرير المصير .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين