الإمام في شهر رمضان.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:
فيقول الله تعالى   {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت : 33]
ويقول النبي صلي الله عليه وسلم (نَضَّرَ اللهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا ، فَحَفِظَهُ ، حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ ، فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ.) أخرجه أحمد
وهل هناك لهذا الفضل العظيم والأجر الكبير غير الدعاة إلي الله تعالي الصادقين المخلصين.
 أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين يحملون أمانة تبليغ الدين، وحث الناس على العمل به ونشره بالحكمة والموعظة في كل مكان.
أخي الإمام: ها نحن يقبل علينا شهر رمضان الكريم وفيه من الخير العظيم والفضل الكبير ما يحتاج منا أن نقف معه عدة وقفات لنستفيد منه ونفيد إخواننا المسلمين وننشر الخير والرحمة من حولنا.
الوقفة الأولى: فرصة عظيمة لك أنت أيها الداعية.
فالإمام والداعية هو أحوج الناس إلى إصلاح نفسه وتزكيتها وتنقية روحه وتهذيبها، وتطهير قلبه، وانظر لتلك الآيات التي هيأ الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم للقيام بأمر الدعوة وتبليغ الناس قال الله تعالى { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر 1 ـ 7]
والداعية أحوج ما يكون إلي استغلال أوقات العبادة والطاعة والاستفادة منها في توثيق الصلة بربه والإقبال عليه،حتى يستطيع أن يتحمل الأمانة ويقوم بواجب المهمة والرسالة ، وأن يكون قدوة للناس في ذلك.
 قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا } [المزمل 1 ـ 8]
لا نريد أخي الإمام الداعية أبدا أن نكون كالشمعة التي تحرق نفسها وتضيء للآخرين إنما نريد أن نكون كالسراج يضئ للآخرين ولا يحرق نفسه.
ولا نريد أخي الداعية الإمام أن نكون كمن قال الله فيهم {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة : 5]
أخي الإمام الداعية لقد تبوأت مكانة عظيمة وعليك مهمة كبيرة فأنت وريث الأنبياء والمصطفين الأخيار، وحامل رسالة محمد صلي الله عليه وسلم فكن أهلا لها وابدأ بنفسك تنجو بها وبالآخرين بإذن الله تعالى.
الوقفة الثانية:الناس قد أقبلوا فماذا أنت فاعل:
يشكو الأئمة والدعاة في المساجد من انشغال الناس في أعمالهم وقلة ترددهم على المساجد وحضورهم إليها، بل يشكون من مغريات الحياة وفنونها الحديثة التي صرفت الناس عن المساجد، وألهتهم بها.
والحق الذي ينبغي أن نعرفه أن الأئمة والدعاة يتحملون جزئا كبيرا في ذلك.
ولكن قد أقبل الناس في رمضان وعادوا إلي المساجد، وأحبوا المكث فيها وأقبلوا علي حلق الذكر ودروس العلم ومجالس الوعظ
فماذا أنت فاعل.
هل تتصرف تصرفات عشوائية لا يكون لها حصيلة أو منها جدوى.
ثم بعد ذلك نقول الناس لا يسمعون أو لا يستجيبون.
إننا ينبغي أن نعد برنامجا رمضانيا متميزا ومفيدا لكل رواد المسجد والمقبلين عليه بل وكل من نستطيع أن نأتي بهم إلي المسجد، حتى من جيران المساجد والمراكز الإسلامية في البلاد التي نعيش فيها.
ينبغي أن نعرف أحوال الناس، وما يعانون منه، وما يتطلعون إليه، وما يؤثر فيهم، وما ينقصهم.
 حتى تكون الدعوة حقيقة كما قال الله تعالى{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف : 108]
فحينئذ سترى الثمرة وتجد الأثر وتلمس التغير في حياة رواد مسجدك.
·        ابدأ أخي الكريم تعرف على نفسك وإمكاناتك وقدراتك وما يمكن أن تفعله .
·        تعرف على أحوال الناس جيدا واعرف ما يعالج مشكلاتهم وما يزكي نفوسهم ويقربهم إلى الله تعالي.
·        ضع برنامجا محددا واضحا للشهر الكريم
·        نوع وجدد في البرنامج ولا تقتصر على الأساليب المعروفة على أهميتها والطرق المعتادة.
·        ليكن برنامجك شاملا ومتكاملا بحيث يجد كل رواد المسجد فيه حاجتهم من الكبار والصغار،والرجال والنساء والشباب.
·        اهتم بالمسلمين الجدد واجعل لهم برنامجا في هذا الشهر الكريم.
·        استشر إخوانك والمقربين منك والقائمين على أمر المسجد، واعتمد عليهم في تنفيذ البرنامج والقيام به.
·        لا تمل أبدا ولا تكل فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها وخير لك مما طلعت عليه الشمس وخير لك من حمر النعم.
 
v    مقترح برنامج للمسجد في رمضان:
أمور عامة: ضع شعار للمسجد في رمضان.
ü     هيئ الناس قبل دخول الشهر وحثهم على الاستفادة من الشهر الكريم.
ü     التركيز في البرنامج علي يومي السبت والأحد الذي تفرغ فيهما الناس من العمل.
ü     الاهتمام بالاعتكاف ووضع برنامج مناسب للمعتكفين.
ü     حدد الأهداف جيدا التي تريد أن تصل إليها من برنامجك خلال الشهر الكريم.
أهم الأنشطة المقترحة:
1)    جلسة لقراءة القرآن وتعلم أحكام التجويد بعد الفجر خاصة يومي السبت والأحد.
2)    درس بعد صلاة العصر يوميا.
3)    قراء أذكار المساء قبل المغرب.
4)    إفطار جماعي في المسجد خاصة يوم السبت أو الأحد.(الرجال مع الرجال ، والنساء مع النساء)
5)    تعلم خلق أو أدب 10 دقائق قبل العشاء.
6)    صلاة التراويح تعلم ذكر من الأذكار الواردة عن النبي مع ذكر فضله بين التراويح 5 دقائق أيضا.
7)    مسابقة عامة في المسجد مرة كل أسبوع ولتكن جوائزها فورية السبت أو الأحد بعد العصر أو بعد التراويح.
8)    مسابقة مكتوبة وتوزع جوائزها في نهاية الشهر.
9)    الاهتمام بجمع المسلمين عموما ومراعاة تقاليدهم التي لا تتعارض مع الشرع خاصة للمساجد التي يتواجد فيها المسلمون من جنسيات مختلفة ( أفارقة ،عرب ، باكستان ، أتراك ).
10)                       التركيز على إشراكك الشباب في برامج المسجد.
11)                       عمل درس خاص بالنساء.
12)                       درس خاص بالمسلمين الجدد خاصة في التهيئة لرمضان.
13)                       مسابقة للفتيان والشباب في حفظ القرآن، ومعرفة أحكام الدين.
14)                       استضافة بعض الدعاة والعلماء في محاضرات أو ندوات إن أمكن. أو يتبادل الأئمة بينهم في الساجد القريبة بعض الأيام قدر المستطاع.
15)                       الاهتمام بجيران المسجد من أهل الحي ومن يمكن دعوتهم في رمضان من غير المسلمين للتعرف على الإسلام وعلى الصيام .
16)                       عمل حلقات خاصة بالأطفال.
17)                       يتم إعداد برنامج المسجد في رمضان ووضعه في لوحة كبيرة تعليق في المسجد.
18)                       الحرص على الاستفادة من العشر الأواخر خاصة الليالي الوتر.
19)                       الاهتمام بالاعتكاف ووضع برنامج مركز له مع تنبه المعتكفين للحرص علي الاستفادة وعدم إضاعة الوقت فيما لا يفيد.
20)                       جمع صدقة الفطر وتوزيعها.
21)                       الاهتمام بصلاة العيد.
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربا العالمين
الشيخ د/ علاء محمد سعيد
رئيس قسم الدعوة والدراسات بالتجمع الأوربي للأئمة والمرشدين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين