المرأة 2007..حرية وتحدِّي - مؤتمر مشبوه عن المرأة في بيروت
المرأة 2007: حرية وتحدّي
مؤتمر مشبوه عن المرأة في بيروت
أوله تشنُّج وصَخَب... وآخره إعجابٌ واحترام
 
دعت الجمعية اللبنانية للصّحة الجنسية والإنجابية ـ التي تأسست في بيروت عام 2005مـ ـ وبرعاية مؤسسة فريدريش إيبرت fredrish ebert إلى المشاركةَ في ورشة عمل عقدت تحت عنوان (المرأة 2007.... حرية وتحدي) ... وذلك صباح السبت في 5 أيار 2007 في أوتيل لوفيريديان ـ كومودور في منطقة الحمرا...
وهذه قراءة لبعض المشاهد التي احتضنها المؤتمر...!
*****
في تلك الورشة كان الحدَث.
فوالله منذ اللحظة الأولى التي دخلنا فيها على القوم، وكأننا هبطنا عليهم من الفضاء: همز وغمز ولمز...
بعد إجراءات التسجيل، أخذنا أمكنتنا نحن خمس أخوات مجلببات وثلاث منا منتقبات (وفد جمعية الاتحاد الإسلامي عن مجلة منبر الداعيات والمنتدى الطلابي والقسم النسائي)، وجلسنا - بكل ثقة - والنظرات مسلّطة علينا والوشوشات لم تهدأ.
وبعد الترحيب بالضيوف والتعريف بهدف اللقاء أعلنت مديرة الجلسة عن البرنامج.
ولما لم يعجبها عدم وقوفنا مع الجميع عند افتتاح البرنامج كما لم يعجبها وجودنا ومداخلاتنا سعَتْ بكل جهدها لدى مسؤول الجمعية الراعية أن تتخلص من وجودنا فلم تُفلِح، وبدأ اللغط في المكان، ونحن جالسات: يا جبل ما يهزّك ريح، وكأنَّ الأمر لا يعنينا.
جاءت إحداهن (مخطوفة لون الوجه) بكل أدب واحترام ووضعت يدها على كتفي وكتف زميلتي وسألت: لماذا لم تقفن عندما وقف الجميع؟
فكرتُ لثوانٍ في نفسي أن أخاطبها بما تفهم، فابتسمتُ لها ورحبتُ بها بكل هدوء قائلة: حرية شخصية. قالت: ليس لك الحرية أن لا تقفي. قلت لها: لماذا؟ هذا خياري لك الحق في أن ترفضيه وأن لا يعجبك لا ألزمك بذلك ولكن عليها (في إشارة إلى التي لم تحترم نفسها وافتعلت كل تلك الضجة) أن تحترمني وتحترم خياري. فقالت: هذا يدل على عدم احترام النظام. فأجبتها: عدم الوقوف لا يدل على عدم الاحترام، فما النفع مثلاً أن يقف أحدهم للنشيد الوطني ثم يُفسِد في هذا البلد، بينما أنا أجتهد لأكون إنساناً صالحاً وعضواً فعّالاً: أيهما يحترم البلد أكثر؟ فقالت: أنا أعرف أنكنَّ فتيات صالحات مهذّبات مثقفات... إلا أنها أصرّت على موقفها من أننا مسَسنا مُقدَّساً فقلت لها: كم من الناس يخرقون أوامر الله المقدسة وتعتبرون ذلك حرية شخصية؟!
لم تقتنع ولم تقنعني...
وابتدأت مداخلات المحاضِرين والجالسة قبالتنا تُرغي وتُزبِد ولا أدري إن كانت استطاعت التركيز...
وبدأ السُّم الزُّعاف يخرج من أفواههم وبدأت المعزوفة إياها: إدماج الجندر في الحياة اليومية (والجندر لمن لا يعرف هو النوع الاجتماعي، ومن خلاله تهدف الأمم المتحدة - واضعة هذا المبدأ - إلى عدم التمييز بين الذكور والإناث في التنشئة الاجتماعية، وخيارات الإنسان في الحياة – بحسب هذا المفهوم تعود تماماً لهذه التنشئة وليس لاختلاف الطبيعة الفيزيولوجية التي تستتبع اختلاف التكليف والوظيفة المنوطة بكل جنس - ويحاولون تمريره بمختلف الطرق ليطبَّق في العالم الإسلامي) – مشاركة المرأة في الحياة السياسية – محاربة الزواج المبكر – الاغتصاب الزوجي (وعذراً على التعبير) ولكن يريدون من خلال هذا المصطلح خراب البيوت والجلوس على تلّها ودفع المرأة إلى التمرد بدل السعي لوضع الحلول الملائمة لمشاكل الزوجين أياً كان نوعها – إعادة طرح قانون الزواج المدني الاختياري – استنكار شهادة الرجل التي يقابلها شهادة امرأتين – بحث صورة جسد المرأة بطريقة مسفّة بعرض صورها عارية تماماً أمام الحضور بحجة استعراض جميع الحقب التاريخية المتعلقة بتطور صورة جسد المرأة مع إغفال ذِكر تلك الحِقبة المضيئة من التاريخ عندما أُعطيت المرأة حقوقها كاملةً ومُيِّزت بحجابها... وكل ذلك تحت ستار البحث العلمي – العمل على تفعيل حلول البنوك المنوية والأم البديلة و...
بنود ومواد لم يفتُروا عن ذكرها ومحاولات تمريرها بصِيَغ وأشكال مختلفة منذ مؤتمر بكين 1995.
كل ما طُرِح في جلستَيْ ورش العمل مع ما يحمل من تعدٍّ على منهج الله، ومن مسخٍ للفطرة الإنسانية، ومن دَوْسٍ على كرامة المرأة بطرق مباشرة وغير مباشرة، ومن هدمٍ واضحٍ صريح لنظام الأسرة، ومن إشاعة للفاحشة ومن فوضى النَّسَب.... كل ذلك كان موضع رضا من معظم المشاركين، والسؤال الذي خطر لي: كل هذه المقدَّسات التي يتم خرقها لم يرفّ لها جَفن إحداهنّ بما في ذلك عرض الصور المهينة للمرأة، ولم يعتبرن ذلك مخلاً باحترامهنّ، وما فعلناه نحن اعتُبر كذلك؟
ولكن الحمد لله كانت مداخلة إحدى الأخوات من مجموعتنا أميز مداخلة نافحت فيها عن تعاليم إسلامنا العظيم بالرد على بعض النقاط، مع استنكارنا لجميع ما ورد في ورشة العمل تلك.
المهم.. في استراحة الجلستين انقلب السحر على الساحر وكما يُقال: رُبَّ محنة استبطنت منحة، كان هدفها في الجلسة الأولى إما أن تُخرِجنا من المشاركة أو تُحجّمنا وكما عبّرت: تجعلنا جالسات "بلا احترام"، ولكن سبحان الله، فقد أكرمنا تعالى بأن تحلّقت النساء حول عدد منا حتى تحولت القاعة إلى مجموعات في كل مجموعة واحدة أو أكثر منا؛ حيث حرصت عدد من النساء – من مختلف الأديان والتوجُّهات - على التعرف علينا وإبداء الإعجاب بنا وبتهذيبنا إذ لم ننزل إلى مستوى تلك المرأة...، وبثقافتنا، واحترمن خياراتنا، وسألتني إحداهن عن نقابي فأجبتها: إذا كنا نبحث عن الأفضل في أمور دنيانا، فالأولى أن نبحث عن الأفضل في أمور ديننا، وسألتني أخرى عن سبب عدم وقوفنا فأجبتها: لا أقف لغير الله, فقالت: أحترم وجهة نظرك. وبعض النساء طلبت من إحدانا أن تأتي إلى مركزهنّ لتعطي محاضرة للصبايا مبدية إعجابها بحشمة الأخت مستنكرة التعري الذي عليه بناتهن (وهي من غير ديننا)... وبشكل عام أظهرن رفضهن للأسلوب غير اللائق وغير المحترم الذي تعاملت به تلك المرأة معنا، وأبدين إعجاباً وتأثّراً واضحيْن... وطلبن التعرف على المجلة والجمعية ووعدننا أن يتواصلن معنا، وأصبحنا بحق نجمات اللقاء.
هذا بفضل الله، ثم باعتزازنا بديننا والتعبير عن قناعاتنا بحرية مسؤولة.
وخرجنا من ذلك المجتمع وفي نفسي انطباعان:
الأول: وهو ما حدّثت به الأخوات بقولي: أشعر دائماً أننا نعيش في مجتمع معقّم، في مقابل تلك المجتمعات الموبوءة.
أما الثاني: فقولي لهن: كم نحن مقصِّرات بالتعريف عن أنفسنا تاركات غيرنا يعرِّفن عنا بخبث، وقد وجدنا مدى التعطّش والرغبة في التواصل معنا لدى النساء من مختلف العقائد والتوجهات.
 
بقلم:إحدى المشاركات في الوفد

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين