مراجعات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر ـ 12ـ

 د. موسى إبراهيم الإبراهيم

 المصطلحات
أثبت هنا بعض المصطلحات التي قد تتردد في ثنايا البحث، ليكون القارئ على بصيرة من دلالاتها اللغوية أو معانيها المشتهرة بين الناس اليوم.
جاء في القاموس المحيط في مادة "عرب" المعاني التالية:
العرب: خلاف العجم، وهم سكان الأمصار.
والأعراب: سكان البادية.
وعربي: بيّن العروبة.
والإعراب: الإبانة والإفصاح
والتعريب: تهذيب النطق واللحن.
وعروبة: وباللام (العروبة) يوم الجمعة.
والعربة: النهر الشديد الجري، وأقامت قريش بعربة فنسبت العرب إليها، وهي باحة العرب وباحة دار أبي الفصاحة إسماعيل عليه السلام.
 
ويَعرُب بن قحطان: أبو اليمن، قيل أول من تكلم بالعربية.
وتَعَرَّب: أقام في البادية.
وعروب: اسم السماء السابعة[1].
 
وجاء في المصباح المنير في مادة "قوم" المعاني التالية:
أقام في الموضع لإقامة اتخذه وطناً فهو مقيم.
 
والقوم: جماعة الرجال ليس فيهم امرأة، والجمع أقوام، وسموا بذلك لقيامهم العظائم والمهمات.
 
وقوم الرجل: أقرباؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد[2].
الجاهلية: جاء في لسان العرب لابن منظور: هي الحالة التي كان عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه ورسوله وشرائع الدين، والمفاخرة في الأنساب والكبر والتجبر، ووردت بمعنى السفه وهو ضد الحلم[3].
والعروبة في اللغة المعاصرة: هي القومية العربية، والهوية العربية، أي كل ما يميز العرب ويعطيهم هويتهم.
 
والعربي بتعبير دقيق: هو من كانت لغته العربية وعاش في الأرض العربية، أو تطلع إلى الحياة فيها، وآمن بانتسابه إلى الأمة العربية[4].
الشعوبية: بضم الشين هي احتقار أمر العرب، وهم الشعوبيون[5].
معادن العرب
 الناس معادن، والمعادن منها النفيس والثمين، ومنها التافه والرديء، ومعدن العرب بين الأجناس في مقام الصدارة والنفاسة، وهذا الأمر قد عده علماؤنا المسلمون أصلاً من أصول أهل السنة والجماعة التي تميز جماهير الأمة الإسلامية عن أهل الأهواء والغثائية من الناس.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم، وأن قريشاً أفضل العرب .... وليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم، - وإن كان هذا من الفضل – بل هم في أنفسهم أفضل، .... ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون بفضلهم فإن قولهم بدعة وخلاف[6].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم، ثم خيّر القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم خيّر البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً[7].
والأحاديث النبوية الشريفة الواردة في هذا المعنى كثيرة جداً منها:
- عن وائلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم"[8].
- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سلمان، لا تبغضني فتفارق دينك. قلت: يا رسول الله كيف أبغضك وبك هداني الله؟ قال: تبغض العرب فتبغضني"[9].
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي" قال الحافظ السلفي: هذا حديث حسن[10].
 لا للعنصرية
هذا هو المنهج الإسلامي في بيان مكانة العرب وفضلهم على غيرهم، ولكن لا يعني ذلك أن العرب ينالون هذا الشرف لمجرد عروبتهم، بل إنها القيم والشيم والأخلاق، فحيثما وجدت وجد الفضل وحيثما تخلفت تخلف.
وليس من الأدب أن يتطاول الناس على بعضهم بناء على تفضيل بعضهم على بعض، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد"[11].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فنهى الله سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم عن نوعي الاستطالة على الخلق، وهي الفخر والبغي، ولأن المستطيل إن استطال بحق فقد افتخر، وإن كان بغير حق فقد بغى، فلا يحل لا هذا ولا هذا؛ لأن فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص فرب حبشي أفضل عند الله من جمهور قريش[12].
ويقول رحمه الله: "وما ذكرنا من حكم اللسان العربي وأخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك، وإن كان أصله فارسياً، وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشمياً[13].
نعم، هكذا شأن الإسلام في منهجيته وهديه، كله توسط واعتدال وواقعية بعيداً عن الغلو والتطرف في الفهم، والمهم في هذا الدين الجوهر لا العرض، والحقيقة لا الدعوى.
العرب في القرآن الكريم
 لقد ورد ذكر العرب في القرآن الكريم في آيات كثيرة ومتعددة، مما يشعر بفضلهم وسر اختيارهم لحمل رسالة الإسلام، ومن هذه الآيات:
1- قال الله تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)[14].
2- قال الله تعالى: (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين)[15].
3- قال الله تعالى: (وكذلك أنزلناه حكماً عربياًَ ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق)[16].
4- قال الله تعالى: (وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً)[17].
5- قال الله تعالى: (لقد أنزلنا إليكم كتاباً في ذكركم أفلا تعقلون)[18].
6- قال الله تعالى: (قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون)[19].
7- قال الله تعالى: (كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون)[20].
8- قال الله تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها)[21].
9- قال الله تعالى: (إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)[22].
10- قال الله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً)[23].
11- قال الله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون)[24].
إنها آيات بينات تحمل في ثناياها كل معاني العظمة التي يحملها هذا الكتاب العربي المبين، قرآناً عربياً، لسان عربي، حكماً عربياً، كتاباً فيه ذكركم وشرفكم، وهو ذكر لك ولقومك وسوف تسألون.
إنها الإشارات والدلالات التي لا تحتاج إلى شرح ولا استطراد، وفيها الكفاية لمن تدبر وعلم وعقل لبيان مكانة العرب في الإسلام.
رسول عربي، ولسان عربي، وحكم عربي؛ وفي جميع ذلك شرف للعرب يغبطون عليه، ولم يغمطهم فيه أحد من المسلمين على مر التاريخ لا سابقاً ولا لاحقاً ولا ماضياً ولا حاضراً.
ألا ليت العرب فقهوا دورهم وعرفوا قدرهم وحققوا الآمال التي يعلقها المسلمون في العالم عليهم كما فعلوا يوم حملوا هذا الكتاب العربي
العظيم بصدق، وفتحوا به العالم قلوباً وأرضاًَ تاريخاً وجغرافية وحضارة.
إنها الحكم التي يحتاجها العرب اليوم أكثر من أي وقت مضى "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
 
 
--------------------------------------------------------------------------------
 
[1]. القاموس المحيط للفيروز آبادي، مادة العرب ج1 ص106.
[2]. المصباح المنير للفيومي. مادة "قوم" ص714.
[3]. لسان العرب لابن منظور، مادة "جهل".
[4]. المادة العاشرة من المبادئ العامة في دستور حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أقره مؤتمره التأسيسي عام 1947, نقلاً عن كتاب عروبة الإسلام وعالميته لمؤلفه شبلي العيسمي ص 21.
[5]. القاموس المحيط مادة "الشعب" ج1 ص 91.
[6]. "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص 148 – 149.
[7]. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
[8]. رواه مسلم وأحمد والترمذي.
[9]. رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب.
[10]. اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ص 158.
[11]. رواه مسلم.
[12]. اقتضاء الصراط المستقيم ص 164-165.
[13]. المرجع السابق ص168.
[14]. سورة يوسف الآية 2.
[15]. سورة النحل الآية 103.
[16]. سورة الرعد الآية 37.
[17]. سورة طه الآية 113.
[18]. سورة الأنبياء الآية 10.
[19]. سورة الزمر الآية 28.
[20]. سورة فصلت الآية 3.
[21]. سورة الشورى الآية 7.
[22]. سورة الزخرف الآية 3.
[23]. سورة الأحقاف الآية 12.
[24]. سورة الزخرف الآية 44.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين