شيخ القادة الملهمين

ما سمعت بكلمة أشد جرأة من كلمة ألقاها الشيخ البوطي يوم الجمعة ، متعجبا من مجاهدين يقودهم أمريكان ، وليس هناك من تفسير لهذا التعجب الطارئ إلا كونه تعليقا على وجود  السفير الأمريكي في حماه ، فالمجاهدون هناك الذين خرجوا بدمائهم وأموالهم وأرواحهم ينادون على الظلم أن يرحل وللطغيان أن يزول وللقتل وللإجرام أن يتوقف وللاغتصاب أن تنتهي فضائحه ، هؤلاء ومن أسابيع وأشهر يجأرون في كل يوم بأنه لا إله آلا الله ، ويقدمون الشهيد الشاب بأنه حبيب الله ، وأن الموت أهون من الذل ، وأن الحياة تحت سيف الهوان لا قيمة لها في نظر هؤلاء ومشاعرهم ،

 هذا ما تعجب منه شيخنا الجليل ، تعجب كيف ألقت حماة بفلذة أكبادها تذود عن أعراضها ،   وتتهيأ لمواجهة دبابات الطغيان بمصابرتها ، وتعلن بأنها لن تكرر مأساتها ، وقد خرجت بكل أطيافها لا يقودها لون أو مذهب ، بل تجانست بمطالبها وتوحدت بقرارها ،
هؤلاء أدهشتهم مصابراتها ،يريدون أن يروا رأي العين ما حجبه الظالمون عن كل وسائل الإعلام، وجاء السفير الأمريكي شخصيا ودون استئذان السلطات حسب ما أُعلن ، جاء ليرى بعينه أي أمة هذه التي تجابه كل ذلك ، لينقل بعين اليقين إلى الجبارين في بلاده ليعلموا حقائق الأمور ،         وأن إرادة أمة قد تبدت طلائعها ، وأن عزم شعب قد تطاولت بوارقه وراياته ،
 هذا كله تعجب الشيخ منه ، ورأى ان هذا السفير جاء ليقود هؤلاء  إلى ساحات العزائم وهو الذي يمد هؤلاء بهتافات التوحيد التي تهتف لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله ، هذا السفير الذي سينقل متعجبا إلى بلاده ويقول يا قومنا لا طاقة لكم بعد اليوم بأمثال هؤلاء  ،                                يا خطيب المنابر لعلك تكتب الخطب وحدك نعم نعم ، ولعلك تحركها في ذهنك بمفردك نعم نعم ، ولعلك تلقيها لتسمعها إذناك نعم ، لعل وعسى وإن تعجب فعجب أمرك ، فالمجاهدون هؤلاء من أبناء دينك وتلامذة دروسك رفضوا اليوم قيادة عمائم التردد لاضطراب موازينها , وجماعات التقزم لتبلد عقولها ، وارتضت الحق ان يكون رائدا لها  ،
 لا تعجب يا شيخ من وقوف علماء المسلمين في جنبات الأرض ، ولا تعجب من تأييد رجال الدعوة في الوجود ، ولا من الحق والحقائق في المغارب والمشارق ، كل هؤلاء رأوا أقدار الله تتجلى وليست الشياطين التي تجتال صف المؤمنين كما ترى ، رأوا أقدار الله تحقق ما وعدت به المصابرين والمظلومين ودعاء الثكالى والمأسورين والتي كانت تتصاعد في الأسحار ،          ويأتي الجواب من الله لنا يقول لأنصرنك ولو بعد حين ، فإذا جاء هذا الحين فلا راد له ، ولن يرده جبار ولا أعوان ولا متعجبون أو مندهشون ،
 كيف يأتي سفير ليقود بحار الجماهير؟  وهل رأيتم قطرة تقف أمام أمواج المحيطات ، ان هؤلاء لا تخدعهم زيارة سفراء ولا ينشدون عونا من هؤلاء العبيد لأنهم يعتمدون على العزيز المجيد ، ولا يكلون أمورهم إلا للواحد القهار، لأنهم بإرادة الله خرجوا وفي سيله بذلوا ولتحقيق كرامة العبودية له وحده استشهدوا ،
 إن الشياطين أيها الشيخ تجتال وتغتال ولكن بأساليب مختلفة فتارة عن طريق شهوة ، وتارة عن طريق شبهة ، وتارة عن طريق زلة في خطبة أو مقال ، أيها الشيخ لقد ا ارتأيت ان مجاهدي الشام قد اتخذوا السفير الأميركي قائدا وإماما ، ولا ندري من الذي تقف وراءه اليوم كإمام ،
 أيها الشيخ انك لم تعد ترى الأحداث كما هي ، أيها الشيخ لم تعد تستطيع تفسير الأمور وفق مجرياتها ، أيها الشيخ لم تعد قادرا على استنباط مدلولات التحرك الجماهيري ، كما لم تستطع استنباط تحركات السفير الأمريكي ، فقد تناسقت مرئياتك مع الفروع الأمنية والملهمين السياسيين أيها الشيخ لم تعد شيخ جماهيرك بل صرت مرهونا لأعلام الوهم وقيادات الوهن .

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين