بدائعُ عمريَّة...

بقلم الأستاذ أحمد الشرباصي

 

 

 

للحاكم العادل أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه طائفة من البدائع التي سبق إليها وامتاز بها، ونحن اليوم في شتى بقاع الأرض نفاخر بمبادئ، ونظم وتشريعات، ونظن أن هذه من مبتدعات الحضارة المعاصرة، مع أننا نجد أصولها وأشباهها أو خيراً منها في تاريخنا العربي والإسلامي الجليل.
 
نحن في عصرنا الحاضر نفاخر بإعطاء الموظفين سلطات اختصاصهم، وعدم تركيز السلطة في يد واحدة، ونفاخر بأن الموظف الكفء، الآن يجب عليه النهوض بتبعات اختصاصه، ولا يكون إمَّعة يرجع إلى الرؤساء في القليل والجليل، والصغير والكبير، وتفاخر الدولة التي تأخذ بهذا النظام غيرها من الدول التي لا تأخذ به...
 
وعمر بن عبد العزيز الذي تولى الخلافة الإسلامية قبل أن ينتهي القرن الأول من الهجرة، أي منذ ما يقرب من ألف وثلاثمائة سنة، قد أخذ بهذا النظام، فقد كتب إلى عروة واليه على اليمن يقول له:
 
(أما بعد، فإني أكتب إليك، آمرك أن ترد على المسلمين مظالمهم وتراجعني، وأنت تعرف بعد ما بيني وبينك، ولا تعرف أخذات الموت، حتى لو كتبت إليك: أردد على مسلم مظلمته، لكتبت إليَّ، أردها عفراء أو سوداء؟ انظر أن ترد على المسلمين مظالمهم ولا تراجعني).
 
وكان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن عامله على المدينة المنورة في المظالم، فيراجعه فيها، فكتب إليه عمر رضي الله عنه:
(إنه يخيل لي أني لو كتبت لك أن تعطي رجلاً شاة لكتبت إلي: أذكر أم أنثى؟ ولو كتبت إليك بأحدهما، لكتبت إلي: أصغيرة أم كبيرة؟ ولو كتبت إليك بأحدهما، لكتبت: أضائنة أم معزى؟، فإذا كتبت إليك فنفذ ولا ترد عليَّ والسلام).
 
والدولة الآن ترى من واجبها أن تتحمَّل بعض التَّبعات عن الأفراد، لأنها المجموع القوي المقتدر الذي يجب عليه أن يحمي مصالح أفراده الذين يكونون كتلته، وعمر بن عبد العزيز قد أدرك تبعة الدولة نحو الفرد، فهو مثلاً يرى أنَّ الدولة مسؤولة عن الإنفاق على الذين خصَّصوا أنفسهم للدرس والبحث...
 
عن يحيى بن أبي كثير قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمَّاله أن أجروا على طلبة العلم الرزق، وفرِّغوهم للطلب... وما أبلغ قول عمر: (وفرغوهم للطلب)...! أي: اجعلوهم متفرِّغين لطلب العلم، لا يشغلهم عنه شاغل، ولا يلفتهم عن الاستغراق فيه، التفكير في مطالب الحياة وأسباب القوت والطعام، ولا يستطيع الإنسان أن يجيد البحث والدرس إلا إذا كان فارغ البال هادئ النفس متفرغاً لما هو بسبيله من بحث وتحصيل.
 
وكتب عمر إلى والي حمص يقول له: (انظر إلى القوم الذين نصبوا أنفسهم وحبسوها في المسجد عن طلب الدنيا، فأعط كل رجل منهم مائة دينار يستعينون بها على ما هم عليه من بيت مال المسلمين، حين يأتيك كتابي هذا، وإنَّ خير الخير أعجله، والسلام عليكم).
 
وكتب إلى واليه في رسالة أخرى: (مر لأهل الصلاح من بيت المال بما يغنيهم، لئلا يشغلهم شيء عن تلاوة القرآن وما حملوا من الأحاديث...).
وعمر كان يرى الدولة مسئولة عن أسراها، ويجب أن تنفق كل ما تستطيع في سبيل فكاكهم وإطلاق سراحهم، ولقد كتب إلى عماله: أن فادوا بأسارى المسلمين وإن أحاط ذلك بجميع مالهم.
 
وكان يرى أن الدولة مسئولة عن إصلاح الفساد الذي لا يستطيع الفرد أن يدفعه.
 
جاء رجل، فقال له: إني زرعت زرعاً، فمرَّ به جيش من أهل الشام فأفسده، فعوضه عمر عن ذلك عشرة آلاف درهم.
 
وكتب إلى خزنة بيت الأموال بأن يأخذوا من الأفراد النقود الكاسدة التي لا يقبلها الناس، ولا حيلة لهم في أمرها، وقال عمر لهؤلاء الخزنة: (إذا أتاكم الضعيف بالدينار لا ينفق عنده فأبدلوه من بيت المال).
 
والدولة الحديثة اليوم ترى من مفاخرها أنها تتكفل في بعض الأحيان بنفقات المظلوم الضعيف، فتعفيه مثلاً من نفقات القضايا، وقد تعيِّن له محامياً إذا عجز عن أجره، ولكن عمر منذ مئات ومئات السنين يفعل أكثر من هذا وأكثر...
 
وانظر إن شئت إلى الموقف التالي الذي يردده التاريخ:
خرج عمر ذات يوم من منزله على بغلة له شهباء، وعليه قميص له وملاءة مشققة، إذ جاء رجل على راحلة له فأناخها، فسأل عن عمر، فقيل له: قد خرج وهو راجع الآن!..
 
ثم رجع عمر رضي الله عنه، فقام إليه الرجل وشكا إليه عدي بن أرطأة في أرض له، فقال عمر: أما والله ما غرَّنا منه إلا بعمامته السوداء، أما إني قد كتبت إليه ـ فصل عن وصيتي ـ إنه من أتاك ببينة على حق له فسلمه إله، ثم قد عنَّاك إلي ـ أتعبك بالسفر إليَّ ـ...
 
وأمر عمر بردِّ الأرض إلى الرجل، ثم قال له: كم أنفقت في مجيئك إلي!؟ فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، تسألني عن نفقتي، وأنت قد رددت عليَّ أرضي وهي خير من مائة ألف؟.. فقال عمر: إنما رددت عليك حقك، فأخبرني كم أنفقت؟ قال الرجل: ما أدري، قال عمر: احزره ـ قدره بالتقريب ـ قال الرجل: ستين درهماً. فأمر عمر له بها من بيت المال...
ولما انصرف الرجل راضياً مسروراً صاح به عمر، فرجع إليه، فقال له عمر: خذ، خذه خمسة دراهم من مالي فكل بها لحماً حتى ترجع إلى أهلك إن شاء الله تعالى.
أرأيت؟!
والدولة مسئولة عن حماية أموال الأفراد وصيانة حقوقهم وعقارهم، و عمر كان يرى أن يخلص الوالي في هذه الرعاية، وأن يتوسع فيها مع الضعفاء والعجزة، حتى لا يستبد بهم أهل الخيانة والغدر...
هذه امرأة من أهل مصر كانت تسمَّى فرتونة، وكانت مسكينة فقيرة سوداء، وكان لها بيت صغير متواضع تهدم بعض جوانبه، وكان لها دجاجات تربيها لتستعين بها على حياتها، ولكن اللصوص كانوا يعتدون عليها ويسرقون منها دجاجها بسبب تهدم بيتها.
وسمعت المرأة بعدالة الخليفة عمر وحبه للخير، وحرصه على مصالح العباد، فكتبت خطاباً إلى عمر تشرح فيه قصتها، وترجوه أن يحصن لها بيتها، لأنها لا تستطيع ذلك، وأن يحميها من اللصوص، الذين يفجعونها في دجاجها، وبعثت بهذا الخطاب إلى عمر رضي الله عنه مع بريد مصر الذاهب إلى الخليفة في دمشق الشام، وكان من الممكن أن يظل هذا الخطاب بين ركام البريد الضخم الوارد من أنحاء الدولة الواسعة، و كان من الممكن أن تغضي عنه عين المراجع للبريد أو المطلع عليه، وكان من الممكن أن تلحظه العين ثم لا تقيم له كبير وزن، لأنه ليس متعلقاً بأمر جليل أو خطير...
ولكن الحاكم العادل والخليفة الراشد، والإمام الرحيم، رأى أن ذلك موضوع له جلالته وخطورته، ويجب أن يهتم له ويُعنى به، فكتب عمر إلى أيوب بن شرحبيل واليه على مصر كتاباً عمرياً خليفياً يقول فيه: ( من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى أيوب بن شرحبيل، أما بعد، فإن فرتونة، مولاة ذي أصبح كتبت إليَّ تذكر قِصَر حائطها، وأنه يسرق منها دجاجها، وتسأل تحصينه لها، فإذا جاءك كتابي هذا فاركب أنت بنفسك إليه حتى تحصنه لها).
فلما جاء الكتاب إلى أيوب ركب بنفسه حتى بلغ الجيزة وهو يسأل عن فرتونة، حتى وجدها فإذا هي سوداء مسكينة، فأخبرها بكتاب أمير المؤمنين وحصَّن لها بيتها.
وهذا مثل رفيع من أمثلة الرفق بالضعفاء، والحرص على حقوق الأفراد، فهذه المرأة المسكينة التي تضيع في غمار الملايين من الناس، والتي تقيم في ركن مجهول من أركان الجيزة، والتي تعبرها الأنظار ولا تقف بها اللواحظ، تكتب إلى الخليفة خطاباً تسأله إصلاح شأن من شئونها هي المسئولة عن إصلاحه، ولكن الخليفة يدرك فقرها و ضعفها، ويدرك بغي الباغين عليها من السرقة و اللصوص، ولو لقيهم للقوا منه جزاءهم، فيأمر واليه بأن يسعى بشخصه إلى فرتونة، وأن يصلح خلل بيتها بنفسه، ليكون ذلك مثلاً شروداً من أمثله الرحمة والإشفاق من الحاكمين على المحكومين!..
ولقد كان (العرجي) الشاعر غازياً، فأصابت الناس مجاعة، فقال للتجار: أعطوا للناس وعليَّ ما تعطون، فلم يزل يعطيهم ويطعم الناس حتى أخصبوا فبلغ ذلك عشرين ألف دينار، فألزمها العرجي نفسه، وبلغ الخبر عمر بن عبد العزيز فقال: بيت المال أحق بهذا!.. ودفع إلى التجار ذلك من بيت المال...
والمحسوبية واستغلال النفوذ من أدواء الحكم وعيوب الدول، والحاكم الذي يفتح الأبواب للاستغلال أمام أقاربه ومحاسيبه يفتح أبواباً من البلاء على نفسه وعلى الناس، وعمر بن عبد العزيز كان يحارب هذه المحسوبية بكل ما استطاع، ولقد بدأ حين تولى الخلافة باستخلاص حقوق الأمة والأفراد من أيدي الأمويين في صرامة وشدة، ولم يقبل في ذلك شفاعة الشافعين، ولا وساطة المتوسطين، ولقد احتال عليه أهله من الأمويين بكل حيلة لكي يرفق بهم في انتزاع ما في أيديهم من المظالم وحقوق العباد، فلم يخضع لهم ولم يلن أمامهم...
وها هو ذا يكتب يعزل أحد الأشخاص، لأنه غير صالح للعمل، ولأنه قريب لأمير المؤمنين... كتب إلى الجراح واليه على خراسان يقول: (إنه بلغني أنك قد استعملت عبد الله بن الأهتم ،وإن الله عزَّ وجل لم يبارك لعبد الله ولا لأهل بيته في العمل، فإذا أتاك كتابي هذا فاعزله، وأنه مع ذلك لذو قرابة لأمير المؤمنين).
والحاكم العادل لا يرى نفسه محتاجاً إلى حرس حوله، أو جنود يصونونه، لأنه لا حقد بينه وبين الناس، ولا ثأر عنده لأحد منهم، وعمر رضي الله عنه حينما تولى الخلافة ضاق ذرعاً بهؤلاء الجنود والحرس الذين يتقدمون الخليفة إذا ذهب أو توجَّه، وكان هناك ثلاثمائة شرطي، وثلاثمائة حرس، فقال عمر لهم: (إن بي عنكم لغنى، كفى بالقدر حاجزاً، وبالأجل حارساً، ولا أطرحكم من مراتبكم، من أقام منكم فله عشرة دنانير، ومن شاء فليلحق بأهله)!.
والسارق الذي يسرق تحت سلطان الحاجة والجوع، ماذا نصنع معه؟ إن لعمر موقفاً جريئاً في هذا الباب يحتاج إلى تأمل وبحث، فقد جيء إليه بسارق، فشكا إليه الحاجة، فعذره وأمر له بنحو عشرة دراهم!!
وعمر بن عبد العزيز يعلِّم ولاته وعماله، ويعلِّم الناس جميعاً، أن يدقِّقوا في تحقيق القضايا، وأن يتأنوا في الحكم، وأن يحكموا ببيِّنة ودليل، وألا يحكموا بظنة أو بشبهة.
يقول عمر: إذا جاءك الخصم وقد فقئت عينه، فلا تحكم له، حتى يأتي الخصم الآخر، فلعله قد فقئت عيناه معاً!!
وعن ابن يحيى الغساني قال: حدثني أبي عن جدي قال: لما ولاني عمر ابن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقاً ونقباً، فكتبت إلى عمر أعلمه حال البلد، وأسأله أن آخذ الناس بالشبهة، وأضربهم على التهمة، أو آخذهم بالبيِّنة وما جرت عليه السنة، فكتب إليَّ: أن خذ الناس بالبيِّنة وما جرت عليه السنَّة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله، ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقاً ونقباً...
ويقول عمر في النهي عن الأخذ بالشبهات في الحدود:(ادرءوا الحدود ما استطعتم في كل شبهة، فإن الوالي إذا أخطأ في العفو خير من أن يتعدى في العقوبة).
وعُني عمر بإصلاح السجون وإصلاح المسجونين.
فقد أمر بعدم تعذيب أحدٍ من المسجونين، وألا يوثق السجناء بوثاق يمنعهم من الصلاة وهم قيام، وألا يبيت أحد منهم في قيد إلا إذا كان مطلوباً في دم، وأجرى عمر على المسجونين من الطعام والإدام ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وأخذ بالمبدأ المشهور: الشخص بريء حتى تثبت تهمته، وفضَّل الخطأ في العفو على الخطأ في العقوبة، وكان يقول: (لأن يلقوا الله بخياناتهم أفضل من أن ألقى الله بدمائهم)!..
لقد كتب إليه واليه عدي بن أرطأة يقول: ( من عدي بن أرطأة: أما بعد، أصلح الله أمير المؤمنين، فإن قبلي أناساً من العمال قد اقتطعوا من مال الله عزوجل مالاً عظيماً لست أقدر على استخراجه من أيديهم إلا أن أمسَّهم بشيء من العذاب، فإن رأى أمير المؤمنين ـ أصلحه الله ـ أن يأذن لي في ذلك، أفعل).
فأجابه عمر:( أما بعد، فالعجب كل العجب من استئذانك إيَّاي في عذاب بشر، كأني لك جُنَّة ـ أي وقاية ـ من عذاب الله، وكأنَّ رضاي عنك ينجيك من عذاب الله عزوجل، فانظر من قامت عليه بيِّنة عدول فخذه بما قامت عليه به البيِّنة، ومن أقر لك بشيء فخذه بما أقر به، ومن أنكر فاستحلفه بالله العظيم وخلي سبيله، وأيم الله لأن يلقوا الله عزوجل بخياناتهم أحب إلي من أن ألقى الله بدمائهم، والسلام).
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أحد ولاته يقول:
(قد جاءني كتابك تذكر أن قبلك قوماً من العمال قد اختانوا مالاً فهو عندهم، و تستأذنني أن أنبسط عليهم، فالعجب منك في استشارتك إيَّاي في عذاب بشر، كأني لك جُِنَّة، وكأنَّ رضاي ينجيك من عذاب الله، فإذا جاءك كتابي هذا فانظر من أقرَّ منهم بشيء فخذه بالذي أقر به على نفسه، و من أنكر فاستحلفه وخلِّ سبيله، فلعمري لأن يلقوا الله بخياناتهم أحبَّ إلي من أن ألقاه بدمائهم، والسلام).
 
واتسع رفق عمر رضي الله عنه حتى شمل الحيوان الأعجم!!..
لقد كان له غلام يشتغل على بغل له، وكان الغلام يأتيه من أجر البغل كل يوم بدرهم، فجاءه يوماً بدرهم ونصف، فقال عمر للغلام: ما بدا لك؟ قال الغلام: لقد نفقت السوق ـ أي: راجت ـ قال عمر: لا ولكنك أتعبت البغل فأرحه ثلاثة أيام!!..
 
وحرَّم عمر على الناس أن يشدوا اللجم على الخيل شداً يؤلمها، ونهى عن استعمال المنخسة في نخس الدواب، ونهى عن سباق الخيل في غير حق لئلا يكون إرهاقاً لها، ونهى عن جرِّ الشاة إلى مذبحها، وعن سنِّ السكين لذبحها فوق رأسها وهي تنظر إليها.
 
وكتب إلى والي مصر يقول: (إنه بلغني أن بمصر إبلاً نقالات يحمل على البعير منها ألف رطل، فإذا أتاك كتابي هذا فلا أعرفنَّ أنه يحمل على البعير أكثر من ستمائة رطل).
 
وهذا تصرف جريء حازم من عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
كتب الحَجَبة إليه ليأمر للكعبة بالكسوة المعتادة، كما كان يفعل من كان قبله، فكتب إليهم: إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة، فإنه أولى بذلك من البيت!!..
 
وكان يأمر بترك الأعمال العامّة والخاصّة عند حضور الصلوات المفروضة، وكتب بذلك كتاباً يقول فيه: (اجتنبوا الأشغال عند حضور الصلوات، فمن أضاعها فهو لما سواها من شرائع الإسلام أشد تضييعاً )...
 
وكان على الرغم من علمه وفقهه رضي الله عنه، لا يحرص على الفتاوى ولا يندفع إليها...
 
سئل عن مسألة، فقال: ما أنا على الفتيا بجريء.
 وكتب إلى بعض عماله: إني والله ما أنا بحريص على الفتيا ما وجدت منها بداً، وليس هذا الأمر لمن ود أن الناس احتاجوا إليه، إنما هذا الأمر لمن ود أنه وجد من يكفيه!..
 
وعنه أنه قال: أعلم الناس بالفتاوى أسكتهم، وأجهلهم بها أنطقهم!..
وكان غيوراً على الأعراض والحرمات...
 
قال لعقيل بن علقمة: إنك تخرج إلى أقاصي البلاد، وتترك بناتك في الصحراء لا كاليء لهُنَّ، والناس ينسبونك إلى الغيرة، وتأبى أن تزوِّجهنَّ إلا الأكْفاء، قال: إني أستعين عليهن بخلتين تكلآنهن، وأستغني عن سواهما، قال عمر: وما هما؟ قال: العري والجوع!!..رضوان الله على عمر في الصالحين المصلحين.
 
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه و سلم.
 
المصدر:مجلة منبر الإسلام ربيع الآخر 1378 العدد الرابع

 


جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين