من كان يصدق..؟!

بقلم: حسن قاطرجي


  قبل حوالَيْ ثلاثة أشهر لو تكلم أحد الناس في عالمنا العربي والإسلامي بأنه رأى  في المنـام أن الطاغية المجرم (رئيس مصـر) آنئذٍ – مثلاً - أُزيح عن كرسيّ رئاسة الدولة، وصار قابعاً في السجن! ويُلاحَق من الشعب طلباً لمحاكمته على الجرائم التي ارتكبها والأموال الطائلة التي سرقها من خزينة الدولة ومن دماء شعب مصر الأبيّ الذي يئنّ ملايين منه من شدة وطأة الفقر وكثير منهم لا يجدون إلا المقابر مع الأموات ليُمضوا لياليهم الكالحة فيها! وأن ابنَيْه المجرمَين السارقين اللذين تربَّيا على إذلال الشعب والتكبُّر عليه واستذلاله... في مشاهد التصفيق القسري الذي تمارسه أجهزة المخابرات في كثير من بلاد شعوبنا المقهورة المستَخَفّ بعقولها المستَذلّة نفوسُها... من أجل إظهار التأييد لتوريث الابن الأكبر الحُكْمَ بعد أبيه.. ثم تمام المنام أن شعب مصر انتفض وقبض عليهما وهما الآن في السجن تحت ذمة التحقيق! إلى آخر تفاصيل الرؤيا: سيُشْدَه السامع ويَفتح فاه ساخراً من الرائي ولو كان كل ما يحدِّث عنه هو من عالم الأحلام!!


   من كان يصدّق أن كل ما تقدم وأكثر منه بكثير في تفاصيل مثيرة ومع أكثر من طاغية وعوائلهم وزبانيتهم هو الآن من عالم الحقيقة!  لا تسألوا: كيف؟


ولكن آمنوا: أن الله إذا أراد شيئاً هيأ له أسبابه. وأنه هو سبحانه وتعالى مالكُ المُلك على الحقيقة، و(صاحب الشأن) بإطلاق، وأنه هو يُعزّ من يشاء ويُذل من يشاء، ويُؤتي المُلك من يشاء وينزع المُلك ممن يشاء، وأنه - جلّ في سلطانه وعزّ في تصرُّفه وأقداره - هو الذي بيده الخير وأنه سبحانه على كل شيء قدير.


إنّ كل ذلك يُعظِمُ الإيمان واليقين في قلوب المؤمنين، ويجدّد حقائق الدين لترجع حية فائرة فاعلة في قلوب الموحّدين، ليأخد (القرآن العظيم) مكانته في عقول المسلمين وفي عالم الاجتماع والسياسة على مسامع العقلاء المنصفين... لتصدع آياتُه من جديد إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم وقد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين، وأنّ من ليس معه (نور القرآن) في دنياه فإنه سيعيش حتماً في (ظلام الجاهلية) و(ضَنْك الحياة البائسة) كما قال الله: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضَنْكا.


ومن يربط الأحداث ويتأمل كيف يهيِّىء الله الأسباب يوقن كيف كانت غزّة... المنكوبة الجريحة... بابَ العزة الواسع الذي انكشفَتْ على عَتَبته خيانة المجرمين وقسوة قلوب الطغاةِ وزبانيتِهم العُمَلاء الظالمين، وانْفَضَحَ مشايخُ السلاطين وتلاعُبُهم بفتاوى الدين... والحمد لله رب العالمين.


إنها الحقيقة التي عبّر عنها أحد العارفين المتعمِّقين: ما لا يكون بالله لا يكون... وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم.
وشقّها الأول شواهده الإيمانية والتاريخية والواقعية متضافرة متكاثرة: منها الذي سقناه من عجائب ما يحصُل الآن فهو سبحانه الرب ولا قوة إلا به ولا شيء إلا بأمره. وشقها الثاني موعظة وتذكرة للجميع لإخلاص الأعمال لله ولتصويب الأهداف لتكون طلباً لرضاه... وإلا فإن هذه الثورات وسائر أعمال الأفراد والشعوب والجماعات إذا فُقد فيها الإخلاص فلا نفع فيها ولا بركة ولا خير منها، ثم إنها تضمحِلّ وتتوقف. اللهم أعنّا على طاعتك والانتصار لدينك وارزقنا الإخلاص لوجهك الكريم وثبّتنا على الطريق المستقيم. آمين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين