الوعي والإرادة

 


دراسة في العلاقة بين السياسي والثقافي في عصرا لملك العادل نور الدين محمود زنكي
 
 

بقلم / د حسين الصدّيق*
 

مقدمة:‏
 

ملك نور الدين محمود حلب فيما بين ( 541 و 569هـ، تاريخ وفاته) وكانت الحروب الصليبية،التي استمرت بين عامي 490 ـ 690هـ (1096 ـ 1291) في أوجها، حتى جاء عمادالدين زنكي، والد نور الدين، فحرر الرُّها عام 539هـ، بعد حصار دام 39 يوماً.

 

وكان الفرنج قد اتسعت سيطرتهم، وعظمت هيبتهم، وامتدت مملكتهم من ناحية ماردين إلى عريش مصر، لايتخللها من ولاية المسلمين غير حلب، وحماة، وحمص، وبعلبك، ودمشق.

وأما حلب فإن الفرنج أخذوا منها أعمالها مناصفة، حتى في الرحا التي على باب الجنان ، وبينها وبين المدينة عشرون خطوة(1).‏
وكانتحلب قد عانت من الصليبيين معاناةبلغت ذروتها آنذاك في عام 518هـ، حيث تعرضت لحصارصليبي شديد،ودمار لحق بمحيطها، فقُطعت الأشجار، وخُربت الديار، ونُبشت قبورالموتى، وضاق الأمر بالحلبيين "إلى حد أكلوا فيه الكلاب والميتات، وقلّت الأقوات،ونفد ما عندهم، وفشا المرض بينهم"(2).‏
ومن الطبيعي أن الثقافة تتأثر بكل ذلك، فإذا ما ذكرنا حلب في زمن سيف الدولة الحمداني،333ـ 356هـ،رأينا أن الفرق كبير بين ما كانت عليه آنذاك وما هي عليه بعد هذا الحصار، فقد كانت حلب في ذلك الزمن تضم رجالاً كابن جني،والفارابي، والمتنبي، وأبي فراس الحمداني، على حين أنها قبل دخول نور الدين إليها لم يكن يوجد فيها إلا عددقليل من الأعلام، بحسبما ذكر راغب الطباخ في كتاب "إعلام النبلاء"، لا يتجاوزون العشرين،كلهم من الفقهاء والشعراء، وهو حال كان موجوداً في القرن الخامس الهجري في حلب، إذ لم يذكر الطباخ من هؤلاء إلا أربعة وعشرين اسماً، أماالمدارس فليس لهاذكر.‏
وعندما ملك نور الدين حلب في عام 541هـ، تغيرت الأمور،ليس في حلب فقط وإنّما في بلاد الشام التي خضعت لحكمه أيضاً.‏
فقداستطاع نور الدين أن يحرر الكثيرمن البلدان والقلاع، وعلى رأسها حلب ودمشق، من احتلال الصليبيين،أو سيطرتهم، في خلال تلك المدة القصيرة التي امتدت بين 541و569هـ، على حين أن الصليبيين كانت لهم السيطرة المطلقة على تلك المنطقة، منذ بدايةالحروب الصليبية في عام 490هـ،وقد كانت الظروف السياسية المتمثلة في تمزق الدولةالإسلامية إلى دويلات وإمارات صغيرة متنازعة فيما بينها، أمراؤها منشغلون في الحفاظ على مصالحهم الخاصة ونفوذهم، على حساب مصلحة شعوبهم، وإن اقتضى ذلك المصالحة مع الصليبيين مقابل جزية تدفع للصليبيين، أو التآمر معهم ضد غيرهم من الأمراء الذين قد ينافسونهم على البلاد التي يحكمونها.‏
فكيف استطاع نور الدين الشهيد، الملك العادل، أن يفعل هذا في خلال أقل من ثلاثين عاماً تمتد ما بين 541ـ 569؟ ذلك السؤال لا تمكن الإجابة عنه إلا من خلال تتبع العلاقة بين السياسي والثقافي.‏
السياسي والثقافي:‏
 

إنقراءةسيرة عظماء الأمم، ولا سيّما الأمة العربية الإسلامية، تجعلنا نستنبط أن القادة الذين تذكرهم الأمةبخير هم أولئك الذين اعتمدوا على مرجعيتها الثقافيةفي تأسيس دولتهم،وسياسةالناس ورعاية مصالحهم ، أما الذين كانوا يهملون هذه المرجعية،أويحاربونها، فإن الأمة كانت تسقطهم من ذاكرتها ، فلا عجب بعد ذلك أن أسماء قليلةاحتفظت بها ذاكرة أمتنا العربية الإسلامية، بعد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الأربعة، وهذه الأسماء هي: عمر بن عبدالعزيز، وهارون الرشيد، وصلاح الدين، والظاهر بيبرس.

ولعل اسم نور الدين محمود قد غاب عن تلك الذاكرة لأن اسم صلاح الدين، الذي استفاد من جهود نور الدين وأبيه عماد الدين من قبله، في تحرير بيت المقدس، غطى بإنجازه الكبير هذا على هذين الاسمين العظيمين، إلاَّ أن بعض المؤرخين عرفوا فضل نور الدين، من هؤلاء شهاب الدين المقدسي المعروف بأبي شامة، صاحب كتاب عيون الروضتين، الذي يقرن بينه وبين عمر بن عبد العزيز.‏
لقداستمد هؤلاء الرجال سلطتهم من الأمة التي رأت فيهم منقذاً، وراعياً أميناً، يخاف الله، ويحكم باسمه، فينشر العدل، ويرفع المكوس الجائرة، ويعيد الحقوق إلى أهلها،وينصر العلم والعلماء.‏
لقدكان هؤلاء القادة يمثلون إرادةالأمة، أما ثقافة هذه الأمة، ومرجعيتها الفكرية، فهي التي تجسدالوعي ، وعندما تتسلح الإرادة بالوعي فإنها تصنع المعجزات، أما عندما تعيش على وهم قوّتها، فإنها سرعان ما تسقط أمام قوّة أكبر، على حينأن ثقافة الأمة تبقى في حالة كمون تنتظر إرادة صادقة، تعود إليها،وتعتمد عليها، لينصر كل من الطرفين الآخر، ولتتطور الأمة، وتستعيدأمجادها وانتصاراتها.‏
 

إنّنور الدين محمود لم يفعل أكثر منذلك، وهو عمل يمكن أن يتكرر، بل إنَّ كل صحوةتعيشها الأمة هي، علىالدوام، نتيجة هذه العلاقة بين السياسي والثقافي. أما كبواتالأمةفإنها تعود، على الدوام أيضاً، إلى تلك العلاقة فيعمل السياسيباتجاهوالثقافي باتجاه آخر.

وأما الحال الأمرّ، والأكثر خطورة، فهي عندما يعملالسياسيعلى تدمير الثقافي، ذات الأمة وذاكرتِها، مهما تنوعتالشعارات التي يتم هذا الفعلتحت ستارها. إذ إن هذه الحال تجسّدصراعاً داخليّاً بين السياسي والثقافي، أو بينالدولةوالأمة.‏
ولعلّهذه الحال، على اختلاف شدتهاوتعصبها، هي التي تحكم، بنسب متفاوتة، الأمّةَ العربيةخاصة،والإسلامية عامة، منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولعلّ هذه الحال أيضاًهيالسبب في الوضع الذي عليه الأمّة اليوم.‏
إنّالماضي صورةُ الحاضر ومرآةُالمستقبل، فهو ذاكرةُ الأمة التي، كالفرد، لا تستطيع أنتتعاملَ معالواقع، وتتصوّرَ المستقبلَ، إلا من خلال الذاكرة. والذاكرة إنماتتجسّداليوم في الثقافة، فثقافة الأمة هي تاريخها الحيُّ،المستمرُّ فيها، على حين أنتاريخها في كتب المؤرخين إنما هو تاريخجامد، قلما يعرفه أحد سوى المختصين منالدارسين ، ولذلك فإن معرفةالتاريخ هي معيار الثقافة، وهذه الثقافة هي أيضاً معيارفهم الواقعوتصحيح المستقبل.‏
إنّالعودة إلى التاريخ، وإلى ذاكرةالأمة الثقافية، والسياسية، والاجتماعية، ليستترفاً ذهنيّاً،وبطراً فكرياً، وليست، أيضاً، حكايةً يرويها الأجداد للأحفاد،وإنماهي من أجلنا نحن الكبار، ومن أجل أبنائنا الذين نحبّهم، منأجل أولادك، وأحفادك،أولئك الذين نراهم فنفرح لفرحهم، ونسعدبسعادتهم، ونشقى بشقائهم. ألم نفكر ساعةًبما يمكن أن يحصل لهم إذااستمرت الأمور على ما هي عليه؟ ألم نفكر بأننا قد نعيشلنرى يوماً،نريد أن ندفع عنهم الأذى فلا نستطيع؟ كما يجري اليوم فيفلسطين،والعراق، وأفغانستان، والشيشان أو كما جرى، ولم يتوقف بعد،في كوسوفو أو في غيرهامن بقاع العالم.‏
 
إنكان الأمر جدلاً بين السياسي والثقافي، والحال على ما نعرفه اليوم، فإن ما نستطيعفعلَه هو أن نحفظ لأولادنا هُويّتِهم. ولكن فاقد الشيء لا يعطيه؟ تُرى هل نعيهُوِيّتنا نحن أولاً؟‏
 
الثقافة في حلب في زمن نور الدين:‏
 
كانالوضع الثقافي في حلب جزءاً من الواقع العام ، فقد خربت حلب وما حولها بسبب الحروبوجور الحكّام، وعندما جاء نور الدين لم يُعد بناء الأسوار، والجسور، والترع، ولميحفر الآبارَ، ويرفع المظالمَ، ويبطل المكوسَ الجائرةَ، ويرد الأمنَ للفلاحين فيقراهم، ولسكانِ المدن في بيوتهم، فقد كان، كما يقول صاحب عيون الروضتين: "إذا فتححصناً لا يرحل عنه حتى يملأه رجالاً وذخائر، يكفيه عشر سنين، خوفاً من نصرة تتجددللفرنج على المسلمين، فتكون الحصون مستعدة غير محتاجة إلى شيء"(3)، وإنما كان إلىجانب ذلك يبني المدارس، والبيمارستانات، والرُّبُط، والمساجد، ويشجع العلماءويقرّبهم في مجلسه، ويأخذ بنصيحتهم.‏
 
عندمادخل نور الدين حلب لم يكن فيها من العلماء إلا القليل، إذ يذكر الطباخ الحلبي فيترجمة أبي السخاء الحائك النحوي (ـ 560هـ) أنه كان من عوام حلب، "قرأ شيئاً منالنحو على مشايخ بلده، وفهم أوائله، وعدم من يعرف هذا الشأن في زمنه، بسبب خراب حلببنزول الفرنج عليها سنة 518هـ، وأقامت بعد ذلك برهة لا عالم فيها، فأخذ عنه الناسالنحو بمقدار ما عنده"(4)، ولعل هذا النص من أقدر النصوص على تزويدنا بوضع الثقافةوالعلم في مدينة حلب قبل قدوم نور الدين.‏
 
وعندما توفي نور الدين عن حلب كان فيها 6 مدارس: هي المدرسةالزجاجية، والمدرسة الأسدية الجوانية، وثالثة أمام القلعة، والمدرسة العصرونيةُروضةُ العلماء، والمدرسةُ الشهابيةُ، والكامليةُ، والشعبيةُ، يُدَرَّس فيها الفقهُ،والقرآنُ، واللغةُ، والأدب، وكان بعضها مخصصاً لدراسة مذهب فقهي، كالمدرسة الشهابيةالتي كانت من مدارس الحنفية بحلب، والمدرسة الأسدية الجوانية الشافعية ، وكان في هذهالمدارس مساكنُ للمقيمين فيها من الطلاب والفقهاء، وكان لها وقف داخل حلب، وخارجهايكفي للإنفاق عليها، وإعطاءِ رواتب للطلاب والمعلمين فيها.‏
 
وبعدأن خلت حلب من العلم، عاد فانتشر فيها، فكان عدد الرجال الذين ترجم لهم راغب الطباخما بين 540هـ و600 هـ يزيد على 50 علماً، على حين أن هذا العدد كان، من بداية القرنالسادس إلى عام 540هـ لا يزيد على 18 علماً. وكان أكثر هؤلاء من الشعراء، والفقهاء،والمحدثين واللغويين، والنحويين، ولذلك فإن الألقاب السائدة في وصف هؤلاء الأعلامهي من قبيل: (وكان فقيهاً قارئاً، قرأ الأصول ـ وكان فقيهاً زاهداً ـ والحافظالفقيه ـ وله معرفة بالأدب واللغة ـ وله خط حسن ـ وتعلم القرآن والنحو واللغة، وقالالشعر ـ ونحوي بارع، حاذق في الفن بصير به، عارف باللغة ـ والنحوي الشاعر ـ ومنالمشهورين بعلم الأدب ـ وكان من العلماء المتميزين، والفضلاء المبرزين).‏
 
ولعلما يلفت أنظارنا في ذلك الزمان وجودُ امرأة متفقهة، يأخذ عنها الناس أحكاماً فقهية،هي فاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندي، المتوفاة في عقد السبعين، والتي يذكرهاالطباخ بقوله فاطمة السمرقندية العالمة الفاضلة، "وكان زوجها ربما يهم بالفتوى،فتردّه إلى الصواب، وتعرّفه وجه الخطأ، فيرجع إلى قولها، وكانت تفتي"(5). وهي ظاهرةقلّما نراها في تاريخ العرب المسلمين، ولا سيّما الحديث منه.‏
 
ولمترد إشارة إلى العلوم الأخرى إلا في وصف محمد بن علي بن محمد العظيمي، الذي كانمؤرخاً "وكان له عنايةٌ بالتاريخ وتأليفه، وألّف عدة تآليف"(6)، وكان معلمَ صبيانفي حلب. كما يذكر الطباخ أسماء ثلاثة أطباء فقط في تلك الفترة: واحد من المسلمين،هو أبو الفضل بنُ أبي الوقار، الطبيب، وكان طبيبَ نور الدين محمود، واثنان مناليهود، هما سكرة اليهودي المتوفى في نواحي 580هـ، وابنه عفيف المتوفى في آخر سنة 600هـ(7).‏
 
أماباقي العلوم فلا ذكر لها، باستثناء الحساب والنجوم، وعلوم الأوائل، التي ذكرت فيترجمة علي بن عبد الله بن أبي جراده العقيلي المتوفى سنة 546هـ، والمعروفبالأنطاكي، لسكناه بحلب عند باب أنطاكية(8). وقد ذكر علم النجوم وعلوم الأوائل فيإطار الذم والاستهجان ، وقرنا باتهامه بالتشيع ، ولعل تفسير ذلك يعود إلى الظروف التيكانت تعانيها حلب والمنطقة بأكملها من حروب ونكبات ، فكانت العلوم المنتشرة هي علومالقرآن، والحديث، والفقه، وما يخدمها من علوم اللغة، والنحو، والأدب.
 
وتلك العلومكانت، وما تزال، تشكل أسَّ الثقافة العربية الإسلامية، وأشرفَ علومها، لأنها تهتمبعلاقة الإنسان بالإنسان في ضوء العقيدة الإسلامية، كما تنظم، في الوقت نفسه، علاقةالإنسان بالله، ولعل هذا ما دفع نور الدين محمود إلى الاهتمام بهذه العلوم وبناءالمدارس لها، وتقريب أصحابها في مجالسه معرفة منه بأثر هذه العلوم في قوة مجتمعقائم في وجوده على ثقافة تتأسس على العقيدة الإسلامية، من خلال تشكيلها الوعيالجمعي عند الأمة ، وربطها هذا الوعي بالذاكرة، التي كانت ترى في عصر الرسول،والخلفاء الأربعة، بالإضافة إلى عصر عمر بن عبد العزيز، نموذجاً، أو مرجعاً يحتاجإليه في تقويم الحياة الاجتماعية من جهة، والحكم على العلاقة بين السياسي والثقافيمن جهة أخرى.‏
 
ولاشك في أن العلوم الطبيعية ما كانت غائبة لأنها كانت مرفوضة، ولعلها وجدت في أشكالهاالبسيطة كعلم الحساب مثلاً، وما هو ضروري من الكيمياء للحِرَف السائدة آنذاك. وعلىأية حال، فإننا لا نرى إشارة، فيما بين أيدينا من مصادر، إلى هذه العلوم التيارتبطت عند العرب المسلمين على الدوام بالصنعة.‏
 
أماالعلوم الحكمية الفلسفية، فلها شأن آخر، فقد كان العرب المسلمون يرفضونها في الأغلبوالأعم، منذ القرن الثالث الهجري، لأنهم رأوا فيها علوماً لا تخدم القرآن والسنة،بل اعتقد أغلبهم أنها تضر، واستثنوا من علوم الفلسفة الطبَ، والهندسةَ، والحسابَ،ولذلك فليس غريباً أن يكون رفضُها ما يزال قائماً، وبخاصة في ظروف كان الناس فيهابأمس الحاجة إلى علوم تنفعهم نفعاً مباشراً في حياتهم اليومية، ولا تكون مصدرخلافات أو نزاعات، كانت تنعكس عادة على المجتمع فتترك فيه آثاراً سلبية، ولعل هذاما دعا أهل العصر إلى الابتعاد عنها ، وإدانة من يعمل بها.
 
وهذا ما رأينا، بشكل مبالغفيه، في قصة السُّهروَرَدي الذي يقول عنه الطباخ الحلبي: إنه قرأ الحكمة، وأصولالفقه، وكان أوحد أهل زمانه في العلوم الحكمية، جامعاً للعلوم الفلسفية، بارعاً فيالأصول الفقهية(9)، فقد اتهمه الفقهاء الحلبيون بانحلال العقيدة والتعطيل، والقولِبمذهب الحكماء المتقدمين، وكان أشدَّ الجماعة عليه الشيخان زينُ الدين ومجدُ الدينأبناء جَهبَل.
 
 

 وكان قد حسن موقعه عند الملك الظاهر ابن صلاح الدين، فازداد تشنيعأولئك عليه، وعملوا محاضر بكفره، وسيروها إلى دمشق، إلى الملك الناصر صلاح الدين،فبعث صلاح الدين إلى ولده الملكِ الظاهر بحلب، كتاباً في حقه يأمره فيه بقتله، فقتلفي عام 587 هـ. ولا أعتقد أن صلاح الدين قد استجاب لجمهرة فقهاء حلب إلا لأنه يريدالحفاظ على الأمن الاجتماعي، وإزالة ما من شأنه إثارة الفتن, وبخاصة في أثناء توطيدحكمه في سورية ومصر، تمهيداً لتحرير القدس ، ولعل هذا الموقف لا يمكن تفسيره إلا منخلال ما قلناه عن علاقة الوعي بالإرادة، أو الثقافي بالسياسي، ورغبةِ صلاح الدينبالحفاظ على العلاقة بينه وبين ممثلي السلطة الثقافية سليمة في ظروفٍ صعبة، إذ يوردالطباخ الحلبي نصاً يبين مدى اختلاف أهل حلب في أمر السهروردي، فمنهم من كان ينسبهإلى الزندقة والإلحاد ، ومنهم من كان يعتقد فيه الصلاحَ، وأنه من أهل الكرامات(10).
 

 
ويؤكّد ذلك ما يقوله الطباخ نفسه: "ثم الذي وجدنا عليه أسلافَنَا من أهل حلب أنهميعتقدون في السُّهْروَرَدي كل بركة وخير، ولم نجد في كلامه الذي قدمناه ما يستحق أنيُفتى بحل دمه.. والذي يتراءى لنا من شعره أنه شعرُ رجلٍ صدّيق، لا شعرُ رجلٍزنديق، والله أعلم بخفايا الصدور وضمائر القلوب"(11).‏
 
ظاهرةأخرى، ثقافية سياسية، تدعم ما قدمناه عن السياسي والثقافي ، فقد كان يغلب على أهلحلب التشيّع(12)، وكانت تقوم فيها، بين أهل السنة والشيعة، فتن من حين إلى آخر،ونزاعات يذكي أُوَارَها مناقضاتٌ شعرية، كان أحدَ أطرافها أحمدُ بنُ منيرالطرابلسي، الشاعرُ، المتوفى سنة 548هـ(13)، والذي يصفه ابن عساكر بأنه "كانرافضياً خبيثاً"(14). وكان ابن منير شاعراً مجيداً، معارضاً لأبي عبد الله محمد بننصر، المعروف بابن القيسراني، الشاعر المشهور، وكانا مقيمين بحلب، ومتنافسين فيصناعتهما، وكان القيسراني سنياً متورعاً، وابن منير غالياً متشيّعاً.‏
 
وعندما جاء نور الدين إلى حلب "منع المؤذنين من قولهم (حيّ على خيرالعمل)، وجلس تحت المنارة، ومعه الفقهاء، وقال لهم: "من لم يؤذن الأذان المشروعفألقوه من المنارة على رأسه"، فأذنوا الأذان المشروع، واستمر الأمر من ذلك إلىاليوم(15).
 
ونعتقد أن نور الدين لم يفعل ذلك نصراًُ لأهل السنة على الشيعة، بدليلأن الشاعر ابن منير الطرابلسي الشيعي، كان يصحبه في دمشق وجاء معه إلى حلب، وإنمافعله، على الأرجح، رغبة منه في توحيد كلمة المسلمين، وإزالة كل ما من شأنه الإيقاعفيما بينهم، فقد كانت الخلافة العباسية في بغداد على مذهب أهل السنة، وكان الخليفةالمقتفي (489 ـ 555هـ)، قد كتب عهداً لنور الدين يوليه مصر بعد أن ملك الشام،ولقّبه بالملك العادل، فكان نور الدين يتبع خلافة بغداد، ويحكم باسمها، وهو لذلكيريد القوة التي تنشأ من وحدة صف المسلمين تحت راية الخلافة، وهذا ما دفعه إلىتوجيه رسالة إلى نائبه في مصر، صلاح الدين، يأمره فيها بقطع الخطبة للفاطميينوإقامتها للعباسيين، فامتنع صلاح الدين، كما يقول صاحب زبدة الحلب، "واعتذر بالخوفمن قيام أهل الديار المصرية عليه، وكان يؤثر ألا يقطع الخطبة للمصريين في ذلك الوقتخوفاً من نور الدين أن يدخل إلى الديار المصرية، فيأخذها منه، وإذا كان العاضد معهوامتنع وأهل مصر معه ، فلم يقبل نور الدين عذرة، وألحّ عليه"، حتى خطب في مصرللعباسيين، وكان ذلك في سنة 567هـ(16).‏
 
نورالدين والثقافة في حلب‏:
 
السياسي البارع هو من يوظف الثقافي لمصلحته، وقد لا يهتم بصلاحيةهذا الثقافي، أو بتقويمه، وإنما يعمل على أن يكون في خدمته، والثقافة الاجتماعيةذات الأمة، وذاكرتها التي تشكل وعيها، والوعي هو محرك الأمم والشعوب، فإذا أرادالسياسي أن تقوى سياسته فإن عليه أن يعتمد على أمته، ولا يكون ذلك إلا من خلال نصرثقافتها. أما عندما يحارب هذه الثقافة أو يهملها، أو يسعى إلى استبدالها، فإنهسيكون ضد الأمة، ولن ينال ثقتها، وستكون ضده، وتنتظر الفرج بتغييره. وإن كانت لاتملك القوة على ذلك فإنها ستصفق لمن يفعل ذلك، ثم تنتظر منه ألا يكون على سيرته منرفض ثقافتها.‏
 
لقدكان صلاح الدين على وعي بهذا، وقد قدم ابن العديم التفسير الذي نوافقه عليه: وهووعيُ السياسي بأهمية الثقافي، وحرصُه على امتلاك تأييده الضروري لبقاء السلطة فييده، ولا شك في أن نور الدين كان ذا نظر أبعد من صلاح الدين، فقد كان عمله ليستلبية لرغبة في السيطرة على مصر لمطامع شخصية، كما كان يفعل أغلب السلاطين آنذاك،لإرواء أطماعهم المادية، وإنما كان يرغب فيما وراء ذلك إلى توحيد مصر والشام،والعملِ تحت راية الخلافةِ الإسلامية لتحرير بلاد الشام وفلسطين من الصليبيين، وهوما لم يتمكن منه تماماً، لانقضاء أجله، وقطفَ ثمارَه صلاحُ الدين من بعده بسيره علىخطاه وإكمال ما بدأه.‏
 
وقدأورد ابن العديم خبراً في كتابه زبدة الحلب ويؤكد وجهة نظرنا في العلاقة بينالسياسي والثقافي، فقد ذكر أن نور الدين مرض في حلب عام 554هـ، وكان أخوه نصرةالدين معه، فجمع الناس، واستمالَ الحلبيين، وملك المدينةَ، دون القلعة، وأذن للشيعةأن يزيدوا في الأذان (حي على خير العمل، ومحمد وعلي خير البشر)، على عادتهم من قبلفمالوا إليه، وثارت فتنة بين السنة والشيعة، ولكن الفتنة عادت فانطفأت عندما استعادنور الدين عافيته، فهرب أخوه وعادت الأمور إلى ما كانت عليه(17).‏
 
لقدطمع أخو نور الدين بالسلطة، فلجأ إلى استمالة الشيعة في حلب. وهو إن تظاهر بالميلإلى الشيعة فليس حباً بهم أو كرهاً بأهل السنة، وإنما، على الأغلب، رغبة منه في كسبتأييدهم لامتلاك السلطة، على حين أن نور الدين قاوم غلبة الشيعة في حلب ليس لأطماعسياسية ، وإنما كما ذكرنا لبعد نظر سياسي يريد أن يوحد الأمة أمام أعدائها الصليبيينآنذاك.‏
 
لميكن نور الدين ينطلق في مواقفه كلها من أهداف سياسية بحتة، وإنما كان يوظّف السياسةفي خدمة هدف أكبر هو نصرة الدين والعقيدة، وهذا بالضبط ما جعله محبوباً من أهلعصره، محموداً عند المؤرخين الذين اجتمعوا على الإشادة به وبأعماله، فأطلقوا عليهلقب الشهيد، تكريماً له، وهو الذي مات على فراشه.
 
لقد كان نور الدين مثال الحاكمالمسلم الذي يجسد روح نظرية الحكم في الإسلام ، فالحاكم في خدمة الناس، يساعدهم علىالقيام بأمور دينهم، ويحفظه عليهم، ويعنى بمصالحهم، فهو سيدهم، وخادمهم، في الوقتذاته، ليس همُّه، كأغلب السلاطين، مصلحتَه الشخصية، أو مصلحة عشيرته الأقربين، ولايعد، كهؤلاء، البلاد التي يحكمها ملكية خاصة، يفعل بها ما يشاء ، كل هذا قرّبه منالعلماء خاصة والناس عامة.‏
 
لقدكان نور الدين، في حياته الشخصية تقيّاً ورعاً، يخاف الله ويراقبه في سلوكه اليومي،وفي علاقاته مع الناس. فقد ذكر الطباخ الحلبي في ترجمة الحسين بن محمد، المعروفبالنجم، المتوفى في آخر عقد السبعين، وكان فقيهاً فاضلاً، أنّ نور الدين سأله فيمجلسه عن لبس خاتم في يده، كانت فيه لوزات من ذهب، فقال له: تتحرز من هذا، وتحملإلى خزانتك من المال الحرام في كل يوم كذا وكذا. فما كان من نور الدين إلا أن أمربتحري ذلك وإبطاله(18).‏
 
ويرويعنه ابن العدم أنّ أصحابه نصحوه بقطع المعونات والصلات وأموال الوقوفات، التي كانيصرفها على الفقهاء والفقراء والقراء والصوفية وغيرهم، وهي كثيرة، والاستعانة بهافي حروبه، بعد أن زادت نفقات هذه الحروب. فغضب من ذلك، وقال: "والله لا أرجو النصرإلا بدعاء أولئك، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم. كيف أقطع صلات قوم يقاتلون عنيوأنا نائم على فراشي بسهام لا تخطئ، وهؤلاء القوم لهم نصيب في بيت المال، كيف يحللي أن أعطيه غيرهم"(19).‏
 
ثميروي أن برهان الدين البلخي قال لنور الدين: "أتريدون أن تُنصروا وفي عسكركمالخمور، والطبول، والزمور، كلا والله، فلما سمع نور الدين كلامه عاهد الله علىالتوبة، ونزع عنه ثيابه تلك التي كان يلبسها، والتزم بلبس الخشن، وأبطل جميع ما كانبقي في بلاده من الأعشار، والمكوس، والضرائب، ومنع من ارتكاب الفواحش، وكتب إلىالبلاد: إلى زهادها، وعبادها، يذكر لهم ما نال المسلمين من القتل والأسر، ويستمدمنهم الدعاء، وأن يحثوا المسلمين على الغَزَاة"(20).‏
 
ولعلأجمل عبارة تجسد شعور نور الدين الديني، واستمداده قوته من الإيمان بالله هي قولهلأخيه، وقد فقئت عينه بسهم أصابها: "لو كشف لك عن الأجر الذي أعد لك لتمنيت ذهابالأخرى"(21) .‏
 
وقدكان من اهتمام نور الدين بأمور الرعية والحكم بينها بالعدل أنه كان يعقد أربعة أيامفي الأسبوع في دار العدل، للنظر في أمور الرعيّة، وكشف الظلامة، ويأمر بحضورالعلماء والفقهاء، ويأمر بإزالة الحاجب والبواب، حتى يصل إليه الضعيف، والقوي،والفقير، والغني، ويكلمهم بأحسن كلام(22).‏
 
ويضيفصاحب عيون الروضتين قائلاً: "وأما زمانه فهو مصروف إلى مصالح الناس والنظر في أمورالرعية والشفقة عليهم، وأما فكرُه ففي إظهار شعار الإسلام وتأسيس قاعدة الدين، منبناء المدارس، والرُّبُط، والمساجد، وترتيب أمرهم، والناس آمنون على أموالهموأنفسهم"(23).‏
 
إناهتمام نور الدين بالرعية، ورعايته أبناء الشهداء والأيتام، ونصبه جماعة منالمعلمين لتعليمهم، وإجراء الأرزاق عليهم، والإحسان إلى العلماء واحترامهم، وتقريبالمتدينين منهم، ووقف الوقوف على المرضى والمجانين، وإقامته لهم الأطباءوالمعالجين، وكذلك على جماعة العلماء، ومعلمي الخط والقرآن، وعلى الصوفيّةوالفقهاء، ما هو إلا تأكيد على سياسته في إرضاء الله تعالى، فكأن أنموذج السياسةالإسلامية التي تتوحد بالثقافة الاجتماعية لتصنع المعجزات.‏
 
يقولابن الأثير عن نور الدين: "وبنى الرُّبُط والخانقاهات في جميع البلاد للصوفية، ووقفعليها الوقوف الكثيرة، وأدرّ عليها الإدرارات الصالحة، وكان يحضر مشايخهم عندهويقرّبهم، ويدنيهم، ويبسطهم، ويتواضع، وإذا أقبل أحدهم إليه يقوم له مذ تقع عينهعليه، ويعتنقه، ويجلسه معه على سجادته، ويقبل عليه بحديثه، وكذلك أيضاً كان يفعلبالعلماء من التعظيم والتوقير والاحترام، ويجمعهم عند البحث والنظر، يقصدونه منالبلاد الشاسعة، من خراسان وغيرها.
 
وبالجملة كان أهل الدين عنده في أعلى محلوأعظمه، وكان أمراؤه يحسدونهم على ذلك، وكانوا يقعون عنده فيهم فينهاهم"(24).‏
 
ويضيفابن الأثير قائلاً: "قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومناهذا، فلم أر فيها، بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز، ملكاً أحسن سيرة منالملك نور الدين، ولا أكثر تحريّاً للعدل والإنصاف منه"(25).‏
 
ولميكن نور الدين ملكاً عادلاً محبّاً الرعية، مدافعاً عن العقيدة، مقرّباً الفقهاءوالعلماء فحسب، وإنما كان هو نفسه مهتماً بالمعرفة فقد كان كما ذكر ابن الأثيرعارفاً بالفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة، غير متعصّب، جامعاً بين المعرفة والتطبيقبإتباع "سنة العدل والإنصاف، وترك المحرّمات من المأكل، والمشرب، والملبس، وغيرذلك، فإنهم كانوا قبله كالجاهليّة، همة أحدهم بطنه وفرجه، لا يعرف معروفاً ولا ينكرمنكراً، حتى جاء الله بدولته، فوقف مع أوامر الشرع ونواهيه، وألزم بذلك أتباعهوذويه"(26).‏
 
خاتمة‏:
 
مافائدة الوعي إن لم يتسلح بالإرادة، وما قيمة الإرادة إن لم تتسلح بالوعي؟ ولا وعيإلا وعي الأمة المتركز في ذاكرتها، المتمثل في حركتها اليومية الممتدة عمقاً فيالتاريخ.
 
 لقد عاش الحلبيون في زمن نور الدين، وقبله وبعده كانت حلب، وستبقى. وعندمانقرأ اليوم تاريخهم نعجب كيف كانوا يعيشون في ظروف صاغها خليط عجيب من الكوارثالطبيعية، والحروب، وحصار الصليبيين، والحرق، والتدمير، وظلم الحكام، وغلاءالأسعار! ولكنهم كانوا يعيشون، ويشهد تاريخهم أنهم قاوموا كل تلك الظروف، وتغلّبواعليها.
 
 وكان خيرَ معين لهم في ذلك الملكُ العادلُ نورُ الدين، فكانت فترة حكمه منأزهى العصور التي عاشها الحلبيون في التاريخ، علماً وثقافة، وأمناً واستقراراًاجتماعيين، وازدهاراً اقتصادياً.
 
إنها معجزة الثقافي عندما يتحد بالسياسي ، قبل نورالدين وبعده كان الفصال بين الجانبين، فكانت معاناة الأمة كبيرة.‏
 
ثمةفرق بين عصرنا وعصرهم، لقد أزال عصرنا القداسة عن المقدّسات، وبشّر بالمادة، وضحّىبالقيم، وقتل الأنموذج ، فأصبحت ثقافة أمتنا اليوم في حال خطيرة من الخلخلة، مترددةٌبين ما كانت عليه في عصرهم وما أراد لها السياسي اليوم أن تكون عليه، حفاظاً منهعلى السلطة.‏
 
فإلىأولئك الذين لا يستطيعون أن يروا حلاً للمآسي والأزمات التي وضعت النبوّات المزيّفةالأمة فيها نقول: عودوا بصمت، ومن غير ضجيج، ولكن بصدق وتصميم، إلى أحضان النبوّةالأولى، التي عرفت كيف تبني أمة عظيمة، وتحافظ عليها طوال خمسة عشر قرناً. إن تلكالنبوات المزيفة لم تقدم للأمة إلا مذبحاً لذاكرتها.‏
 
إنّالأمة التي طالما وُعدت لم تتوقف عن الانتظار. ويجب علينا اليوم استنباط العبر مماجرى في الماضي، والدرس الذي يجب أن نتعلّمه هو أن يعيش كلُّ فرد منّا، يوماً بيوم،حياته كإنسان، وسيكون هذا سهلاً إذا عرف كل فرد فينا الخيوط الدقيقة التي تحرّكحياته اليوميّة، ووعى قيمتها الحقيقية.‏
 
لقدقرأ بروكلمان في تاريخنا عبرةً عجز أغلبنا عن قراءتها، هي خلاصة نموذجية للعلاقةبين الإرادة والوعي، أو بين السياسي والثقافي، يقول بروكلمان: "والواقع أنّ نورالدين ورث عن أبيه صفات الحاكم الفاضل إلى حد بعيد جدّاً، فبينما كانت الكثرةُالمطلقة من الحكّام الذين تصدوا لسياسة المسلمين، طوال أجيال عدة، يعتبرون ممالكَهمإقطاعات واسعةً، يستغلّونها لمصالحهم الخاصة، كان هو أول من استشعر أنه مسؤول تجاهالله عن رفاهيّة رعيّته. ومن هنا لم ينفق موارد الدولة الغزيرة التي تمت لهبالإدارة البارعة، والتي لم تثقل كاهل رعيّته على كل حال، على تحصين بلاده، وتوطيدمركزه الحربي في عالم زاخر بالأعداء، وهو ما اقتضاه نفقات ضخمة، فحسب، بل أنفقها فيالمحلّ الأول على الشؤون الثقافية، والمساجد، والزوايا، والدراويش، وخاناتالمسافرين، والمستشفيات، ودور العلم.
 
ولقد أنشأ في دمشق دار الحديث، وهي أقدم مدرسةلهذا العلم، والبيمارستان الذي يحمل اسمه، والذي لم يلبث أن نما وتطور إلى مدرسةطبية راقية. ودفن نور الدين في المدرسة المعروفة باسمه"(27).‏
 
مصادرالبحث ومراجعه:‏
 
(1)  إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء: محمد راغب الطباخ ـ دار القلم العربي ـ حلب 1989م.‏
 
(2)  تاريخ الشعوب الإسلامية: كارل بروكلمان، دار العلم للملايين ـ بيروت 1968.‏
 
(3)  زبدة الحلب من تاريخ حلب: ابن العديم الحلبي ـ دار الكتب العلمية، بيروت، 1996م.‏
 
(4)  عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية: شهاب الدين المقدسي ـ وزارةالثقافة، دمشق، 1992م.‏
 
* كلية الآداب ـ جامعة حلب..‏
 
(1)  عيون الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وزارة الثقافة، دمشق، 1992، 1/ 186.
 
(2)  زبدة الحلب من تاريخ حلب، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996، ص/ 294.‏
 
(3)  عيون الروضتين، 1/227.‏
 
(4)  إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء، محمد راغب الطباخ، دار القلم العربي، حلب، 1989، 4/237.
 
(5)  المصدر السابق، 4/ 259.‏
 
(6)  إعلام النبلاء، 4/235.‏
 
(7)  إعلام النبلاء، 4/ 259.‏
 
(8)  المصدر السابق، 4/ 219.‏
 
(9)  إعلام النبلاء، الطباخ، 4/ 257.‏
 
(10)  المصدر السابق، 4/ 283.‏
 
(11)  المصدر السابق، 4/ 285.‏
 
(12)  المصدر السابق، 4/ 219.‏
 
(13)  المصدر السابق، 4/ 220.‏
 
(14)  المصدر السابق.‏
 
(15)  زبدة الحلب، ابن العديم، ص /331.‏
 
(16)  المصدر السابق، ص/ 354.‏
 
(17)  زبدة الحلب، ابن العديم، ص/ 340.‏
 
(18)  إعلام النبلاء، الطباخ، 4/ 250.‏
 
(19)  عيون الروضتين، المقدسي، 1/ 258 وزبدة الحلب، ص/ 343.‏
 
(20)  زبدة الحلب، ابن العديم، ص/344.‏
 
(21) جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين


التعليقات