دعوة إلى كلمة سواء بين المذاهب الاسلامية - محاولة في التقريب والتعامل
دعا منتدى الفكر الإسلامي المنبثق عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي يرأسه سماحة الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة، إلى هذه المحاضرة القيمة التي ألقاها فضيلة الأستاذ الدكتور عبد اللطيف توفيق الشيرازي الصباغ أستاذ الإسلاميات في جامعتي دمشق وبنغازي، وأستاذ الفرق والأديان والمذاهب المعاصرة في كلية الآداب في جامعة الملك عبد العزيز بجدة سابقاً.
وتأتي هذه المحاضرة في إطار اهتمامات المجمع الفقهي بالتقريب والتفاهم والتعاون والتعايش ، وفي سبيل تنفيذ قرارات المجمع وتوصياته السابقة في هذا المجال.
 وللدكتور عبد اللطيف الصباغ اهتمام كبير سابق في موضوع المذاهب الإسلامية منذ سنوات طويلة،وهو يقوم الآن على إنجاز دراستين موسعتين : الأولى: في نشأة الفرق وتطورها في تاريخ المسلمين، والثانية:معجم علمي موضوعي عن الفرق والمذاهب والطرق الصوفية في العالم الإسلامي منذ نشأتها إلى يومنا هذا .
تكلم المحاضر في بداية محاضرته عن أهمية التقريب والوحدة بين المسلمين، وعن استغلال الأعداء لكل أنواع الاختلاف، وبيَّن أن الاختلاف بين الناس ظاهرة وجودية إنسانية، وتحدث عن ظهور المذاهب في حياة الأمة، ثم حدد من هم أهل الإسلام وأمة الإسلام وأوضح أنه لا يعتبر كل خلاف كفراً وخروجاً عن الأمة ، ثم استعرض آراء ومواقف علماء الأمة في التكفير.
ثم بيَّن المقصود بالمذاهب الإسلامية التي توجه إليها هذه الدعوة ، ومعنى الكلمة السواء ومرجعيتها، وأكد على أن الدعوة إلى كلمة سواء بين المذاهب الإسلامية ليست دعوة مبتدعة ولا مستحدثة وإنما هي دعوة قديمة ومستمرة ومتجددة، ثم أورد قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن الإسلام والأمة الواحدة ، والمذاهب العقدية والفقهية والتربوية ، وانتهى إلى ذكر عناصر الكلمة السواء بين المذاهب الإسلامية التي تشكل أساساً للقاعدة المشتركة بين جميع المذاهب في المبادئ التالية، فقال:
"ونحن نرى أن الكلمة السواء بين المذاهب الإسلامية يمكن أن تتمثل في العقائد والمبادئ التالية التي تشكل أساساً للقاعدة المشتركة بين جميع المذاهب الإسلامية :
1-        الإيمان بالله تعالى رباً وخالقاً وإلهاً معبوداً متصفاً بكل صفات الكمال ومنزهاً عن كل صفات العجز والعيب والنقصان.
2-    الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته كما جاءت في كتاب الله تعالى وسنة نبيه r الثابتة المتفق على صحتها، وأنه سبحانه أحد فرد صمد، وأنه هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وأنه عادل حكيم مع نفي التشبيه والتعطيل عنه سبحانه.
3-    الإيمان بنبوة جميع الأنبياء والرسل، وبصحة نبوة نبينا محمد r وبأن رسالته موجهة إلى العالمين كافة، وبأن كل ما جاء به r حق وصدق وبأن شريعته مستمرة مؤبدة.
4-        الإيمان بأن القرآن الكريم منبع أحكام شريعتهr ، وبأن سنته الصحيحة الثابتة عنه مبينة للقرآن الكريم ومفسرة له.
5-    الإيمان بأركان الإيمان المعروفة من دين الإسلام، وهي الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبقدر الله وقضائه.
6-        الإيمان بالبعث والحساب والجزاء والجنة والنار.
7-        الإيمان بوجوب الصلوات الخمس إلى الكعبة، وبوجوب الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت على الجملة.
8-        عدم تجويز الكذب على الأنبياء والرسل لمصلحة أو لغير مصلحة.
9-    عدم القول بأمور تخالف نصوص الشرع مخالفة صريحة مطلقة (كما حدث من بعض الفلاسفة السابقين من إنكار البعث الجسماني ونفي علم الله تعالى بالجزئيات والقول بعدم الخلق وبقدم العالم).
10- عدم إنكار أصل من أصول الشرعيات المعلومة من الدين بالتواتر القطعي عن رسول الله r لأن ذلك تكذيب لله ورسوله ، وإن ادعى القائل بذلك أنه مصدق لما جاء به الرسول r على الجملة، (كقول القائل : الصلوات الخمس غير واجبة، والصلاة واجبة ولكن إلى جهة غير جهة الكعبة في البيت الحرام بمكة المكرمة، أو قوله بوجوب الحج ولكن إلى غير مشاعر الحج المعروفة في مكة المكرمة وما حولها).
11- عدم إنكار ما علم ثبوته أو صحته بإجماع أمة الإسلام ومجتهديها من جميع المذاهب والفرق الإسلامية جيلاً بعد جيل (كعقيدة ختم النبوة بنبينا محمد r ، وعدم بعثة نبي أو رسول بعده عليه الصلاة والسلام).
12-   عدم القول بإلهية أحد مع الله تعالى سواء كان بشراً أو غير بشر، وسواء كان نبياً أو إماماً أو ولياً.
13-   عدم إسقاط أي من تكاليف الشريعة وفرائضها، وعدم القول بالتناسخ والحلول أو إسقاط محرمات الشريعة القطعية.
14-   عدم السجود بين يدي صنم من الأصنام مهما كان هذا الصنم وأياً كان من يمثله .
15-   منع كل تطاول أو إساءة إلى آل رسول الله r ، وإلى كبار صحابته وإلى أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
16-   تحريم دم المسلم من أي مذهب كان من المذاهب الإسلامية التي تلتزم بالعقائد والمبادئ السابقة، وتحريم ماله وعرضه.
17-   الجدال بالتي هي أحسن بين علماء المذاهب الإسلامية المختلفة دون تكفير أو تضليل أو إيذاء.
18- تأكيد القواسم المشتركة والعقائد المتفق عليها وتوثيق الاتفاق عليها وإعلانها، وتوسيعها، ومحاولة حل ما هو مختلف فيه في ضوء ما هو متفق عليه عن طريق الحوار الأخوي البناء في إطار كتاب الله تعالى وسنة رسوله r .
19-  احترام رموز كل مذهب من المذاهب الإسلامية والبعد عن التجريح والغمز واللمز والسب واللعن وغير ذلك من أساليب إثارة العداوة والتنافر والبغضاء ،وقد نهينا نحن المسلمين عن سب المشركين،فكيف بالمخالفين من المسلمين؟ قال تعالى : {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ } الأنعام108 .
20-  الامتناع عن القيام بأي عمل أو نشاط استفزازي، كالتبشير بمذهب معين في بيئة يغلب على أهلها مذهب آخر مخالف،أو ما أشبه ذلك، درءاً للفتنة والشقاق بين أبناء الأمة الواحدة"انتهى.
ويسر موقع رابطة علماء سورية أن تقدم هذه المحاضرة القيمة في هذه الظروف التي تحوَّل فيها التنوع المذهبي إلى توتر طائفي واحتقان يهدد استقرار الأمة ويعصف بوجودها ويتخذه أعداؤها سلاحاً ماضياً للقضاء عليها بأيدي أبنائها ، وإننا إذ ننشر هذه المحاضرة نرجو من الإخوة العلماء الفضلاء إبداء آرائهم ومقترحاتهم في هذا الموضوع المهم.
وقد أوردنا المحاضرة بتمامها في ركن البحوث و الدراسات في هذا الموقع والله ولي التوفيق.
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين