رجال ومواقف: إسلام كبير أساقفة الروم

(1)

دِحْيَة الكلبي – هِرَقْل ملك الروم – الحاجب

الحاجب: مولايَ هِرَقْل، بالباب رجلٌ من العربِ يحملُ كتاباً لك.

هِرَقْل: أعرفتَ ماذا في كتاب الرجل؟

الحاجب: لا.. يا مولاي، غيرَ أني علمتُ أنه مبعوثٌ من قِبَل الرجل الذي ظهر بدينٍ جديدٍ في أرض العرب.

هِرَقْل: فليدخل الرجل.

الحاجب: "وقع خطاه على الأرض" أمرُ مولاي. "باب يُفتح" ادخلْ أيها الرجل لمقابلة هِرَقْل ملك الروم.

دِحْيَة: شكراً لك. "وقع خطاهما على الأرض".

دِحْيَة: أيها الملك، هذا كتابٌ بعث به نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.. إليك، يدعوك فيه لاتباع دين الإسلام.

هِرَقْل: هات الكتاب!.. "صوت شيء تتناوله الأيدي" اقرأهُ أيها الحاجب.

الحاجب: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدالله ورسوله إلى هِرَقْل عظيم الروم، سلامٌ على من اتَّبعَ الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام. أسلِمْ تَسلَمْ يُؤتِكَ الله أجركَ مرتين، فإن تَوَليتَ فإنَّ عليك إثمَ الأرِيسيينَ، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، [آل عمران: 64]. "صمت قصير"

هِرَقْل: ما اسمُكَ أيها الرجل؟

دِحْيَة: اسمي دِحْيَة الكلبي.

هِرَقْل: اسمع يا دِحْيَة، إني سوف أستشيرُ الأُسْقُفَ في أمرِ كتابِكَ هذا قبلَ أن أعزمَ على رأي.

دِحْيَة: كما تحب أيها الملك. إني مُنتظِر.

(2)

هِرَقْل – الأسقُف – دِحْيَة

هِرَقْل: أيها الأسقف الجليل، نحن الآن في انتظار الذي تقول بعد أن سمعت الكتاب الذي جاء به هذا الرجل.

الأسقف: "في صوت رزين" أيها الملك العظيم!.. إن الكتاب الذي جاء يحمله هذا الرجل كتابُ حقٍّ وصدق.

دِحْيَة: "فرِحاً" شكراً لك أيها الأسقف!.. والله الذي لا إله إلا هو إن نبينا صادقٌ أمين، وإنه مبعوثٌ إلى الناس جميعاً بآخر الرسالات.

هِرَقْل: أيها الأسقف، أهذا حقاً هو النبيُّ الذي كُنّا ننتظر؟

الأسقف: "في صوته الرزين" إي واللهِ أيها الملك.. إنه الوقت الذي أخبرَنا عيسى عليه السلام أنه زمانُه.. وإن المكانَ هو مكانه فقد بُعِثَ في فاران.. وإن الشخصَ واللهِ هو الشخص.

هِرَقْل: إذن فهو النبي الذي كنا ننتظر، والذي بشَّرنا به عيسى عليه السلام.

الأسقف: هو ذاك تماماً كما جاء في كُتُبِنا.

هِرَقْل: فكيف تأمرُني أيها الأسقف؟

الأسقف: أما أنا فمُتَّبِعُه ومُصدِّقُه.

هِرَقْل: "بعد صمت قصير" أما أنا فإن فعلتُ ذهبَ مُلكي.

الأسقف: أيها الملك العظيم، إنك على معرفةٍ بالدين المسيحي، وإنك لَتعلمُ كما نعلم أن محمداً صلى الله عليه وسلم آخِرُ الأنبياء.. وأنه مبعوثٌ بآخِر الرسالات، وأنه الذي بشَّرنا به عيسى عليه السلام، فاتّبِعْهُ تغنمْ، اتّبِعْهُ تغنمْ!..

هِرَقْل: صدقتَ والله أيها الأسقف الجليل، لكنني أخشى إن اتبعتُه أنْ يذهبَ مُلكي، فإن الرومَ لن تقبلني على رأس الحُكْم إن خرجْتُ من النصرانية.

الأسقف: "في صوتٍ هادئ" أمّا أنا فإني مُصدِّقٌ هذا النبي الكريم، وإني مُتَّبِعٌ له شاءت الروم أم كَرِهَت.

هِرَقْل: أخشى عليك الروم إن علِمَت بإسلامِك.

الأسقف: إني عالِمُ النصرانية فيها.. أأرضى لنفسي أن تُحْمَلَ على الباطل وقد استبان الحق؟ "في صوت هادئ كأنه يناجي نفسه" إنه والله النبيُّ الذي كنا ننتظر، إنه والله النبيُّ الذي بشرنا به عيسى عليه السلام. "صمت" يا دِحْيَة..

دِحْيَة: نعم أيها الأسقف.

الأسقف: تعالَ معي فحدِّثني كثيراً عن محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وعمّا جاء به، فإني لستُ أدري ماذا ستفعلُ الرومُ بي إنْ علِمَتْ بإسلامي.

(3)

الأسقُف – دِحْيَة – عدد من رجال الروم

رجال الروم: "يتحدثون بصوتٍ يدل على الغضب والشر"

- إن الأسقف قد تغير أمرُه منذ جاء هذا الرجل العربي.

- كأنه قد كره ديننا ومالَ إلى دين ذلك الذي يدّعي أنه مبعوثٌ بآخر الرسالات.

- ويحك أيها الأسقف! أتُسارِع إلى الخروج من النصرانية وأنتَ عالِمُنا الكبير!؟

- هذا ثالثُ أَحَدٍ على التوالي لا يخرجُ إلينا مُتعلِّلاً بالمرض.

- "أحدهم بصوتٍ عالٍ غاضب" أيها الأسقف!.. لتَخرُجَنَّ إلينا أو لَنَدخُلَنَّ عليك فنقتلك!.. فإنا قد أنكرناك منذ قَدِمَ هذا العربي. "يخفت اللغط شيئاً فشيئاً"

الأسقف: اسمع يا أخي دِحْيَة.. إنك ترى وتسمعُ الرومَ يأتَمِرون بي.. وربَّما قتلوني. "صمت" لقد استمعتُ إليك كثيراً في هذه الفترة.. فازددتُ يقيناً بصدقِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.. إنه واللهِ النبي الذي كنا ننتظر، نعرفه باسمِه وصِفتِه. خذ هذا الكتاب مني إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

دِحْيَة: هاته يا أخي "صوت شيءٍ بينهما".

الأسقف: "في صوت رقيق حزين" إني قد ألقيتُ ثيابي الكهنوتية، ولبستُ هذه الثياب البيض التي تراها عليَّ، وإني خارجٌ إلى هؤلاء الروم فَشاهِدٌ شهادة الحق، فانظر ما الذي يجري فبَلِّغهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، "دِحْيَة يكرر الصلاة"، وبَلِّغهُ أني أشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإني قد آمنتُ به وصَدَّقتُه واتَّبعتُه.

"في صوت هادئ حزين هامس" هيّا بِنا نَخرُج يا دِحْيَة، فما أراها إلا الشهادةَ أفوزُ بها الساعة. أستودعكَ الله يا دِحْيَة.

دِحْيَة: أستودعكَ الله.

صوت روميٍّ غاضب عال: أيها الأسقف اخرج إلينا، وإلّا دخلنا عليك فقتلناك.

الأسقف: "بأعلى صوته" بل إني خارجٌ إليكم. "صوتُ بابٍ يُفتَح، وحركة، ووقع أقدام على الأرض"

روميٌّ لآخر: "متعجِّباً" انظر إلى الأسقف، لقد ألقى ثيابَه الأسقفية، ولبسَ هذه الثياب البيضاء.

الأسقف: "بأعلى صوته" يا معشر الروم!.. والله إن محمداً صلى الله عليه وسلم لصادقٌ فاتَّبِعوه تفوزوا في الدنيا والآخرة، وإنه النبي الذي كنا ننتظر بعثه.

أصوات رومية غاضبة:

- خسئت أيها الأسقف!..

- اقتلوا هذا الذي ترَكَ دينه..

- ارجموه بالحجارة..

- اضربوه حتى يموت..

"ضجيج وجَلَبَة وضوضاء"

الأسقف: "في صوت حزين ضعيف" يا ويحَ قومي!.. لقد قتلوني وأنا أدعوهم إلى النجاة.. أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين