افعلي مثلها وانتظري الرد

محمد رشيد العويد

 
        كان زوجها ، كلما ثار عليها ، وهاج وماج ، صرخ فيـها : هيا اجمعي ثيابك واخرجي من البيت ، فترد عليه بصراخ أعلى من صراخه : هذا بيتي ، ولن أخرج منه ، وإذا لم تكن مرتاحاً في العيش معي فاخرج أنت منه .
اتصلت الزوجة بصديقتها المخلصة لها ، الحريصة عليها ، أم أحمد ، وحكت لها ما يحدث من خلافات مع زوجها ، وطلبت نصيحتها .
قالت لها أم أحمد : إذا صرخ زوجك فيك طالباً منك الخروج من البيت فافعلي ذلك .
سألتها : ماذا تقولين ؟ أخرج من البيت ؟
قالت أم أحمد : نعم ، اجمعي بعض ثيابك ، وضعيها في إحدى حقائبك ، واخرجي من بيتك .
سألتها ثانية : ولكن إلى أين أذهب ؟ ليس لي إلا بيتي !؟
أجابتها أم أحمد : لا تذهبي إلى أي مكان . ابقي خارج باب بيتك ثلاث أو أربع دقائق ثم اطرقي باب بيتك . وحين يفتح لك زوجك ويسألك لماذا لم تغادري قولي له برقة ولطف : ( إلى أين أذهب وليس في الدنيا غيرك ... أنت زوجي وأبي وأخي .. أنت أهلي جميعاً ) وانتظري الرد . سيكون رده عليك إيجابياً إن شاء الله .
فعلت الزوجة ما نصحتها به أم أحمد ؛ فتأثر زوجها بكلماتها التي قالتها له حين سألها عن سبب عدم مغادرتها ، وما كان منه إلا أن أخذ بيدها وأدخلها البيت في حنو ورفق وهو يحمل حقيبتها عنها .
تقول الزوجة : منذ ذلك اليوم توقف زوجي عن طرده لي من البيت ، فإذا تغاضبنا قال : سأخرج أنا من البيت .
 
سر نجاح هذه التجربة أن الزوجة لم تواجه زوجها متحدية له ، بل انحنت لعاصفة غضبه ، ووافقته على طلبه ، وعملت بالقدر الذي لا يأتيها منه ضرر ، فجمعت ما أمكن من ثيابها ، ووضعتها في حقيبتها ، فعلت هذا أمام زوجها الذي خفف من غضبه عدمُ تحدي زوجته له ، وانصياعها لأمره ، مع خشية في نفسه من خروج زوجته وهو يعلم أنه ليس هناك مكان يطمئن عليها فيه .
بعد استجابة الزوجة لأمر زوجها الغاضب بخروجها من البيت انطفأ قدر كبير من غضبه ، ولعله أُسقط في يده إذ لم يكن يتوقع أن تخرج زوجته من البيت ، فكانت هذه الاستجابة مفاجأة ذات اثر إيجابي .
 
وجاءت المفاجأة الثانية حين طرقت زوجته الباب وهي تظهر ضعفها وحيرتها في عبارة تؤثر في أشد الرجال ، وأكثرهم صلابة وقسوة : ( إلي أين أذهب وليس لي في الدنيا غيرك .. أنت زوجي وأبي وأخي .. أنت أهلي جميعاً ) .
 
أيتها الزوجات : افعلن ما فعلته هذه الزوجة ... وستنجحن بإذن الله كما نجحت هذه الزوجة .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ا
 
احذر تودد زميلتك في العمل
 
كان يذهب إلى عمله وآثار الضيق ظاهرةٌ على وجهه بسبب الخلافات التي زادت بينه وبين زوجته .
لاحظت زميلته في العمل ملامح الضيق الظاهرة في وجهه ؛ فصارت تقترب منه ، وتعينه في عمله ، وتتودد إليه .
وذات يوم ظهر التعب واضحاً على وجهه ، وكأنه لم ينم في ليلته ، فأبدت زميلتُه إشفاقاً كبيراً عليه وسألته وهي تتعاطف معه : عسى ما شر ؟!
أجابها : متعب قليلاً .
قالت : لا عاش من يتعبك ويزعجك !
قال : أنا أفكر في طلاقها .
        قالت : توقعت أن تكون زوجتك هي التي ... وسكتت .
        قال : دعينا منها الآن .
        قالت : إني والله لأعجب من زوجة عندها رجلٌ مثلك فلا تقدره ولا تحترمه .
        قال : أشكرك على حسن ظنك .
 
        ومضت الأيام وزميلتُه تزداد اقتراباً منه ، ومواساة له ، واهتماماً به ... حتى نجحت في استمالته إليها كثيراً ، فصار معلقاً بها يحكي لها تفاصيل خلافه مع زوجته ... وكانت بدورها تقول له عبارات تزيد في تأليبه عليها وتنفيره منها من مثل : ( ليس لها حق في ذلك ) – ( كيـف تخاطبـك بهذه الكلمات ) – ( إنها لا تقدر النعمة التي هي فيها ) – ( كل النساء يتمنيـن لو كان عندهن زوج مثلك ) - ... وغيرها من العبارات التي كانت تحرض بها زميلها  على زوجته .. حتى جاء يوم لم تترد فيه أن تقول له : ليتني كنت زوجتك لوضعتك بين رموش عيوني وصرت لك خادمة !
        كانت هذه العبارة هي القاصمة .. ففي اليوم الذي سمعها من زميلته .. طلق فيه زوجته ليتقدم إلى خطبتها في اليوم التالي .
        يـقول النبي صلى الله عليه وسلم (( ليس منا من خبب امرأة على زوجها ، أو عبداً على سيده )) أبو داود والحاكم .
        ويقول عليه الصلاة والسلام (( من خبب زوجة امرئ أو مملوكه فليس منا )) أبو داود .
        وخبَّ في اللغة : خدع وغشَّ . والخَبُّ والخِبَّ : الرجل الخداع .
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين