السيرة النبوية (5): صفاته وأخلاقه وشمائله صلى الله عليه وآله وسلم

كان صلى الله عليه وآله وسلم معتدل القامة، أبيض اللون، وبياضه أقرب إلى السمرة، مشربًا بحمرة.

ولم يكن شعره جَعْدًا ملتويًا، ولا سَبطًا شديد الاسترسال والنعومة؛ بل كان وسطًا بين ذلك.

وكان وجهه يتلألأ تلألؤ القمر ليلة البدر، وكان كثيف شعر اللحية، وكان يسرِّح شعره، ولحيته.

وكان شديد سواد العينين، طويل الأهداب، وكان يكتحـل بالإثمـد كل ليلة.

وكان حسن الصوت والجسم، بطنه وصدره سواء، بين كتفيه خاتم النبوة، كبيضة الحمامة.

وكان إذا مشى تقلّع، كأنما ينحط من صَبَب، (أي: كأنما ينزل من مكانٍ عالٍ)، والمعنى: أنه يمشي بقوة، وكان إذا مشى كأنَّما تُطوَى له الأرض، ويجد أصحابه مشقة في لحاقه.

وكان أحب الثياب إليه القميص (الثوب)، وأحب الألوان إليه البياض، وكان كمّ قميصه إلى الرسغ.

أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وآله وسلم

كان أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا، وألينهم كفًّا، وأطيبهم ريحًا، وأكملهم عقلًا، وأحسنهم عِشرة، وأشجعهم، وأعلمهم بالله، وأشدهم لله خشية، وكان أحلم الناس، وأشدهم حياء، وأكثرهم كرمًا وجودًا.

وكان أكثر الناس تواضعًا، يقرضي حاجة أهله، ويخفض جناحه للضعفاء، وكان القريب والبعيد، والقوي والضعيف عنده في الحق سواء.

وكان دائم الفِكر، كثير الذِّكر، لا يقعد، ولا يقوم إلا على ذكر الله، وكان جُلّ ضحكه التبسم.

وكان يتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثًا لتفهم، وكلامه بيِّنٌ يفهمه من سمعه، ولا يتكلم من غير حاجة.

وكان خُلُقه القرآن، وما سئل شيئًا قط فقال: لا.

وكان لا يغضب لنفسه، ولا ينتقم لها، وإنما يغضب إذا انتهكت حرمات الله (عزّ وجلّ) ؛ فحينئذ يغضب، ولا يقوم لغضبه شيء؛ حتى ينتصر للحق، وإذا غضب أعرض، وأشاح بوجهه.

وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه، وكان يأكل ما تيسر، وكان يحب الحلواء، والعسل، واليقطين، وكان أحب الشاة إليه الذراع، وربط على بطنه الحجر من الجوع، وخرج من الدنيا، وما شبع من خبز الشعير، وكان يمر الشهران ولا يوقد في بيت من بيوته نار.

وكان يقبل الهدية، ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة.

وكان يعود المريض، ويجيب من دعاه، ولا يحقر أحدًا.

وكان متقلِّلًا من أمتعة الدنيا كلها، وكان يحب الطِّيب.

وكان يمزح، ولا يقول إلا حقًا، وكان يقبل عذر المعتذر إليه، وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا.

وكان يأمر بالرفق، ويحث عليه، وينهى عن العنف، ويحث على العفو، والصفح، ومكارم الأخلاق.

وكان يحب التيامن في طهوره، وتنعله، وفي شأنه كله، وكانت يده اليسرى لخلائه، وما كان من أذى.

وكان إذا نام أو اضطجع؛ اضطجع على جنبه الأيمن، مستقبل القبلة.

وكان مجلسه مجلس حلم، وحياء، وأمانة، وصبر، وسكينة، لا تُرفَع فيه الأصوات، يتفاضل الناسُ فيه بالتقوى، ويوقِّرون الكبار، ويؤثرون المحتاج، ويخرجون أدلّة على الخير.

وكان يتألّف أصحابه، ويتفقدهم، ويكرم كريم كل قوم.

ولم يكن فاحشًا، ولا متفحشًا، ولا يجزي بالسيئة السيئة، بل يعفو، ويصفح.

ولم يضرب خادمًا، ولا امرأة، ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى، وما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا.

وبالجملة: فقد جمع الله (سبحانه وتعالى) له صلى الله عليه وآله وسلم كمال الأخلاق، ومحاسن الشِّيم، وآتاه الله ما لم يؤتِ أحدًا من العالمين، واختاره على جميع الأولين والآخرين.

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين