تهنئة رابطة العلماء السوريين لشعب تونس الشقيق في نجاح ثورته السلمية المباركة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
تهنئة رابطة العلماء السوريين لشعب تونس الشقيق في نجاح ثورته السلمية المباركة
الحمد لله القائل : [يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ] {التوبة:32}.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وهو القائل : (ولن يُشادَّ الدّين أحد إلا غلبه).
نعم ... سيبقى الإسلام بإذن الله الحصن المنيع والركن المكين لهذه الأمة ، إليه يأرِز العرب والمسلمون كلما أحاط بهم الطغاة ، واستأسد في دنياهم الأشرار ، وطمع في أرضهم الطامعون ... يزول هؤلاء وأولئك بحول الله وقوته... ويبقى الإسلام قوياً عزيزاً تتكسّر على صخرته العصية كل قوى البغي والشر والعدوان، وكل محاولات الإقصاء والعزل والتهميش ، بل وترتد سهام المستكبرين والمفسدين والملحدين إلى نحورهم...
منذ أن قام الإسلام وجهود أعداء الله في حربه لم تتوقف بأشكال متنوعة ،وأساليب ماكرة... [وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا] {البقرة:217} ، لكنهم بحمد الله قد فشلوا ويئسوا :[ اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] {المائدة:3}.
لقد آن لأعداء الله في الداخل والخارج أن يدركوا أن الإٍسلام دين الله الخالد محفوظ بأمر الله ، لن يُشادَّه أحد إلا غلبه ، ولن يتحداه أحد إلا قهره ، ولن يحاربه أحد إلا هزمه .وآن لهم أن يدركوا أيضاً أن الإسلام قوي بذاته؛ عقيدة وشريعة وأخلاقاً... وقوي كذلك بما يمنحه لشعوبه من عقيدة التوحيد وثقافة الكرامة والعزة والحرية، وما يربيهم عليه من رفضٍ للظلم والقهر والجبروت والاستبداد...
قد يجوز على المسلمين أن يغفلوا حيناً من الدهر!! لكن ما إن يصحوا على واقعهم حتى يعودوا أقوى ما يكونون، وأعز ما يكونون، وأشجع ما يكونون ...
وتونس اليوم... ومن قبلها فلسطين... تضربان المثل الحيّ في ذلك، فقد صبر شعب تونس الحر الأبي ربع قرن على تجبر هذا الطاغية الأثيم الذي صادر قرارها، ونهب خيراتها، وسجن أحرارها، وعذب دعاتها، واضطهد نساءها، وأغلق مساجدها ... وجعل تونس الخضراء مرتعاً خصباً لأفراد أسرته، وزبانية حكمه، وأعضاء حزبه، والمنافقين من حوله، يعيثون فيها الفساد، وينشرون الرعب ، ويأخذون الأتاوات ، ويمارسون كل أنواع الفساد، لكنَّ الظلم لن يدوم، وعاقبته وخيمة [وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ] {إبراهيم:42} «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».
نعم ... لقد أخذ الله زين العابدين ابن علي أخذ عزيز مقتدر بأهون الأسباب وبما لم يكن في حسبانه، ولا في تقدير مستشاريه الأمنيين، وأجهزته الأمنية المتعددة البالغ عددها مئتا ألف مدججين بأحدث الأسلحة وأفتكها... لقد خذله أقرب الناس إليه، بل خذله أسياده الذين كان يعمل لحسابهم، وينفذ أوامرهم، ويحقق مشاريعهم... لقد خاصم شعبه من أجلهم، وسامه سوء العذاب ليرضيهم...
اللهم لا شماتة...!! لكنه قدر الله المقدور، وقضاؤه الذي لا مرد له، وحكمه الذي لا معقب له [إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ] {يس:82}.
وإن رابطة العلماء السوريين... إذ تهنئ شعب تونس الشجاع الحر الأبي، وتهنئ علماءه الأحرار ، ودعاته الأبرار، وكافة القوى الوطنية الشريفة تهنئهم بنجاح ثورتهم السلمية المباركة ، وتسأل الرحمة للشهداء الأبرار... وتناشدهم الله سبحانه:
ـ  أن يكونوا صفاً واحداً وقيادة واحدة .
ـ وأن يحولوا دون سرقة هذه الثورة مِن قِبَل المتربصين بها في الداخل والخارج
ـ وأن يحولوا دون تشويه هذه الثورة بما ترتكبه عصابات الرئيس الهارب من نهبٍ وسرقةٍ، ونشرٍ للفوضى، وتدميرٍ للممتلكات العامة ، وعبث بالأمن .
ـ وأن يستمسكوا بالهوية العربية الإسلامية لتونسنا الحبيبة.
وإن رابطة العلماء السوريين ومن واقع مسؤوليتهم التي ألقاها الله على كاهلهم، ومن واجبهم في النصح المخلص الذي أُمروا به تجاه ولاة أمر الأمة ، لتناشد حكام العرب والمسلمين أن يتقوا الله في شعوبهم، وأن يصطلحوا معهم، وأن يأخذوا الدرس والعبرة من الطاغية زين العابدين بن علي  ومصيره البئيس الذي صار إليه.
يا حكام العرب والمسلمين!!! أصلح الله أمركم، وألهمكم مراشدكم ... أنتم تعلمون قبل غيركم ما تعانيه شعوبكم من ظلم وقهر ، وتسلط واستبداد ، وفقر وجوع وبطالة، وغلاء معيشة ، وعدم تكافؤ في الفرص...!! المنافقون وبطانة السوء وأزلام السلطة، ورجال الأمن العتاة، و المؤسسات الهزيلة... هي وحدها صاحبة المصلحة في استمرار أنظمة الاستبداد والفساد... ونؤكد لكم أن بطانة السوء لن تصدقكم النصح، لإن مثل هؤلاء وأولئك لن يحموكم إذا جاء أمر الله، ولن يدرءوا عنكم الخطر إذا ثارت الشعوب المقهورة المحرومة المستذلة، لسبب واحد أنتم أعرف به: هو أن هؤلاء يفتقدون أي معنى للإخلاص، إلا لبطونهم وشهواتهم، ثم لمصالحهم وما ينهبون، ثم لظلمهم وما يمارسون........
اللهم اشهد أنا قد بلغنا... اللهم اشهد أنا قد بلغنا...
اللهم سلِّم هذه الأمة، وأعزها وانصرها على أعدائها في الداخل والخارج ، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بخير وعزة وكرامة فوفقه لكل خير ومن أرادهم بظلم أو شر فخذه يا ربنا أخذ عزيز مقتدر... والحمد لله رب العالمين.
 
رابطة العلماء السوريين
20/1/2011
16/2/1432

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين