فتاوى معرقلة بين الحقيقة والوهم

كتب الأستاذ  محمد أمير ناشر النعم تحت العنوان السابق مقالة رأى فيها أن هناك الكثير من الفتاوى والمفتين المعرقلين لحياة الناس الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والحضارية ، وقد عقب على مقالته بعض الافاضل . وها نحن ننشر مقالته وبعض التعقيبات التي وصلتنا ، ونرجو أن تكون منبرا للحوار البنأء ، وطريقا للانضباط بمنهج العلماء ، وطريقا للعودة إلى الحق الوضَّاء .

 قال الأستاذ محمد أمير ناشر النعم :
"وأدعوها بالفتاوى (المعرقلة) لأنها تعرقل استقرارنا واطمئناننا، وتعيق مسيرتنا وتقدمنا، إذ تنزل علينا كفجاءات الحوادث وبغتات البلاء، فتاوى كاسيات عاريات، تُلبِس الإضاعةَ ثوبَ الحزم، وتكسو الغوغائيةَ رداءَ الفهم والعلم، ولو أنها اقتصرت على جانب العبادات فقط لكانت المصيبة أخف، لأنها لن تمس إلا شخصاً واحداً بعينه، ولكنها تتدخل في الجوانب الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فتتناول الإنسان وزوجته وأسرته، وأبناء بلده ومجتمعه.
أما الشعب المسلم المسكين فالويل له إذا حذا حذوها، وامتثل هديها، لأنّ أركانه ستفهق عندئذ من جوانبها طفاحاً من العنت والضيق ، ولأن بنيانه سيضج بَرَماً من الكرب والشدة.
وأما (المفتون) المعرقلون فالويل لهم أيضاً، مصداق الدعاء النبوي: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه) رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وعلى الرغم من كل الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والمأثورات التراثية، والقواعد الفقهية، التي تقيم بنيان هذا الدين على التبشير والتيسير، وعلى رفع الحرج، ووضع الإصر والأغلال عن البشر، حتى يعيشوا حالة إنسانية طبيعية لا تعرف الشدة ولا العنت ولا الجور ولا الضيق ، على الرغم من كل هذا فإن جلّ (فقهائنا) اليوم يضادون كل ذلك ويعاندونه، حتى إذا ما أردنا أن نستخلص من إفتاءاتهم قواعد ومبادئ فإن على رأسها سيأتي: (الأصل في الأشياء المنع والتحريم)، و(الأصل انشغال الذمة)، و(الأمر إذا ضاق لم يتسع، وإذا اتسع ضاق)، و(المشقة تجلب التعسير) و(الضرورات تزيد المحظورات) و(العبرة في العقود للألفاظ والمباني وليس للمقاصد والمعاني)، و(العبرة للتوهم)، (اليقين يزول بالشك)، و(الضرر لا يزال بمثله بل بأشد منه)، و(يُختار أفدح الشرين).
وهذا ما يكون عليه حالنا عندما يختار هؤلاء (الفقهاء) الإِلْف على الصواب، فيغدو استنباطهم مجرد تنقيب ومَتْحٍ من براميل الذاكرة، يغرفون منها أحكاماً من دون أن يمرروها على مصفاة الوعي وغربال المحاكمة!
وحتى نرتقي من وهاد التعميم إلى قُلة التخصيص نتناول أمثلة بعينها اجتناباً للتطويل وتوخياً للاختصار:
1 - فتاوى العرقلة الاجتماعية، كفتاوى (الطلاق)، هذه الفتاوى التي تتضارب فيها آراء (المفتين) في دائرة الإفتاء الواحدة، والتي قد تؤدي إلى خراب البيوت من دون إرادة أكيدة من الزوجين بإنهاء علاقتهما، ولكن المفتي الحريص يبتُّ العلاقة ويميتها، وإن كان في بعض الأحيان يعود فيحييها، بتأمين الزوج المحلل، الذي يسمى في عرف الشرع (التيس المستعار)، وكالفتاوى التي تحرّم على المسلمين صوراً من التواصل الاجتماعي المطلوب كتحريم مناسبة عيد الأم، فلا تجيز في هذه المناسبة إظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك، أوالتي تحرّم عليهم أن يبتدئوا بعض أبناء الوطن بالسلام، أو أن يهنئوهم بأعيادهم!
2 – فتاوى العرقلة الاقتصادية، كتلك التي تحلل للتجار صيغاً من العقود اللئيمة التي يصطادون بها المحتاجَ أوالواقفَ على شفير الإفلاس، كبيع (الوِعْدة) هذا العقد الذي هو في صورته بيع وفي حقيقته قرض ربويٌّ بامتياز، ثم ترى هؤلاء (الفقهاء المفتون) يحرّمون في المقابل الاقتراض من بنوك الدولة، رغم كل الاجتهادات الفقهيَّة الكثيرة التي لم ترَ على الأقل في القرض الاستثماري أي نوع من الربا، بل ويحرمون هذا القرض ولو كان المقترض مضطراً، معطِّلين بذلك القاعدة الفقهية المتفق عليها والقائلة: (الحاجة تنزّل منزلة الضرورة)، ولكن (المفتين) هنا لا يعترفون بضرورات الناس، ولا يقرُّون حاجاتهم، فإن جاءهم الشاب الناشئ مستفتياً في أن يقترض من البنك ليستقل بمشروع صغير يمكن أن يكون نواة مؤسسة أوشركة في قابل الأيام، أوجفوا عليه خيول الحلال والحرام يرهبون بها طموحاته وآماله، وإن جاءهم الفقير مستفتياً حول جواز اقتراضه من البنك لأجل السكن، كان ردهم: "لك في الاستئجار فسحة "، أوكان جوابهم: "اشترِ خيمة وعش في ظلالها، فإن لك فيها مندوحة عن الاقتراض"! على أننا لا يمكن أن نخفي فرحتنا بالانفتاح الاقتصادي الذي شهده بلدنا، فقد بات بوسع (فقهائنا) أن يحيلوا هذا المستفتي إلى البنوك (الإسلامية) التي تزيد (أرباحها/فوائدها) على فوائد بنوك الدولة أو البنوك التقليدية أضعافاً مضاعفة.
3 – فتاوى العرقلة العلمية، ولعل أبرز هذه الفتاوى تلك التي وقذت الشباب المسلم فحرّمت عليه ارتياد الجامعات لما فيها من الاختلاط، وقد عانت الجزائر بعد تسعينات القرن الماضي من مثل هذه الفتاوى التي راح ضحيتها آلاف الشابات والشبان الجزائريين ممَّن تنزَّهوا عن الاختلاط، فوقعوا، فيما بعد، في أوحال البطالة والعوز والحرمان، وكانت النتيجة أن انعكس ذلك في أحيان كثيرة على المبدأ ذاته بالنقض والارتداد، ناهيك عن خسارة البلاد الحقيقية لكفاءات رائعة لم يقدّر لها أن تأخذ نصيبها، ولم يُتح لها أن تؤدي دورها، والمفارقة العجيبة هنا أنّ الذين أفتوا بذلك كانوا هم أنفسهم يدرّسون في تلك الجامعات ويعملون فيها، في تصديق تام لما أخبر به المسيح (عليه السلام): "الويل لكم يا علماء الشريعة فإنكم تحمّلون الناس أحمالاً وأنتم لا تمسونها بإصبع من أصابعكم".
4 – فتاوى العرقلة الحضارية كتحريم التجنُّس للمغتربين، التي تقول: "وأما التجنس: فالأصل فيه الحرمة، لأنه انضمام لراية أو مظلة غير إسلامية، ولأنه يؤدي إلى تقوية الأعداء،كما هو الحاصل في هجرة الأدمغة، ولأن الجنسية يترتب عليها التزامات بواجبات قد تتنافى مع أصول الإسلام وأحكامه، كالمشاركة في القتال لمسلمين أو غير مسلمين، والإلزام ببعض التكاليف التي لا يقرها الإسلام، ولأن الرضا بالمقام بين غير المسلمين يؤدي إلى محبة عاداتهم أو التأثر بها واستحسانها، وبخاصة في عقول الأولاد، وللبيئة تأثير ملحوظ. لذا قال النبي (ص) فيما رواه أبو داود: "أنا بريء من كل مسلم يقي م بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله ولم ؟ قال: لا تتراءى نارهما". انظر: د. وهبة الزحيلي، "فتاوى معاصرة". ص 289، ط1، دمشق: دار الفكر.
والتي تقول: "إنّ انتماء المسلم إلى جنسية بلد أودولة غير مسلمة مع الإقامة فيها محرّم حرمة ذاتية، والحرمة الذاتية لا يعارضها ولا يغالبها أي من المبررات العارضة التي قد يسميها بعض الناس ضرورة، وكما أنّ الماء لا يطهر النجَس العيني كالدم ولحم الخنزير والميتة مهما غسل به، ومهما سرى في أجزائه، فكذلك عوارض المبررات المتصورة لا تقوى على إزالة الحرمة الذاتية السارية في جوهر هذا الانتماء وذاته" . ثم تقول: " فهو إذن من المحرمات المقطوع بحرمتها". انظر: د. محمد سعيد رمنضان البوطي، "قضايا فقهية معاصرة". ص 208، دار الفارابي.
على أن بيان خطأ هذه الفتوى وتناقضها، وما خالطها من شوائب وروائب، وتوضيح إحالتها الأمور عن جهاتها، وإبراز خروجها عن معطيات التطور الإنساني يحتاج إلى بحث خاص، ولكن يكفينا هنا أن نبيّن أن هذه الفتوى توقع ملايين السوريين المسلمين في بلاد المهجر في الحرج الشديد، إذ تحصي وزارة المغتربين السورية نحو تسعة عشر مليون سوري خارج الوطن، وهذا الرقم قريب من عدد سكان سورية بحسب أخر الإحصاءات.
ولا شك في أنّ قسماً كبيراً من المغتربين السوريين يهتمون لأمر دينهم، ولا يرضون لأنفسهم ارتكاب المحرّم ولا الاقتراب منه، لكن هذه الفتوى تلفح قلوبهم بالضيق، و تلحف أكبادهم بالحرج، والمشكلة الداهية التي نصادفها هنا أن صاحب هذه الفتوى ومن لفّ لفه يحتكرون حكم الله، فيقذفون مخالفيهم بألسنة حِداد، لأن الفتوى عندهم هي حكم الله ينطق على ألسنتهم، ولو عدّوها رأياً إنسانياً واجتهاداً ناتجاً عن فهم النصوص الشرعية الأصلية - وهي كذلك - لأفسحوا المجال لوجود (فتاوى أخرى) ذات حُجيَّة تخالف فتاويهم، ولوسّعوا على الناس وأراحوهم، وأزالوا عن كواهلهم عبء الشعور الفادح بالوزر الثقيل الجاثم، غير أن لسان حال هؤلاء المفتين يقول: (الفتوى ههنا، والتقوى ههنا، وما ثم بعدنا إلا الضلال). فهم وحدهم المشمولون بروح القدس، وهم وحدهم المتفردون بنعمة التأييد الإلهي والتسديد الرباني.
ولكن هل لهم من الله موثق بذلك؟
والجواب: كلا. فالمفتي ليس معصوماً عن الخطأ، فقد تعثر به عجلة الرأي، وتزل به قدم الاستنباط، وعلى الرغم من وضوح هذا الأمر فإنني أجدني مضطراً للاستشهاد بالعصر الإسلامي الأول، فقد حفظ لنا التاريخ كماً كبيراً من استدراكات الصحابة، رضي الله عنهم، بعضهم على بعضهم، في فتاويهم بل حتى في قضائهم الذي يزيد على الفتوى في قوة الإلزام.
نعم أنى لهذه الفتوى هذا التحريم القاطع في حين أن عدداً كبيراً من الفقهاء المعاصرين لا يرون بأساً بهذا التجنس، بل ويحضّون عليه، وأذكر منهم، على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي، ومفتي حلب الدكتور الشيخ محمود عكام، ولهم في هذا فتاوى منشورة مشهورة.
خلاصة الأمر: إنها دعوة للمتصدرين للفتيا: اتقوا الله في هذا الشعب الطيب. يسروا أمره ولا تعسروه، وبشّروه ولا تنفّروه.
وهي تنبيه للشعب الكريم أن يقلل من سؤالاته واستفتاءاته، وأن يأخذ بالوثيقة في أمره، متذكراً القانون الذي وضعه له نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، كما روى أحمد والدارمي في مسنديهما: (استفتِ قلبك، واستفتِ نفسك. البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك).
    
المصدر : كلنا شركاء
 
 
 
 
ردود وتعليقات :
1- العلامة الدكتور أحمد الحجي الكردي :
في أقوال هذا المفتي بعض الصواب وكثير من الخطأ في نظري، وأسال الله تعالى أن يعفو عن أخطائي وأخطائه وأخطاء كل المجتهدين المخلصين، وأن يهدي الجميع إلى طريق الصواب.
 
2- الدكتور موفق الغلاييني عضو لجنة الإفتاء بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية:
شكرا للكاتب على اختياره موضوعات تمسُّ حياة االمسلمين. ورغم أني أوافقه على أكثر ماقال، ولكني أختلف معه في موضوع القرض الاستثماري. فبحسب علمي، لم يقدم أي مجمع فقهي على إباحته وإنما صدرت فتوى من المجلس الأوروبي للإفتاء بجواز شراء المنزل الأول للسكن بقرض ربوي للمسلمين في أوروربا استنباطا بما رجحوه من رأي أبي حنيفة. أما القرض الإستثماري فلم يقل به سوى قلة مخالفة لجماهير أهل العلم.
وأرى أن من الأفضل له طالما أنه وضع نفسه موضع الفقيه المرجِّح للأقوال أن يأتينا بدليله العلمي الفقهي لا أن يكتفي بالإستشهاد خطأ بالقاعدة الفقهية الفرعية:
( الحاجة االعامة تنزل منزلة الضرورة)
لأن هناك قاعدة أخرى ذات أهمية كبرى في هذا المجال وهي بمثابة الضابط للقاعدة الاولى وهي: ( ما حرم لذاته لا تبيحه إلا الضرورة، وما حرم لغيره تبيحه الحاجة) فالربا محرم لذاته ، وما القرض الإستثماري إلى عين ربا النسيئة ( ويسمى أيضا بربا الجاهلية لانتشاره أنذاك)
ولا يباح إلا في حال الضرورة كأكل الميتة وشرب الخمر للحفاظ على االحياة ومثاله بالنسبة للربا شراء منزل بقرض ربوي لعدم وجود شقق للإيجار لمن خاف على نفسه وأولاده من الهلاك جراء البرد القارس في العراء ونحو هذا. ومن المعلوم أن هناك بدائل إسلامية لتملك البيوت بطريقة إسلامية ومنها: القرض الحسن، والجمعية القائمة على أساس التكافل الخيري الخالي من الربا بين أفراد مجموعة متطوعة، والإجارة المنتهية بالتملك. وقد جربنا هذا في أمريكا وكان ناجحا . وفي الختام أقول: علينا جميعا أن نتق الله سبحانه سواء في الإفتاء أو في نصح المفتين بأن يكون نصحنا رفيقا عملا بتوجيهات قرآننا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام. بحيث لا تدفعنا حماسة الرد للتهجم أو الإنتقاص والسخرية، أوخلط الأوراق ومزج المردود بالمقبول. فنحن هنا في أمريكا ورغم التسهيلات الكبيرة جدا للتعامل مع البنوك الربوية في شراء المنازل لا زلنا متمسكين بآراء المجامع الفقهية بل برأي جمهور الفقهاء المحدثين من
الإحجام عن هذا لأن أحدا لا ولن يقوى على حرب الله ورسوله.
 
3- بدر الحسن القاسمي نائب رئيـس مجـمـع الفقـه الإسـلامي بالهنــد
 
إن كلام السيد محمد أمير ناشر النعم ليس نقدا علميا منهجيا لفتاوى معيَّنة حتى يعلَّق عليه وإنما هو مجرد انطباع ناشئ عن حرصه ليرى المسلمين في مصافِّ الأمم الأخرى ، ويشبه كلامه كلام المنبهرين عن الحياة المادية الغربية اللذين لا يميِّزون بين الحلال والحرام وبين الكسب الطيب والخبيث وبين الرفاهية المادية البحتة وبين الحياة السعيدة التي تضمن الفوز في الدنيا والآخرة.
إن القواعد الفقهية مثل "المشقة تجلب التيسير"، و"الأمر إذا ضاق اتَّسع"، "والضرر يزال" وأمثالها ليست مستندا للإفتاء في القضايا الجزئيَّة والنوازل الحديثة على إطلاقها بل انها خاضعة للنصوص الشرعية العامة ومقيَّدة بالآيات والأحاديث الصريحة فبحجَّة التيسير لا يصح تحليل الربا أو الخمر أو المحرمات الأخرى.
وإنَّ علماء الشام – جزاهم الله خير – لهم براعة في ضبط القواعد وتطبيق الأصول وعلى صاحب المقال أن يرجع إلى ضوابط المصلحة للشيخ البوطي ، وشرح القواعد للشيخ أحمد الزرقاء والكتب المنهجية للعلامة الشيخ مصطفى الزرقاء حتى يعرف أصول الإفتاء وآداب المفتين والنهج السليم لتطبيق القواعد والتمييز بين المصالح المعتبرة وغير المعتبرة.
أما الفتاوى التي يصفها (بالمعرقلة) فمنها ما صدر في ظروف معيَّنة وليس لها عموم ومنها ما هو الحقُّ الصُّراح في كافة الظروف وما يريده الناقد هو الباطل شرعا وعقلا.
ولا أرى بأسا في نقل ما سمعته من بعض مشايخنا : أن شخصا كان يجادل الإمام الكشميري رحمه الله ويصر على إباحة بعض المعاملات الربوية (كما يريد صاحبنا) ولما لاحظ فيه العناد وعدم الاستجابة للحكم الشرعي الصحيح.
فقال له الإمام الكشميري:
(يا أخي إن الطريق إلى النار سالكة أمامك ، فإذا كنت مصرّا على دخولها فلماذا تحاول أن تجعل عنقي جسرا إليها؟!)
فأقول للناقد العزيز إن الذين يحملون مثل أفكاره ليسوا قليلين فلماذا يلجأ إلى فتاوى من يراه من (المعرقلين)؟ إن المفتي يوقع عن رب العالمين فعليه أن يتحرى الدقة في بيان الحكم الشرعي.
ولكن لا مانع من مناقشة الفتاوى التي صدرت في ظروف معينة حول التجنس وما شابه ذلك أو نقدها بأسلوب علمي ومنهجي. والله هو الهادي إلى سبيل الرشاد،،،
4- الشيخ الباحث الناقد  الأستاذ  ياسر حجازي :
 بتفكيك وتحليل المقالة نجد فيها :
- البعد عن المنهج العلمي بأبسط صوره
- الحكم المسبق على الفكرة بحقد وانحيازية كقوله : (وأدْعُوها بالفتاوى (المعرقلة) لأنها تعرقل استقرارنا واطمئناننا، وتعيق مسيرتنا وتقدمنا، إذ تنزل علينا كفجاءات الحوادث وبغتات البلاء، فتاوى كاسيات عاريات، تُلبِس الإضاعةَ ثوبَ الحزم، وتكسو الغوغائيةَ رداءَ الفهم والعلم).
- جلُّ فقهاء العصر بعيدون عن التيسير ورفع الحرج مخالفون للقرآن والسنة الآمران بذلك يقول فضيلته بعد أن أورد قواعد التيسير: (جلّ فقهائنا اليوم يضادون كل ذلك ويعاندونه).
- اتهام العلماء بالدعوة للتيس المستعار ( المحلِّل) وهذا ما لا يعرف في الواقع.
- تسفيه الفتاوى المخالفة له بالرأي : فيعيب على العلماء تحريم الاحتفال بعيد الأم تقليداً للغرب , ويغمز بهم لتحريمهم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم طبعا لا يذكر فضيلته من هم المحرِّمون وما هي أدلتهم ؟؟
- وفي فتاوى العرقلة الاقتصادية يعيب الفتاوى التي هي من قسم المختلف فيه (بيع الوِعْدة) ويمدح المتفق على تحريمه (الربا الاستثماري ) الذي يزعم أن الكثير من الاجتهادات الفقهية الكثيرة تجيزه .
ولا ندري من هم أصحاب الاجتهادات الفقهية الكثيرة التي أجازت القرض الاستثماري غير بعض المفتين الرسميين وشيخ ناشر النعم محمود عكام وشيخه أركون .
-   في الوقت الذي يعتبر فيه ناشر النعم تحريم الربا معرقلا لـ ( استقرارنا واطمئناننا، وتعيق مسيرتنا وتقدمنا ) تعلوا صيحات عقلاء الغرب لإزالة الربا كمعرقل للتقدم ومدمِّر للاقتصاد .
-   ولا ينس ناشر النعم أن يستمد من شيخه الدكتور محمود عكام كراهيته للبنوك الإسلامية وتفضيل الربوية عليها يقول فضيلته : ( البنوك الإسلامية التي تزيد (أرباحها/فوائدها) على فوائد بنوك الدولة أو البنوك التقليدية أضعافاً مضاعفة).
ولا ننس نحن بدورنا تسوية فضيلته بين الأرباح والفوائد وغمزه للبنوك الإسلامية بأن أرباحها وعلى لغة فضيلته فوائدها أضعاف مضاعفة عن البنوك الربوية .
ومع إقرارنا بأن البنوك الإسلامية لا تخلو من أخطاء وخاصَّة في الجانب التطبيقي لا ندري كيف يمكن لمسلم أن يسوِّي بينها وبين البنوك الربوية فضلاً عن تفضيلها عليها.
- عدَّ ناشر النعم  : فتاوى العرقلة الحضارية تحريم التجنُّس للمغتربين .
ونريد أن نسأله:
لماذا لم يناقش هذه الفتوى وغيرها ممَّا ذكره مناقشة علمية بأن يورد أدلة أصحابها عليها؟ ويورد أدلته العلمية على نقيضها؟
وهل التقدم الحضاري منوط بالتجنُّس – من غير ضرورة – بجنسيَّة الغرب التي يسحق من خلالها دين الأبناء وشخصيتهم وثقافتهم الدينية والحضارية .
-الملاحظ أن ناشر النعم لا تخلو له مقالة إلا وغمز ولمز بالعلامة الدكتور البوطي وما ذلك – والله أعلم – إلا علماً منه بأن الدكتور البوطي من أكبر العوائق في طريق حركة الانفلات الفقهي والعقدي التي يقودها ناشر النعم وشيخه وصحبه .
انظر كيف يعقِّب ناشر النعم على فتوى الدكتور البوطي بحرمة التجنُّس بالغرب من غير ضرورة ولاحظ أسلوب التهكم  وقلة الأدب في تعقيبه:
(المشكلة الداهية التي نصادفها هنا أن صاحب هذه الفتوى ومن لفّ لفه يحتكرون حكم الله، فيقذفون مخالفيهم بألسنة حِداد، لأن الفتوى عندهم هي حكم الله ينطق على ألسنتهم .... غير أن لسان حال هؤلاء المفتين يقول: الفتوى ههنا، والتقوى ههنا، وما ثم بعدنا إلا الضلال فهم وحدهم المشمولون بروح القدس، وهم وحدهم المتفردون بنعمة التأييد الإلهي والتسديد الرباني)
- أورد ناشر النعم في مقالته قول المسيح (عليه السلام): "الويل لكم يا علماء الشريعة فإنكم تحمّلون الناس أحمالاً وأنتم لا تمسُّونها بإصبع من أصابعكم".
ولم يخبرنا هل أخذ قول المسيح من المصادر الإسلامية أم من قراءاته المسيحية التي اتَّجه إليها بعد أن قرر أن يلبس لباس الانفتاح على غير المسلمين مع الانغلاق التام على المخلصين من المسلمين
وقول المسيح موجود في انجيل   لوقا 11: 37-48
- العجب العجيب كيف ختم ناشر النعم مقالته بدعوة الناس إلى عدم استفتاء العلماء والركون إلى أهوائهم ورعوناتهم .
(تنبيه للشعب الكريم أن يقلل من سؤالاته واستفتاءاته)
- لا ندري عن ماذا نتعرقل في رأي ناشر النعم؟
إن حرَّم بعض العلماء الجنسية الغربية على غير المضطرحرصا على دين وخلق الأبناء
وعن ماذا نتعرقل إن نحن أخذنا بحرمة الربا ؟؟
-   أليست مقالة فضيلة ناشر النعم دعوة إلى الربا ودعاية للبنوك الربوية , ودعوة للتغريب الثقافي والحضاري ، ودعوة للبعد عن الرباَّنيين من هذه الأمة , ودعوة لمصدريَّة الهوى للفقه ؟؟؟

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين