مفاهيم تربوية في فقه الدعوة الإسلامية
 بسم الله الرحمن الرحيم
د. موسى إبراهيم الإبراهيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من سار على نهجهم واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك أحمدك حمد الشاكرين لنعمائك المعترفين بعظيم فضلك وإحسانك.
أسألك يا ربي أن تلهمني الحكمة والرشاد والتوفيق والسداد وأن تجعل أقوالي وأعمالي خالصة لوجهك الكريم، وأن تتقبل مني هذه الخواطر والتأملات وتجعلها في ميزان الحسنات وأن تنفع بها المسلمين والمسلمات وخاصة منهم الدعاة الوعاة إلى دينك ورسالتك ومنهاجك القويم الذي تكفلت بحفظه وأن تظهر عليه طائفة من عبادك الصالحين يكونون شوكة في حلوق الطغاة والمجرمين إلى يوم الدين.
{إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون}
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
 
 
 
 
 


 
المقدمة
هذه المفاهيم التربوية في فقه الدعوة الإسلامية إنما هي كلمات سجلتها في أوقات مختلفة وأماكن مختلفة من خلال التأمل في مسيرة الدعوة الإسلامية في الربع الأخير من القرن العشرين.
ومن جراء المعايشة المتواصلة للشباب المسلم الذي يحيا في مناخات الدعوة الإسلامية وظروفها الصعبة ومعاناتها من حصارات التيارات العلمانية والمادية والجاهلية.
وهي قبل ذلك نتاج تفاعل بين الإيمان بالله تعالى والفقه في دينه ومنهاجه الرباني وبين فقه الواقع الذي تعيشه أمتنا اليوم أمام تحديات العولمة والإرهاب الدولي.
وفي مثل هذه الأجواء يحتاج الجيل المؤمن الناشئ إلى جرعات إيمانية وإلى مزيد من التعبير والترشيد والتسديد ممن له سبق في الميدان وخبرة في النفوس وتجارب في الساحة ودربة على العمل الجماعي في حقل الدعوة الإسلامية.
في مثل تلك الأجواء كنت أسجل خواطري المتواضعة وأبثها بين إخواني وأحبتي وأبنائي راجياً التسديد والمقاربة مؤملاً المساهمة في تربية الجيل على الإيمان بالله تعالى والاعتزاز بالانتماء لهذا الإسلام وهذه الأمة الإسلامية العظيمة وتحرير الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين مع التأكيد على ضرورة تميز الشخصية الإسلامية واستقلالها، وعلى ضرورة التوازن في التربية بين الأصالة والمعاصرة والوعي والبصيرة النافذة، وعلى التقويم والمراجعات النقدية الهادية من أجل التصويب والتعديل اللازم حتى يصل العمل الإسلامي إلى أشده ويحقق مناه.
واليوم حان قدر إخراج هذه المفاهيم لترى النور ويقرؤها من لم يسمعها مباشرة من صاحبها أبعثها للنشر سائلاً المولى أن ينفع بها ويكتب لها القبول وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم. راجياً الدعاء الصالح من كل من يستفيد منها، والتصويب والتسديد من كل من يجد فيها ما يحتاج للتقويم والتعديل.
هذا اجتهادي فإن يكن صواباً فمن الله وحده وإن يكن خطأً وزللاً فمن نفسي وتقصيري والخير والإصلاح أردت ورحم الله أمرأً أهدى إلي عيوبي وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو حسبي ونعم الوكيل.
 
معالم أساسية في فقه الدعوة الإسلامية
إن للدعوة الإسلامية فقهها المتميز سواء في المبادئ أو الأهداف والوسائل، والداعية الحكيم هو الذي صقلته التجربة الميدانية وامتلأت مشاعره بحب دعوته والفناء فيها ولم يشغل قلبه أكثر من همه بدعوته ورسالته التي يحملها بين جنبيه.
ومن أهم تلك الأسس والمعالم الدعوية التي لا ينبغي للداعية أن يغفل عنها بحال من الأحوال الأمور التالية:
 
الأول: البصيرة الواعية
فالبصيرة الواعية هي أهم أسس الدعوة إلى الله تعالى كيف لا وقد قال الله تعالى:
{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}([1]).
ومما يساعد على توفر هذه البصيرة عند الدعاة ما يلي:
1- العلم الذي يؤهل صاحبه لإقامة الحجة على الخلق جميعاً.
2- التكامل في ثقافة الداعية بين العلوم التراثية والعلوم المعاصرة.
3- أخذ العلم وأساليب الدعوة عن العلماء والدعاة الربانيين.
ولا يكفي الرجوع إلى الكتب وحدها في تربية الدعاة وإعدادهم وقد قيل في هذا الخصوص: لأن تصحب داعياً خير من أن تقرأ ألف كتاب في الدعوة.
 


([1]) سورة يوسف الآية 108.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين