من أساليب التربية في القرآن الكريم ، التفكير المنطقي (المحاكمة العقلية).
 
الدكتور عثمان قدري مكانسي
 
     يدعونا القرآن الكريم دائماً إلى التفكير وإعمال الذهن للوصول إلى الحقيقة ، والآيات في هذا الصدد كثيرة تملأ الصفحات منبهة إلى أن " أولي الألباب " والذين يتفكرون ، والذين يعقلون ، ومن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد . . . هم المؤمنون حقاً .
     والإيمان التقليدي لا يجدي فتيلاً . أما ما قام على تفكير صحيح ، ومحاكمة عقلية سليمة فهو الإيمان الذي يرتضيه الله سبحانه وتعالى .
     فهلمَّ نقتطف من رياض القرآن العظيم بعض هذه الأنوار التي تدفع المسلم أن يلاحظ ويفكر ، ليصل إلى القرار الصحيح .
     ـ فاليهود يدّعون أن أخطاءهم قليلة ، يدخلون لأجلها النار أياماً معدودة ، ثم يخرجون منها إلى الجنّة ، ونرى القرآن الكريم يردُّ إفكهم : أهذا ما عاهدكم الله عليه ؟!! ـ والله لا يخلف الميعاد ـ أم إنّكم تفترون على الله ما لا تعلمون ؟ ثم يقرر بعد هذا التوبيخ أن من أصاب سيئة ، وأحدقت به هذه الخطيئة فهو خالد في النار جزاء كفره وعناده (( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) ))(1) .
     ـ أما النصارى فيقولون زاعمين : إن عيسى ابن الله ، وإلا فأين أبوه ؟! ويعجبون أن يولد هذا النبي دون والد ، ونسوا أن أعجب منه آدم عليه السلام إذ خلقه الله تعالى دون أم أو أب ، فهو قادر على كل شيء سبحانه ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)))(2) .
    ـ واليهود والنصارى كلٌّ يدعي أن إبراهيم منهم ، وهذا زعم عجيب فالمعروف أن التابع يأتي بعد المتبوع ، وإبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء ، من نسله جاء اليهود والنصارى فأحرى أن يتبعوه في توحيد الله . . ويلفت القرآن الانتباه إلى أن رسول الله محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن آمن به جاءوا على دين التوحيد ، فهم أولى بإبراهيم عليه السلام (( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)))(3) .
     (( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) ))(4) .
     ـ ولمن تكون التوبة ؟ ومتى يقبلها الله تعالى ؟ . . تكون لمن أخطأ عن جهالة ثم استغفر الله ، واستقام على الحقِّ سريعاً ، أمّا من سدر في غيّه ، وأصرَّ عليه إلى الغرغرة فهذا لا توبة له ، وكذلك لا يقبل الله التوبة من الكافر .
     (( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)))(5) .
     ـ والله سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً ، فهو يرسل رسله إلى الناس يبشرون بالجنة من أطاعه ، وينذرون بالنار من عصاه ، فالمؤمن المصلح لا يخاف ولا يحزن ، والكافر المكذّب يعاقب جزاء وفاقاً .
     قال تعالى : (( وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49) ))(6) . وبهذا نقول : ( قد أعذر من أنذر ) .
     ـ ونرى التفكير المنطقي عند مرافق زوج المرأة التي راودت سيدنا يوسف عن نفسه فلما فوجئت ـ وهي تشد النبي يوسف عليه السلام إليها ـ بزوجها ادّعت أنه تحرّش بها ، فنفى يوسف عن نفسه التهمة وألصقها بها وهذا حق فقال المرافق :
     ((إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26)
     وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) ))(7) .
     لأنه لو شدَّها فسوف تدافع عن نفسها وتشق قميصه من أمام ، لكنه هرب منها ، فشدته ،
فشقت قميصه من الخلف (( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ
عَظِيمٌ (28)
))
(8) وهكذا ثبتت براءة يوسف عليه السلام .
     ـ ونرى المنطقيّة في ردّ القرآن الكريم على الكفار الذين تعجبوا من إرسال بشرٍ نبيّ ، واحتجوا بأن النبي إذا كان ملَـَكاً كان ذلك أدعى إلى التصديق ، فكان جواب القرآن أن الله يرسل إلى كلِّ جنس نبياً من جنسه كي لا يكون هناك انبهار وقهر ((قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)))(9) .
     ـ وترى القرآن يسأل في محاكمة عقليّة سليمة ، مَنْ خالق السموات والأرض  وله التصرف  والقوة ؟ ، فيجيبون : الله ، فيقول معقباً : ما دام هو الخالق فهل تستطيع الآلهة المزعومة أن تمنع نفعهه إن أراد نفعي ، أو تدفع ضره إن أراد ضرّي ؟ . . والجواب لا
تستطيع . . فلمن نلتجىء إذاً ؟!! لا شك أن الالتجاء إلى الله ، . . . فهو حسبنا ، وعليه توكلنا .
    (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) ))(10) .
     ـ ويؤكد هذا حين يستنكر أن يتخذ الناس من هذه الآلهة المزعومة شفعاء يوم القيامة وهي من صنعهم ، لا تضر ولا تنفع ، بينما الشفاعة الحقّة لله تعالى الذي يملك السماوات والأرض ، وإليه نعود ، وعليه نعرض  ((أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44)))(11) .
     ـ أما مؤمن آل فرعون فإننا نرى في تحليله الأمورَ محاكمة عقلية راجحة (( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ؟
أ   ـ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ
بـ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ))(13) .
     ثم يقرر قاعدة رائعة : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) ))(14) .
     وينبه هذا الرجل المؤمن إلى أننا اليوم نملك القوة ، فماذا نفعل حين يأتي عذاب الله ؟!! ((يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا ؟))(15) .
     ـ وتتكرر المحاجة والمجادلة بين ملائكة العذاب والكفار :
     (( وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49)
     قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
     قَالُوا بَلَى
     قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50) ))(16) .
     إنها محاكمة عقلية فقد جاءتهم الرسل بالبينات ، فكفروا ، فكان عقابهم حتماً لازماً .
     ـ وتعال معي إلى الأمر الذي لا يختلف فيه اثنان ـ مراحل الخلق والحياة ـ وبما أن الخالق هو الله ، فبيده كل شيء وهذا أمرٌ لا يختلف فيه اثنان من أهل العقول (( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68)))(17) .
     ـ والكفار من المشركين وأهل الكتاب يجعلون الملائكة إناثاً ، فيوبخهم القرآن : هل شهدتم خلق الملائكة حتى حكمتم بأنوثتهم .
     والمشركون وهم مخلوقون يكرهون الإناث ، فكيف يرضون للخالق ما يكرهون ؟! أمر عجيب . . مع أن الذكور والإناث سواء : (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) ))(18) .
     (( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ
وَيُسْأَلُونَ (19)
))
(19) .
     ـ ويدّعي النصارى واليهود أن لله ولداً ، وهذا أمر عجيب ، وبهتان كبير . . لماذا ؟! إن الولد يأتي عن شهوة الجماع ، والرغبة في دوام النسل ، فتقلبات الدهر حياة وموت واستبدال قوم
بقوم . . والله سبحانه حي لا يموت منزّه عن النقائص كاملٌ كمالاً مطلقاً ، فهو سبحانه لا يحتاج لولد فكل شيء عبيد له خاضعون لسلطانه . .
         ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)
             لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)
             وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)
              لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) ))(20) .
     ـ وترى القرآن يفتح عقول الناس بهذه الأسئلة الأربعة التي لا تحتاج جواباً باللسان إنما بالقلب والجنان ، والتدبر والتفكير والحسبان .
1ـ ((أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62) ))(21) .
2ـ (( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) ))(22) .
3ـ (( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70) ))(23) .
4ـ (( أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) ))(24) ، ((فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74) ))(25) ولا نملك إلا أن نسبح باسم الله العظيم . . .
     ـ وتابع معي هذه الاحتمالات التي تراود المشركين في الصدّ عن سبيل الله ومغالطة الحقيقة الساطعة التي لا تحتمل جدالاً إلا في أوهام المشركين ، وليس لها من الصدق شروى نقير إلا في خُزَعبلاتهم ... احتمالات يطرحها القرآن ، يلجم بها تخرصات المتخرصين وإفك الآفكين .
     (( أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) ؟
     قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31)
     أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (32) ؟!!
     أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) !
     فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) !!
     أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) ؟!!
     أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ (36) .
     أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37) ؟
     أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38)
     أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (39) ؟!!
     أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) ؟
     أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41)
     أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (42)
     أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (43) ))(26) .
     وأخيراً ، نجد في سورة القلم ، استفهاماً استنكارياً واحتمالات تدحض ـ حين يتمعن بها القارىء ـ أكاذيبَ المشركين .
     (( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35)
     مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)
     أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)
     إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38)
     أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39)
     سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40)
     أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) ))(27) .
     (( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) ))(28) .
     إنك ترى الدفع إلى التفكير المنطقي ، والمحاكمة العقليّة ، يوصل ـ إن كنت منصفاً ـ إلى الجواب الصحيح . نسأل الله تعالى أن نكون من المنصفين .


(1)   سورة البقرة ، الآيتان : 80 ، 81 .
(2)   سورة آل عمران ، الآية : 59 .
(3)   سورة أل عمران ، الآية : 65 .
(4)   سورة آل عمران ، الآيتان : 67 ، 68 .
(5)   سورة النساء ، الآيتان : 17 ، 18 .
(6)   سورة الأنعام ، الآيتان : 48 ، 49 .
(7)   سورة يوسف ، الآيتان : 26 ، 27 .
(8)   سورة يوسف ، الآية : 28 .
(9)   سورة الإسراء ، الآية : 95 .
(10)  سورة الزمر ، الآية : 38 .
(11)  سورة الزمر ، الآيتان : 43 ، 44 .
(13)  سورة غافر ، الآية : 28 .
(14)  سورة غافر ، الآية : 28 .
(15)  سورة غافر ، الآية : 29 .
(16)  سورة غافر ، الآيتين : 49 ، 50 .
(17)  سورة غافر ، الآيتان : 67 ، 68 .
(18)  سورة الزخرف ، الآية : 17 .
(19)  سورة الزخرف ، الآية : 19 .
(20)  سورة مريم ، الآيات : 88 ـ 95 .
(21)  سورة الواقعة ، الآيات : 58 ـ 62 .
(22)  سورة الواقعة ، الآيات : 63 ـ 67 .
(23)  سورة الواقعة ، الآيات : 68 ـ 70 .
(24)  سورة الواقعة ، الآيات : 71 ـ 73 .
(25)  سورة الواقعة ، الآية : 74 .
(26)  انظر : سورة الطور ، الآيات : 30 ـ 43 .
(27)  انظر : سورة القلم ، الآيات : 35 ـ 41 .
(28)  سورة القلم ، الآيتان : 46 ، 47 .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين