ماشطة بنت فرعون

عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لما أُسْرَي بي مرَّت بيَّ رائحةٌ طيبةٌ فقلت: ما هذه الرائحةُ؟ قالوا: ماشطةُ بنتِ فرعونَ وأولادُها، سقط مِشطُها من يدها فقالت: بسم الله، فقالت ابنةُ فرعونٍ: أبي، قالت: ربِّي هو ربُّك وربُّ أبيك، قالت: أوَ لك ربٌّ غيَر أبي؟ قالت: نعم. فدعاها فقال: ألك ربٌّ غيري؟ قالت: نعم ربي وربُّك الله، فأمر ببقرةٍ من نحاس فأحميت ثمَّ أُمر بها لتلقى فيها وأولادها، فأَلقوا واحدًا واحدًا، حتى بلغ رضيعًا فيهم، فقال: قِعي يا أمَّ ولا تَقَاعسي فإنَّك على الحقِّ، قال: وتكلم أربعةٌ وهم صغارٌ: هذا وشاهد يوسفَ وصاحب جريجٍ وعيسى بن مريم».

رواه أحمد والبزَّار وابن حبَّان والحاكم والبيهقي وغيرهم

الشرح:

«المشط»: معروفٌ.

و«فرعون» لقبٌ لملوك مصر، وليس خاصًّا بفرعونَ صاحب موسى.

«تَقاعسي» بفتح التاء: تتوقفي، وفي هذه القصة دليلٌ على ما كان يرتكبه الفراعنة من أنواع القسوةِ مع الخدم والضُّعفاء.

العبرة من هذه القصة

الإيمان إذا استولى على النفوس، وخالطت بشاشتُه القلوب، استعذب صاحبُه في سبيله العذابَ، واسْتَسْهل الصعابَ، واستقبل الشَّدائد بجَلَدٍ وصبرٍ، طالبًا ما عند الله من الثَّواب تاليًا قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10] فهذه الماشطة التي قوى إيمانها بربها وعظمت ثقتها بمولاها، لم تؤثِّر فيها قسوة فرعونَ ولا تعذيبه لها ولأولادها بذلك العذاب الفظيع الذي قدمت فيه فلذات كبدها إلى النَّار واحدًا بعد آخر، وهي تنظر إليهم وتعلم أنَّها بعد لحظاتٍ ستصير إلى مثل ما صاروا إليه، فكانت مثلًا من أمثال البطولة، ونموذجًا للثبات على عقيدة الحقِّ رحمها الله وأثابها رضاه.

" سمير الصالحين"

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين