أدباء لا تراجم لهم (إثارة لمشكلة بحثية)

تزخرُ المكتبة الإسلامية بتراثٍ كبيرٍ في باب التراجم، ومع ذلك نجد علماء كثيرين لا تراجم لهم، أو نجد عنهم شيئًا قليلًا لا يشفي غلة الباحث، ولو وصل إلينا كلُّ ما كُتب من تواريخ (المدن)، و(القرون)، وأصحاب (الفنون)، لرأينا ذخيرة عظيمة لا تُقدر بثمن.

وهذه مجموعة من الأدباء لم يقفْ المؤرخُ الكبيرُ ياقوت الحموي في كتابه "معجم الأدباء" على تراجم لهم، ومن المهم معرفة مراد ياقوت بقوله (الأدباء)، مما قاله في مقدمة كتابه هذا:

-(إبراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي اللغوي الكاتب:

لا أعرفُ مِن حاله إلا ما قاله السِّلفي: أنشدني أبو القاسم الحسن بن الفتح الهمَذاني قال: أبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الأزدي اللغوي الكاتب قدم علينا همذان، وقد حضر مجلسَه الأدباءُ والنحاةُ لمحله من الأدب:

وقد أغدو وصاحبتي محوص ... على عذراء ناءَ بها الرهيصُ

كأنَّ ثني النحوصِ على ذراها ... حوائمُ ما لها عنه مَحيصُ).

***

-(إبراهيم بن عبدالله الغزال اللغوي:

لا أعرفُ مِن حاله شيئًا، إلا أن السِّلفي قال: أنشدني أبو القاسم الحسن بن الفتح بن حمزة بن الفتح الهمَذاني قال: أنشدني إبراهيم بن عبدالله الغزال اللغوي لنفسه، وكان يتبخبخُ بهما:

والبرق في الديجور أهطل مزنةً ... أبدتْ نباتًا أرضها كالزرنبِ

فوجدتُّ بحرًا فيه نارٌ فوقه ... غيمٌ يرى فيه بليلٍ غيهبِ).

***

-(إبراهيم بن ماهويه الفارسي:

رجل أديب، لا أعرفُ مِن حاله إلا ما ذكره المسعودي، فقال: له كتابٌ عارض فيه المبرد في كتابه الملقب بالكامل).

***

-(عبيد الله بن محمد بن علي بن شاهمردان، أبو محمد:

لا أعرفُ مِن حاله شيئًا إلا أنني وجدتُّ له كتابًا في اللغة في مجلدٍ سمّاه: حدائق الآداب).

***

-(علي بن محمد النحوي الأديب أبو الحسن الأهوازي النحوي الأديب:

رأيتُ له كتابًا في علل العروض، نحو عشر كراريس ضيقة الخط، جيدًا في بابه غاية، ولا أعرفُ مِن حاله غير هذا).

-(الفضل بن إبراهيم بن عبدالله الكوفي أبو العباس النحوي المقري:

أخذ القراءةَ عن أبي الحسن علي بن حمزة الكسائي، وقرأ الكسائي على عيسى بن عمر الهمذاني، عن حمزة الزيات، ولا أعرفُ مِن حاله أكثر من هذا، وله اختيارٌ في أحرفٍ يسيرةٍ، وإنما ذكرتُه لأنه يُعرف بالنحوي).

***

-(محمد بن بكر البسطامي:

لا أعرفُ مِن حاله إلا ما ذكره حمزة الأصبهاني وقد ذكر الخليلَ وغيره ثم قال: وصنَّف بالأمس محمد بن بكر البسطامي كتابًا على كتاب محمد بن الحسن بن دريد المُسمّى "الجمهرة" وقال: كان السبب لوضعي هذا الكتاب تطرفي [كذا، وفي "الوافي بالوفيات": نظري في] الكتاب المُسمّى كتاب الياقوتة، وأن مصنِّفه حشا أكثر الكتاب بما ينطق به العربُ وعزاه إلى ثعلب، وقد طلبنا ما ادّعى من ذلك على العرب في المصنَّفات فلم نجده، ثم سألنا عنه أصحابَ ثعلب فلم يعرفوه، والذي صنَّفَ هذه الكتبَ لم يُقم [على] ما أودعه شاهدًا ولا ودليلًا من القرآن أو الحديث أو المثل، ولا نما فيما رواه إلا إلى: أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي، فتمتْ له روايةُ تلك الأباطيل، بين قوم لم يطالبوه بدليل، وظنوا أنه فيها مصيب، ثم ذكر كتاب "العين" وأنه مِن تصنيف تلاميذ الخليل، كما ذكرتُه في ترجمة الخليل).

***

-(محمد بن زيد بن مسلمة أبو الحسن النحوي المعروف بابن أبي الشملين:

لا أعرفُ مِن حاله إلا ما قرأتُه في كتاب "أدب المريض والعائد" لأبي شجاع البسطامي قال: كتب أبو محمد بن علي بن سمعون النَّرسي الحافظُ بخطه، وأذنَ لنا في روايته عنه: أخبرنا محمد بن علي بن عبدالرحمن، أنشدنا أبو الحسن محمد بن زيد بن مسلمة النحوي قال: أنشدنا أبو علي الفارسي والسيرافي قالا: أنشدنا أبو بكر السراج قال: عدنا أبا الحسن ابنَ الرومي في مرضه فأنشدنا لنفسه:

ولقد سئمتُ مآربي ... فكأن أطيبَها خبيثُ

إلا الحديثَ فإنه ... مثلُ اسمه أبدًا حديثُ).

***

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين