إلغاء منصب المفتي العام...أو إلغاء وتهميش من يمثلهم المفتي؟

ولكل الأديان والملل والنحل في سورية مرجعيتها الخاصة، ومجالسها الملية الخاصة، وكثيرا ما تكون هذه المجالس سرية أو مكتومة لا يعلم عنها أحد.. إلا المسلمين فقد عدا عليهم الزمان فصاروا في خبر كان. وأقول إلا المسلمين متمسكا بالاسم هوية وعنوانا ولا أريد أن أصير إلى تفريع وتقريع.

إن الشماتة في المفتون الذي مثل دور المفتي الزائف المزيِّف، لا يجوز أن يشغلنا عن حقيقة ما نزل بنا، ولا عن بشاعة ما يراد لنا، وبعضنا - مع الأسف- عن حقيقة الأمر غافلون ..

إن أخطر ما مثله المفتي المفتون ، إحداث القطيعة المجتمعية بين المسلمين في سورية وبين المرجعية العلمية والفقهية التي يجب أن تمثلهم، وأن تهتم بشؤونهم، وأن ترعى مصالحهم الشرعية، فيما يستجد من أحكام. وكان مع الأسف المثلَ السوء للفقيه السوري على مستوى العالمين العربي والإسلامي!!

لقد مثل المفتون حالة من الفصام النكد، ساخت في زبد الشخصانية والفساد والانتهازية جعلت كل صاحب دين وخلق سوري ينشد متحسرا: ياملح البلد...!!

وسهل فساد هذا وفئته من الذين يجب أن يزينوا الصلاح للناس، ويحملوهم عليه، على الناس الانخراطَ في منظومة الفساد، فاخترع بعض رجال الأعمال الذين يملكون بعض الوازع في نفوسهم لهؤلاء الفاسدين لقب " قاضي الحاجات" فهم لا يدفعون رشوة مباشرة لأحد، وإنما يدفعون " للمفتي" مع الاعتذار للقب، فيقوم هو بتولي كل العمليات القذرة عن الراغبين ،فاسدين ومتعللين بالاضطرار!!

ومنذ أن فقد الناس الثقة في الفقيه ، وفي مركز الافتاء بشكل خاص، فقدوا الثقة في الدين والفقه..وأكثرهم راح يغني: يحرم عليكم الصهباء ظهرا ويشربها على عمد مساء..!!

ثم كان من المفتون أيضا وعليه من الله مايستحق، أن مهد الطريق أمام ما أراده منه مشغلوه وموظِفوه، وأنا هنا لا أتحدث عن موقف سياسي، وإنما أتحدث عن تصريحه يوم امتلكه غروره ونرجسيته، فقال على الملأ وأنا أسمعه، إنه المفتي العام ، وليس مفتيا لأهل السنة فقط، فأشرك الخارجين على ملة الإسلام في أمرنا، ولم يشركوه في أمرهم. وهذه الخطوة الخطيرة هي التي يستكملها بشار الأسد اليوم، حتى نعي حقيقة ما يريد المرسوم الجديد، وتضيع فتوانا بين أصحاب الملل والنحل والمذاهب والمرجعيات المعلنة والخفية، ..بشار الأسد اليوم يحول تصريح المفتون المأفون العابر، إلى مرسوم جمهوري يريد أن يفرضه واقعا على المسلمين.

نحن نحفظ ويجب على كل سوري أن يحفظ فتوى أهل الفتوى منا عن أقوام بين ظهرانينا لا نضيق بوجودهم، - ولهم دينهم ولنا دين - كانت فتوى أهل الفتوى الصادقين فينا : ألا نأكل ذبيحتهم، ولا تنكح بناتهم، ولا ينكحون بناتنا..ولا يكرهوننا على أمر ولا نكرههم. وأصبح هؤلاء بفضل المرسوم الجديد من صانعي فقهنا ومصدري الفتوى باسمنا..

إن الفتنة التي فتح بابها المفتون ستبقى السئة السيئة الجارية ، تتقلب في عنق المفتون، كلما تقلب في قبره إلى يوم الدين...وكذا في عنق مؤيديه ومتابعيه. ومن يقول له : لعا وقد عثر ..

بالأمس يهمس لي أحدهم إن المعركة اليوم مع المشيخة الحلبية!! فقلت له ألا سحقا وبعدا وخسارا لكل الحمقى ولكل المنافقين...وسحقا وبعدا وخسارا لنتن العصبية حيثما صدر..

وما آل إليه الأمر اليوم، وحسب المرسوم الأسدي، فقد صار أمر الفتوى الفقهية الشرعية الإسلامية، وأيسرها ما يخص الشهور القمرية التي عليها مواقيت المسلمين، إلى فئام من الأراذل خليط ، فيهم من يدعي الإسلام ولا تغادر بطحة الخمر جيبه، ومنهم فئام من الطوائف والملل والنحل ومن كل من يخطر في بالكم سيشارك في صنع فتوانا الشرعية غدا ..فيقول باسم الله واسم رسوله ثم باسمنا جميعا: هذا حلال وهذا حرام ، مفترين على الله الكذب.

ومنهم شارب الخمر، ورافع راية الثأر للحسين ،والمدّعي أن لله ولدا، ومؤله علي، والقمر صورته، ومقدس العجل، والقائل بنسخ الصلوات والصيام والحج. " لكل نبي مضى شرعة وهذي شرعة هذا النبي" وربما ومن يدري وعابد الشيطان في صورتيه القديمة والحديثة...

كل أولئك سيتحكمون في فتوانا الشرعية غدا !! في دمائنا وأعراضنا وأموالنا ويومنا وغدنا...فهل نعقل ماذا يريدون!! وسيتبقى لهم مراجعهم في دهاليزهم وسراديبهم يخططون لهم ما به يحكمون..

شيء واحد ينقص كوكتيل الخبث هذا أن ينضم إليه " بلعام بن باعوراء" ليكتمل العقد ويصبح ما كان تخاريف على أرض الشام أمرا واقعا لا قبل لنا بدفعه...دين الماسونية الخليط الخبيص...

أيها المسلمون على أرض الشام الحبيب:

أنادي على المسلمين وأنا أعتقد أن إلجاءنا إلى رفع راية "أهل السنة "هو تراجع وانكسار. وإلجاء إلى ما لانريد. نحن المسلمون ومن عدانا عدانا...وعلى هذا فلتستقر الأمور

أيها المسلمون على أرض الشام الحبيب، توقفوا عن الشماتة في أنفسكم ...في إعلان الشماتة في شخص المفتون المأفون المولي كما أمس الدابر، فالمعركة معركة الغد وليست معركة الأمس, والمعركة معركة وجود وهوية ودين وشريعة، وليست معركة تعريد وتغريد ..

وإن الخطوة التي أقدم عليها القاتل المريب بشار الأسد " بإلغاء منصب المفتي العام " الذي ظل يحتفظ بألقه حتى حكم البعث، لتشبه إلى حد كبير ما أقدم عليه الاتحاديون الكماليون يوم محو موقع الخلافة من تاريخ الإسلام والمسلمين..فاعتبروا بهذا ولا تغفلوا عنه أو تنسوه

لن يجادلكم بشار الأسد طويلا بعد اليوم في إسلامية الدستور والقانون وقد علق درر الشريعة في أعناق االخنازير .. وكم رددها حجة الإسلام رحمه الله تعالى: لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير...

إن إقدام بشار الأسد على هذه الخطوة المتهورة المقيتة في هذا التوقيت الصعب من تاريخ الشام لهو أكبر من خطوة إجرائية أو سياسية بل هي استجابة مباشرة لثمن بقائه الذي يريده منه بنو صهيون ..

هي خطوة حقيقة على طريق التغيير الديموغرافي، وتكريس سورية وطنا للمتجانسين، وطمس الهوية، وتمييع الحقيقة الدينية والشرعية ..!!

ونداؤنا أولا لمن كانت فيه بقية من علماء الشام:

أن يفيئوا إلى ربهم، ثم إلى عقولهم وإلى رشدهم ، وأن يتوقفوا عن التنابذ، والتستر بالتعلات..

ونداؤنا لكل علماء الشام الأخيار

أن يبادروا إلى استدراك ما فرط ـ وأن يسارعوا إلى تشكيل مرجعية فقهية علمية لكل المسلمين الحقيقيين في سورية ، تمثل كل الأخيار على كل المنعطفات...وتحمل عبء الفتوى الشرعية للفرد، وللمجتمع، وللدولة، ولليوم وللغد ، ولما يجوز ولما لا يجوز ..

وأنتم أيها المسلمون السوريون الأحرار الأبرار

لا تجعلوا من الشماتة في المأفون المولي مدخلا للشماتة في أنفسكم وفي إسلامكم، وتنبهوا لما يجري عليكم، ولما يراد بكم ..

فالأمر والله جد خطير.. وليكن جهدنا اليومي هذه الأيام منصبا على حماية عنوان مرجعيتنا، من أن يمحى، وأن يميع، وأن يصبح في خبر كان ...

ويرسل لي أحدهم إن الدعوة إلى "مجلس للإفتاء جماعي" كان يوما من اقتراح بعض العلماء الصادقين، وتداول هذا الخبر في هذا الظرف محاولة قاصرة للتدليس والتمييع وتهوين المصاب وتمرير المصيبة ..!!

إن إسناد عملية الفتوى ولاسيما الفتوى العامة في المهمات إلى "مجمع فقهي علمي إسلامي" شيء، وتمييع أمر الفتوى الإسلامية بإسنادها إلى شعيط ومعيط ونطاط الحيط شيء آخر ..فليعلم هذا من مرسوم بشار الأسد الذين لا يعلمون، ويرددون كلاما ولا يفقهون..

انطقوا أيها الصامتون ..

تحركوا أيها الساكنون..

اغضبوا أيها المتمسكنون..

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غضب لله لم يقم لغضبه شيء.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين