فوائد ومختارات من كتاب فصول إسلامية للطنطاوي (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه فوائد ومختارات من كتاب "فصول إسلامية" للشيخ علي الطنطاوي، المنشور عن دار المنارة- جدة، ط1- 1429.

1- شمولية الإسلام:

مَيْزة الإسلام أنه ليس دينا فقط؛ بل هو دين، وهو تشريع، وهو أخلاق، وهو سياسة، وهو علم. افتحوا أي كتاب من كتب الفقه تروا فيه باب العبادات، وهذا وحده الدين في عرف الأوروبيين، وباب المعاملات، وهذا هو القانون المدني، وباب العقوبات، وهذا هو القانون الجزائي، وباب المناكحات، وهو قانون الأحوال الشخصية، وأحكام الإمارة والبيعة، وهو الدستور؛ أي القانون الأساسي، وباب الجهاد، وهو القانون الدولي. ص11.

2- محب الدين الخطيب والحركة الإسلامية:

محب الدين الخطيب.. أبو الحركة الإسلامية الجديدة في مصر؛ كان قلمه أول قلم دعا إليها، وكانت مطبعته السلفية أول مطبعة وقفت عليها، وكانت مجلته الفتح أول مجلة إسلامية في مصر. ص24.

3- الشيخ المجدد حسن البنا:

كان مجدد الإسلام في هذا العصر، وكان من نوادر الدنيا وآحاد الدهر، وما أظن أني سأرى مثله أبدا. ص32.

4- القانون الفرنسي والإسلام:

ثبت ثبوتا مؤيدا بالوثائق والمستندات أن القانون المدني الذي وضع بأمر نابليون والذي انبثقت عنه قوانين أوربة كلها قد استند واضعوه إلى كتب الفقه الإسلامي، أخذوها من مصر أيام الحملة الفرنسية. ص34.

5- التأليف بين الماضي والحاضر:

إن من العار أيها السادة أن تترقى أساليب التأليف في كل العلوم ونبقى نحن في علومنا على ما كنا عليه، إن الذين كتبوا هذه الشروح وهذه الحواشي وهذه التقارير عظماء أجلاء لأنهم أنتجوا شيئا وعرضوه على أحسن شكل يألفه عصرهم، وليس عليهم ذنب، ولكن الذنب علينا نحن الذين لا يؤلفون ولا يشتغلون ولا ينتجون، وإنما يعيشون عالة على أجدادهم كهذا النبات الطفيلي الضعيف الذي يتمسك بأقدام النخلة الباسقة. ص62.

6- كتاب "حياة دزرائيلي" لأندريه موروا:

أشهد أني وجدت فيه مواقف تركت في نفسي أبلغ الأثر وهاجت عاطفتي أكثرَ مما تَهيجها أقوى القصص، وشعرت لما فرغت منه كأني كنت في عالم مسحور، فيه متاع للعقل ولذة للروح. ص65.

.. لقد خرجت من قراءة هذا الكتاب وأنا أزهد ما يكون إنسان بالشهرة والمجد، وأفهم ما يكون لغاية الحياة وحقيقتها، وأنها إن لم تكن مزرعة للآخرة لم تكن شيئا، وأن مسراتها أوهام ومُتَعها سراب وكل ما فيها إلى زوال، إلا ما كان لله فهو الباقي. ص72.

7- أهمية الأدب لطالب العلم:

من ابتعد عن الأدب ولم يتمرس بأساليب البلغاء لم يأت منه خير، لأن علمه يقتصر عليه فلا يقدر على بثه بقلم ولا بلسان.ص90).

8- منابرنا ومنبره صلى الله عليه وآله وسلم:

كان للرسول صلوات الله عليه منبر واحد، درجات من الخشب ليس فيها براعة النقش ولا فيها روعة الفن، وليس عليها قبة ولا لها باب، دعا منها فلبت الدنيا واستجاب العالم، وترك بها على الأرض أعظم أثر عرفه تاريخ الأرض.

وعندنا اليوم مئةُ ألف منبر مبثوثة ما بين آخر أندونيسيا وآخر المغرب، كلها مزخرف منقوش استنفَد جهد أهل العِمارة وعبقرية أهل الفن، وفيها المكبرات والإذاعات تحمل الصوت منها إلى آفاق الأرض فيُسمع خطباؤُها الملايين، ولا نرى لها -مع ذلك- أثرا في إصلاح ولا عملا في نهضة. ص99-100.

9- العربية والإسلام في المدارس الرسمية:

إذا أنت فتشت عن هذين الجوهرين الكريمين "العربية والإسلام" في المدارس الرسمية لم تلق منهما إلا ما تلقى من حبات الذهب في تل الرمل، ومن حُرِّ اللآلئ في أصداف البحر. ص163.

10- ظُلم المعتزلة مرتين:

ظلم المعتزلة مرتين: ظلموا أنفسهم حين سخَّروا ما كان من السلطان في أيديهم لسلب الناس حريتهم في التفكير، وإكراههم على الإيمان بما لا تنطوي عليه جوانحهم، وشَغلهم بمسائل تافهةٍ جدا؛ كمسألة خلق القرآن، حتى كانت تلك النكسة في تاريخنا العقلي، وظلمهم التاريخ لأنه دون أخبارهم بعدما خفتت أصواتهم وعلت أصوات خصومهم من الحنابلة، فاستمد ما قاله عنهم من أقوال الخصوم وحدهم. ص175-176.

11- "رسالة التوحيد" لمحمد عبده:

نالت من التقريظ والثناء والدِّعاية ما لا تستحق -على جودتها- عشره؛ لأنها ليست إلا تهذيبا لكتب الكلام، ليس فيها من جديد إلا حسن الصَّوغ وجمال العرض، وفيها أشياء ليست من التوحيد في شيء: مباحث عامة، ومسائل من الفقه، وأطراف من التاريخ. ص177.

12- مراتب المؤلفين والباحثين:

المؤلفون والباحثون على أربع مراتب:

مرتبة من يجمع الصحيح والسقيم ويحشد كل ما يراه في الموضوع، كالسيوطي.

ومرتبة من يجمع النصوص ويحقق إسنادها ويرويها مجتمعة، كالشوكاني.

ومرتبة فوقها هي مرتبة من يرتبها ويشرحها ويستنبط منها ويعلق عليها، ويصوغ من ذلك بحثا كاملا، كابن تيمية.

ومرتبة فوق الثلاثة هي مرتبة من يحيط بذهنه بها ويفهمها ويهضمها، حتى تكون كأنها فكرته هو، ثم يعرضها عرض الرجل فكرته، يملكها ويتصرف فيها ويديرها على أوجه البيان ويمرها في شتى الأساليب، كالغزالي. ص179.

13- "المصطلحات الأربعة في القرآن" للمودوي:

هذه الرسالة إذا أعيد النظر في ترجمتها وهذبت ووسعت، تصلح أن تكون كتاب التوحيد الرسمي في مدارس المسلمين كلِّها، وهي على كل حال من أحسن ما بين أيدي الناس من رسائل في التوحيد. ص181.

قلت (بسام): والشيخ قد أبدى جملة من الملاحظات على الرسالة تُنظر (ص179 وما بعدها).

14- عظمة الجامع الأزهر:

هل في الدنيا معهد علم له قدم الأزهر، وعظمة الأزهر، وأثر الأزهر في الفكر البشري وفي الحضارة الإنسانية؟ أي معهد يجر وراءه أمجاد ألف سنة؟ ما الجامعات؟ إنهن بنات اليوم والأمس، والأزهر لِدَة الدهر، تكسرت على جدرانه أمواج القرون وهو قائم، وارتدت عن بابه هجمات الجهالة والضلالة والشهوات والأوهام، غالَب الفناء وزاحم الزمان في طريق الخلود، وكان الأفق الذي أطلع شموسا وأقمارا، وأخرج للدنيا نجوما كانت هدى للسالكين. ص243-244.

وقال الشيخ في مقال "ماذا يراد بالأزهر" ردا على طه حسين:

الأزهر الذي وقف في وجه الزمان، وتكسرت على جدرانه أمواج الأحداث، ولم تَلْوِ به ولم تزعزعه نكبات الشرق ولا نكبات الغرب، لا جحافل المغول نالت منه ولا جيوش الصليبيين، أفتكون نهايته أن يقضي عليه الحكام المسلمون في البلد المسلم؟

أبعد ما لبث أكثر من ألف سنة؟ هل في الأرض جامعة نيَّف عمرها على الألف سنة؟ ألف سنة! كم أقيم فيه خلالها من صلاة؟ كم ألقي فيه من دروس؟ كم ظهر فيه من علماء؟ كم انبثق عنه من مصنفات؟ كم أحيا بالعلم عقولا كانت ميتة؟ كم أنار بالموعظة قلوبا كانت مظلمة؟ كم صُفَّت على ثراه أقدام تقوم فيه وراء سُجُف الظلام لا يدري بها إلا الله؟ كم وُضعت عليه من جباه كريمة ما كانت تذِل في طلب الدنيا لأحد؟ كم ارتفع من جوف الأزهر في جوف الليل من دعاءٍ صادق من قلبٍ مخلص، فمضى يشق الفضاء حتى يصل إلى الله؟ كم تلي فيه من قرآن من لسان ذاكر وفؤاد شاكر. ص252-253.

15- من جهالات المقلدين:

من جهالات المقلدين اتخاذهم القرون الوسطى رمزا للتأخر والانحطاط والجهل، وإنها لكذلك ولكن في أوربة، أما عندنا فالقرون الوسطى هي عهد الحضارة الإسلامية. ص254 حاشية.

16- مع طه حسين:

أنا أعرف أن طه حسين مولع بالخلاف مذ كان طالبا في الأزهر، فاستطال عليه طريق التحصيل فتركه وقفز من فوق السطوح كي يبلغ الغاية بلا كد ولا تعب، إلى أن صار شيئا كبيرا يشار إليه بالبنان ويَعجب به الأغرار والشبان، وأنه ما نال ما نال من ذيوع الاسم وعلو المنصب إلا بهذا؛ لا ببلاغة أسلوب، فأسلوبه أبعد الأساليب عن البيان المشرق والمعنى البكر والمجاز العبقري، ولا بتصرف في فنون القول، فليس له إلا ثوب واحد للشتاء والصيف والبيت والمدرسة يخرج فيه إلى الشارع ويدخل به في الفراش، أسلوب واحد للقصة (وما نجح في قصة قط)، وللبحث وللوصف (وليس بالوصاف)، وللمقالة السياسية.. ولا بأثر خالد، فكل آثاره من الأدب الوسط، ليس فيها أشباه الأجنحة المتكسرة (على ضعف أسلوبها)، ولا (في المرآة) على تكلف فيها، ليس له صناعة الزيات، ولا استعارة الرافعي، ولا سلالة المازني، ولا طبع أحمد أمين، ولا فكر العقاد، ولا فتنة الجمال في أسلوب زكي مبارك، ومتى ارتفعت عن عيون الشباب غشاوة التقليد رأوا أن هذا الذي أقول هو محض الحق.

ما عنده إلا المخالفة؛ إن ذهب الناس يمينا ذهب شمالا، وإن أقبلوا على شيء أدبر عنه، وإن أدبروا عنه أقبل عليه إن قالوا إن القرآن حق وصدق قال هو "في الشعر الجاهلي": إن للقرآن أن يحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل ولكن ليس علينا أن نصدق ما يقول القرآن لأن القرآن ليس كتاب تاريخ! وإن قالوا: امرؤ القيس ومجنون ليلى قال: ما كان قط امرؤ القيس ولا مجنون ليلى، وإن رأوا الأزهر مفخرة مصر وشرفها وعزها قال: أغلقوا الأزهر وأريحونا منه، ولا يريد بذلك كله إلا أن يُتحدَّث عنه، ولو باللعن كما يتحدث عن إبليس! كلما سكت عنه الناس طلع بحماقة جديدة من حماقاته فتكلموا فيه، والدليل على أن هذا مراده وأنه لا يعتقد شيئا، وأنه ليس مؤمنا ولا كافرا ولا محافظا ولا مجددا وإنما هو طالب شهرة= أنه يرجع آخِرا فيكذب نفسه في كل ما قاله أولا؛ كذب القرآن ثم رجع يصدق القرآن، وأنكر الشعر الجاهلي ثم عاد يشرح الشعر الجاهلي، وسينسى غدا ما قال في إغلاق الأزهر ويكون من خطباء الاحتفال الكبير بانتصار الأزهر على هذه الحملة الجديدة (كما انتصر من قبل على حملات لا تعد هذه إن قيست بها شيئا). ص255-256.

17-كتاب "التبشير والاستعمار":

اقرأ كتاب "التبشير والاستعمار" للأستاذين الخالدي وفروخ، وهو كتاب عظيم أرجو ألا تفوت مسلما متعلما قراءتُه ليرى أن هذه الجامعة [يقصد الجامعة الأمريكية في بيروت]كان اسمها الكلية الإنجيلية، والغاية منها التبشير، والأموال التي أقامتها أموالُ المبشرين، ولكنها لما عجَزت عن إدخال أبناء المسلمين في النصرانية اكتفت بإخراجهم من الإسلام. ص259-260 حاشية.

18- خط الحضارة الإسلامية:

كل شيء يا سادة، كل شيء في الدنيا يولد ضعيفا، ثم ينمو، ثم يعود إلى الضعف، فإذا رسمنا خطا بيانيا لسير الحضارة الإسلامية نجده يبقى صاعدا إلى القرن الرابع، ثم يمشي مستقيما إلى السادس، ثم ينحدر انحدارا خفيفا إلى القرن التاسع، ثم يسرع بالنزول، حتى إذا جاء القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر الذي أحدثكم عنه يكون قد وصل إلى الحضيض.

لقد كان القرن التاسع قرن الجمع؛ لقد انتهى وقت الزرع والحصاد وجاء موعد الخزن، في القرن التاسع جمعت الثمرات وخزنت مكدسة مختلطة في معالم "دوائر معارف" في مثل "الإتقان" في علوم القرآن، و"المزهر" في علوم اللغة، و"نهاية الأرب"، و"صبح الأعشى" وأمثالها، وفقد الابتكار تماما، وصار العلم تَكرارا وإعادة، وصار الفقه أحكاما بلا دليل، والفقيه رواية بلا اجتهاد، والنحوي حافظا بلا ملكة، والبلاغة أبعد شيء عن صناعة البيان، والأدب صار مقتصرا على حِكم ابن الوردي وقصائد عصر الانحطاط، ونُسي شعر جرير وبشار وأبي تمام والبحتري، وقامت النهضة في أوروبا وفتحت مناهج جديدة في التفكير وكانت كشوف في العالم، وكان علينا عملا بتوجيهات ديننا أن نأخذ بها لأن الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها التقطها، ولأن الاستزادة من العلم من واجبات شريعتنا، ولكن كان يحكمنا العثمانيون، والعثمانيون الأولون كانوا مسلمين حقا، فتحوا الفتوح الكبار ورفعوا راية الإسلام وأقاموا ثالث الدولتين الكبيرتين: دولة بني أمية بن عبد شمس ودولة بني العباس بن عبد المطلب، ولكنهم كانوا في ميدان الكر والفر أبرع منهم في ميدان العلم والفكر، فلم يلتفتوا إلى هذه النهضة ولم يأبهوا لها، ولم يهتم بها العلماء والباحثون، فتقدم العالم ونحن واقفون في مكاننا مغترين بما عندنا، نحسب أن الدنيا لا تزال كما كانت أيام الحروب الصليبية، وأن علومنا وجهالتهم لا تزال كما وصفها البطل أسامة بن منقذ في كتابه "الاعتبار". ص280-281.

19- الشهوات والشبهات:

إن أعداء الإسلام دخلوا علينا من بابين: باب الشبهات وباب الشهوات، والشبهات أخطر بنتائجها لأنها تؤدي إلى الكفر، ولكن الشهوات أشد بطبيعتها؛ إذ إن الشُبَّان لا يستجيب منهم للشبهة إلا قليل، أما ما يثير الغرائز ويحرك الرغبات فيلقى الاستجابة عند الجميع، وإن كان منهم من يصبر ويقاوم ويطوي جوانحه على مثل النار الآكلة ابتغاء ثواب الله وخوفا من عقابه.

الأولى كالمرض الذي يقتل ولكن عدواه بطيئة والوقاية منه ممكنة، والثانية كالمرض الذي يُضني وإن كان لا يُفني، ويُضعف وإن كان لا يميت، ولكن عدواه سريعة والتوقي منه صعب. ص297.

20- كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين:

قاسم أمين لم يأت بكتابه "تحرير المرأة" ابتداء، بل سبقه إلى أكثر ما فيه مرقص فهمي القبطي، وأشار إليه اللورد كرومر على أنه من أماني الإنكليز. ص298.

21- سبيل الفساد:

وسبيل الفساد المثمثل في العنصر الاجتماعي مر على مصر من خمسين سنة، وعلى الشام من خمس وعشرين أو ثلاثين، وقد وصل إليكم [والكلام لأهل السعودية] الآن، فلا تقولوا: نحن في منجاة منه، ولا تقولوا: نأوي إلى جبل يعصمنا من الماء، ولا تغتروا بما أنتم عليه من بقايا الخير الذي لا يزال كثيرا فيكم، ولا بالحجاب الذي لا يزال الغالب على نسائكم، فلقد كنا في الشام مثلكم، إي والله، وكنا نحسَب أننا في مأمن من هذا السيل، لقد أضربت متاجر دمشق من ثلاثين سنة او أكثر قليلا وأغلقت كلها، وخرجت مظاهرات الغضب والاحتجاج لأن مديرة المدرسة الثانوية مشت سافرة، إي والله، فاذهبوا الآن فانظروا ما حال الشام!

دعوني أقل لكم كلمة الحق، فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس: إن المرأة في جهات كثيرة من المملكة قريب وضعها من وضع المرأة المصرية يوم ألف قاسم أمين كتاب "تحرير المرأة"، فلا يدع العلماء مجالا لقاسم أمين جديد. ص298-299.

22- حقيقة لا نزاع فيها:

إن علينا أن نُفهم الفتاة العربية أو الفتاة المسلمة حقيقة لا نزاع فيها، سمعنا عنها من الثقات ورأيناها، رأيتها أنا في أوربة رأي العين، وهي: إن المرأة في أوربة ليست سعيدة ولا مكرَّمة، إنها ممتهنة، إنها قد تكرَّم مؤقتا وقد تربح المال ما دام لديها الجمال، فإذا فرغوا من استعمال جمالها رمَوها كما تُرمى ليمونةٌ امتُص ماؤها، فكيف نُفهم المرأة عندنا هذه الحقيقة؟ كيف نقنعها بأن الإسلام أعطاها من الحق وأولاها من التكْرِمة ما لم تنل مثلَه المرأةُ الأوربية أو الأمريكية، وأنه صانها عن الابتذال ولم يكلِّفها العمل والكسب؟. ص301.

23- خلاصة الموقف من الحضارة الغربية:

إن الحضارة الغربية المعاصرة قد خالطتنا وغلبت علينا، شئنا أم أبينا، وقد فاجأتنا مفاجأة أزاغت أبصارنا وأفقدتنا ملَكة الحكم عليها فترة من الزمن، انقضت الآن وصرنا نستطيع أن نحاكمها وأن نفرق بين خيرها وشرها، فلا نرد خيرا لأنه جاء من عند غيرنا، ولا نقبل شرا لأن أصحابه أكثر حضارة منا.

فما يفسد العقيدة أو يخالفها، وما يُطلق الشهوات أو يدعو إلى هتك العرض وتقليل النسل وضياع العفاف وارتكاب المحرمات= فهذا يجب وجوبا لا تساهل فيه أن نرفضه، وإن كان قد وصل إلينا وداخلَنا فعلينا أن نتخلص منه وننأى عنه، وأن نفكر تفكيرا جماعيا شُوريًّا بأسلوب هذا الرفض وفي طريق هذا الخلاص المنشود، وما كان من العلم بقوانين الطبيعة وسنن الله في هذا الكون فعلينا أن نُقبل عليه وأن نجِدَّ فيه، وألا نكتفي منه بالعلم النظري، بل نجمع معه التطبيق العملي. ص302.

تمت بحمد الله

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين