السَّعادة

د.محمد إياد العكاري


كلمةٌ ولاأحلى،ومفردةٌ ولاأبهى،نبحث عنها في كلِّ مكـانٍ ونسعى حثيثاً إليها، ونستميت للوصول لها،ولكننا وياللأسف الكثير منَّا لايعرف معناها ،ولايجدها.؟! بل لايهتدي إليها!!إمَّا لعلةٍ بنا،أو لقصورٍ فينا،أو لنزعة الأنا تتملَّكُنا؟!وكم تُفسدُ تلك الأنا علينا حياتنا وتنغص علينا كذلك أيَّامنا وليالينا ؟!أجل والسَّعادةكينونةًوحقيقةً  تعيش معنا ،وتحيا بيننا، وتسكن أعماق قلوبنا ولكن هيهات هيهات ندركها ونركب مطاياها دون كدٍ وجهدٍ ومضٍ ونبضٍ  .
 فالسَّعادة كلمةٌ مدلولها جدَّ عظيم ومفرداتها كريمة،وليتنا نتعرَّف عليها،ونُحيطُ بها،وندرك مكنونها ومفرداتها ،ونستكشف حقيقتها لنحظى بما يفرشه علينا ظلالها من منن ،وننعم بما يُظلِّلنا به فحواها من سرورٍ وهناء .فالسَّعادة رضىً واطمئنان، ويقينٌ وإيمان،ورقيٌ بالنَّفس، وتألُّقٌ بالرُّوح ،وعطاءٌ من مداد الفؤاد لترفرف الرُّوح بالخير ،وينبض القلب بالبر،وتُشرق النَّفس بالإحسان.ليرقى المرء منَّا إلى أحسن حالاته في علاقاته، وتعاملاته ،في أشواقه، وتطلُّعاته.أجل والله هو ذاك
فالسَّعادة قصرٌ منيف نبنيه داخل ذواتنا، وكياننا، قصرٌ نرصفه بالرِّضى واليقين،ونبنيه بالمشاعر والأحاسيس،ونرفع دعائمه بالحبِّ والبر.يكون لنا كما نريده أن يكون بعطاءاتنا،وبذلنا،بمشاعرنا،وعواطفنا ،لنخضب حياتنا بالخضرة والجمال بمداد قلوبنا فيه،ونجعل حياتنا رحاباً وقصوراً بسعة صدورنا به لنلقي مايعتامنا من كدر الحياة ومنغصَّاتها  لنكحِّلها بنبض حنايانا وجمال أرواحنا فيتسع لدينا الأفق والمدى .أجل نشعل قناديل الحياة  بسكب الألق والنور في مشاعرنا لنجعلها شموساً في أيامنا ،وبُدُوراً في ليالينا  لنصنع السَّعادة بجوارحنا وأحاسيسناويالها من تطلُّعات نرقى ونسمو إليها ونحلِّق في فضاءاتها.
 أجل السَّعادة قصرٌ منيف، جدرانه القلوب والمشاعر،وأرضيته اليقين ونور البصائر،وركائزه الإحسان وروائع النَّبض مسكوباً بجميل الفِكَر والخواطر .
هو بيتٌ حسيٌ فسطاطه الأحاسيس والصَّفاء ،وأروقته النُّبل والوفاء،أسه التعامل الراقي بحبٍ وصدق، وودٍ وبشر.
هذا البيت الجميل يُفسده الحديث عن كدر الماضي ،والخوض فيه، ويؤنسه الصفح و العفو، ويُسعده النُّبل والفأل،هو بيتٌ لايعرف النَّكَدُ ولامحلَّ فيه للغضب،وليس للغيبة والنَّميمة فيه وجودٌ،لايعرف الغلُّ والحِقد أبدا،ولايقربه البغض والظنُّ ،معافىً مبرأٌ من العيوب ، وإن كان حصل ولابدَّ  فالحكمة والعقل والحلم والأناة ،واليقظة الدائمة تقطع سُبُل الشَّيطان إليه، وتسدُّه عليه فما أجلَّه وأجمله من بيت مزداناً دائماً بالحلم والأناة،ومكتحلاً دوماً  بالبرِّ والحبِّ ،يُجمِّله الصَّبر واليسر والإيمان والإحسان.
هو بيتٌ جميلٌ رائعٌ مبتغى كل امرئٍ ،وأمل كلِّ أسرة ،ومنية كلِّ زوج ،وأمل كل بيت بناؤه رحبٌ واسع،فضاؤه طلقٌ شاسع ، لاتحدُّهُ حدود يضمُّ إلى رحابه نجوم وأقمار السعادة أُفُقُهُ يجتاز المدى ويسع الدُّنيا والآخرة.أجل والله السَّعادة قصرٌ منيف، مناره الحب،وقوده القلب ،نبضه الأنس،حسُّه النقاء، مرآه الجمال ،كلُّ فضاءاته خيرٌ وبرٌ حينذاك ترفرف طيور السَّعادة فيه بالأمن، والسَّلام ،والحُبِّ ،والوئام على الدَّوام ألا ليتنا نسكنه بمشاعرنا وأحاسيسنا، ونعيش فيه بقلوبنا وأرواحنا ليتنا... ليتنا ...ليتنا ...والحمد لله ربِّ العالمين         

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين