الأدب الإسلامي.. والأدب العربي

الأدب الإسلامي هو بمعنى من المعاني أدب عربي، ليس لكونه يكتب بالعربية، فإن هنالك حلقات خصبة من هذا الأدب كتبت وتكتب بالأردية والتركية والفارسية والكردية.. إلى آخره، من شعوب الأمة الإسلامية، ولكن لكونه يحمل الهموم نفسها، ويتشبث بالمصير الذي ضيعته رياح التشريق والتغريب.. رغم كون مساحات واسعة من الأدب العربي اختارت أن تصير مرآة لأدب (الآخر).. مسخاً لا يملك شخصيته المستقلة وحضوره المتميز، وهذا يلقي على عاتق الأدب الإسلامي مهمة أخرى؛ هي أن يرجع بالأدب الإسلامي العربي المعاصر إلى أصالته، وأن يمنحه نسغاً يجعله ينبض بهموم العربي والمسلم، وليس بالترف الفكري أو الإبداعي للإنكليزي والروسي والفرنسي والأمريكي.

عالمياً؟! لن يكون لأدب أية أمة في الأرض ثقل أو وجود على الخارطة ما لم ينطلق من خصائص هذه الأمة ورؤيتها وصيغ تعاملها مع الكون والحياة والإنسان.. والعالم لا يحترم من يعيد إليه بضاعته المعروفة مزجاة.. من يردها إليه ولا جديد فيها أو إضافة عليها.. إنما هو يمد يده ويفسح المجال أمام أولئك الذين يعدون بشيء جديد.

هذه مسألة معروفة في التقاليد الثقافية، وسنن التاريخ والحضارات، ولكن يبدو أنها غامت على الكثيرين في ديارنا بسبب الكم الهائل من المعطى الأدبي في ديار العروبة والإسلام، والذي لا يعدو في معظمه أن يكون استمراراً للأداء الغربي.. إن الأخذ عن الآخر ممكن، بل هو ضروري، ولكن شرط ألا يكون على حساب الثوابت والتأسيسات.

الخطاب الأدبي الإسلامي ليس خطاباً دينياً بالمعنى المحدود.. إنه خطاب عقدي وإنساني في الوقت نفسه.. ففي دائرة الإسلام ليس ثمة انفصام بأي شكل من الأشكال بين الإنسان والعقيدة، خاصةً إذا تذكرنا أنها ليست كالعقائد الأخرى، وأنها مهندَسَةٌ من لدن حكيم خبير على حجم الإنسان ومطامحه ومهماته الكبرى في هذا العالم.

مجلة الأدب الإسلامي، العدد 112

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين