دراما وكوميديا بين البياض والسواد

تتمتع الدراما السورية ببعض الأفضلية على غيرها من العربية وفق بعض النقاد. وبعيدا عن تلك الأفضيلة! فهي كغيرها تقدم نماذج السَّوء في الغالب على أنها الواقع الطبيعي أو أنها الواقع المأساوي المألوف والمنتشر فلا جدوى إلا في قبوله..

من "كأسك يا وطن" حتى "بقعة ضوء" وأضرابه من الأعمال هي كوميديا سوداء؛ في كثير من حلقاتها ترسخ بعض مآسي المجتمع وتُطبع المجتمع مع تلك المآسي... وتجعل المواطن المسكين راضيا عن بؤسه.. متأقلما مع ظالمه.. متصالحا مع لصوص الوطن...

فهي سم أسود في قالب الدراما والفن زعموا!

وأظن أنّ ما تركته كثير من المشاهد من تأثير سلبي في عقل المجتمع له تبعات كبيرة وكبيرة جدا.

وأبسط مثال لذلك

يبتدئ المشهد (مع تغيب متعمدٍ لنماذج الإصلاح الناجحة والفاعلة الحقيقية التي يراها الناس ويعيشونها)

فيبدأ المشهد متجاوزا الواقع الصحي والنافع إلى عرض صورة من الفساد ويقابله (بصورة حصرية) محاولة اصلاح أشد فساداً؛

فيجعل المشاهد والمتابع متعاطفاً مع صاحب الفساد الأقل وفق طريقة العرض.

فإما الاستبداد أو القتل. فيكون الاستبداد خياراً للحياة.

إما الرشوة أو تعطل المصالح. فتصبح الرشوة خياراً للمصلحة.

إما فساد في التعليم أو جهل مطبق. فيصبح التعليم الفاسد خياراً للتعلم.

وقل مثل ذلك في معظم ما تقدمه هذه الدراما إلا القليل...

وليس ذلك الذي يجري في الدراما العربية ببعيد عن الفلسفة الغربية التي تعرض "البطل" على أنه المحارب الشجاع! الذي يحمل براءة الإنسان في شخصه ولكنه يسرق البنوك ويخطف الأطفال ويقتل النساء والرجال.. مقابل المال او للانتقام..

ثم في مشهد واحد "للتجميل وكسب التعاطف" ينقذ طفلا أو يطعم جائعا فيصبح الشخص النبيل الرقيق وتجعل المشاهد متعاطفا مع "البطل" اللص المجرم الخاطف، بل يجعل المشاهد يخشى على حياته ويتمنى له نجاح السطو والخطف واللصوصية. فهو لص لطيف

فيلم "الجوكر" نموذج صارخ لهذا النمط المتكرر جدا. والذي كان من أصداءه وقوع عدة اعتداءات قال مرتكبوها أنهم تأثروا ببطل الفيلم!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين